تشكل قضية وفاة الرئيس
الفلسطيني الراحل ياسر
عرفات لغزا، فبعد أن كشف تحقيق استقصائي لفضائية الجزيرة وفاته مسموما وفق ما أكده تقرير طبي سويسري، توالت التحقيقات فيما بدا أنها متناقضة، كان آخرها تحقيق روسي أعلن عن وفاة طبيعية لعرفات.
فقد أعلن اليوم الخميس رئيس الوكالة الفدرالية الروسية للتحاليل الطبية والبيولوجية فلاديمير أويبا، أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، توفي لأسباب طبيعية من دون أي تأثير إشعاعي، ولا حاجة لإجراء فحوص جديدة.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن أيوبا قوله إن عرفات "توفي لأسباب طبيعية، ولم يقتل بالأشعة"، وأضاف "أنهينا عملنا، واتفق الجميع مع نتائج فحصنا".
وذكر أنه كانت هناك تصريحات غير مبرّرة لخبراء سويسريين بهذا الشأن، إلا أنهم تراجعوا عنها وأكدوا نتائج الفحص الروسي.
وقال "هذا فحص صحيح تماماً ولا داعي لإجراء فحوص جديدة"، مضيفاً أن عرفات توفي لأسباب طبيعية من دون أي تأثير إشعاعي.
التقرير السويسري يؤكد موته مسموما
ومن جانبه قال تقرير خبراء الطب الشرعي السويسريين الذي تسلمت سهى عرفات أرملة الزعيم الفلسطيني الراحل نسخة منه، بأن العلماء عثروا على مقادير تصل إلى 18 ضعف المعدل الاعتيادي من مادة البولونيوم المشع في عينات من رفات عرفات التي استخرجت في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي بالتفاهم مع السلطة الفلسطينية.
ويشبه التقرير الثاني سابقه لجهة أنه علمي وفني صرف أعده علماء مستقلون في بلد معروف بحياده السياسي دوليا وباستقلال أجهزته البحثية وعلمائها عن أي تأثيرات أو ضغوط.
ومن شأن هذا الكشف تثبيت الشكوك حول أن عرفات مات مسموما بمادة البولونيوم، وهو ما سبق أن أثبته الخبراء السويسريون ذاتهم بعد فحص محتويات حقيبة عرفات في أيامه الأخيرة.
التقرير الفرنسي: موت عرفات لتقدمه بالسن
وقال الطب الشرعي الفرنسي الذي لم يعرض خبراءه تقريرهم علنا شأن نظرائهم السويسريين، إن "التحليل السويسري لا يقود إلى الجزم بأن عرفات مات جراء التسمم بالبولونيوم 210".
وأرجع التقرير موت عرفات إلى "التقدم في السن, والتهابات عامة في الأمعاء"، وأشار أيضا إلى النزيف الدماغي في تكرار للبيان الرسمي الذي صدر في باريس عام 2004 بعد وفاة عرفات في مستشفى بيرسي العسكري.
يذكر أن التقرير السويسري يشكل إحراجا لفرنسا. فقد مات عرفات على أرضها من دون أن يتمكن أطباؤها من اكتشاف سبب موته.
وهي التي يقوم خبراء الطب الشرعي فيها أيضا بفحص عينات مشابهة لتلك التي فحصها العلماء السويسريون.
ردا على النظرية الفرنسية
من جانبه اعتبر البروفسور فرنسوا بوشو، المشارك في صياغة تقرير خبراء سويسريين حول وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004 خلص إلى ترجيح وفاته مسمما، أنه من الصعب جدا فهم التقرير الفرنسي الذي يستبعد هذه النظرية.
وصرح بوشو، مدير معهد الفيزياء المشعة في لوزان، بأن "بياناتنا تدفع أكثر نحو نظرية التسميم مما تفعل نحو الاتجاه الآخر".
وشارك بوشو في صياغة التقرير المنشور في 7 تشرين الثاني/نوفمبر ويرجح نظرية تسميم عرفات بالبولونيوم.
لكن الخبراء الفرنسيين المكلفين من القضاء الفرنسي استبعدوا نظرية التسميم، مرجحين ان تكون وفاة عرفات طبيعية، بحسب مصدر مقرب من التحقيق.
ويفيد تقريرهم الذي لم ينشر بعد أن مادة الرادون وهي غاز مشع موجود بشكل طبيعي في البيئة، هي ما يفسر نسب البولونيوم المرتفعة التي رصدت في العينات.
وأشار بوشو الذي قرأ التقرير الفرنسي أن التقرير السويسري طرح عدداً من الحجج تعارض هذه النظرية، ولا سيما ان الرفاة الأخرى التي نبشت من المقبرة نفسها لم تحتو على نسب غير معهودة من البولونيوم.
وقام الخبراء السويسريون وزملاؤهم الفرنسيون بتنظيف عظام عرفات بعناية للتخلص من أي احتمال تلوث خارجي قبل اأخذ عينات منها وتحليلها، وعثروا على نسب البولونيوم نفسها، بحسب بوشو.
وقال: "لا أفهم لماذا يقولون من جهة أنهم نظفوا العظام بدقة وأزالوا احتمالات التلوث، ثم يفسرون من جهة أخرى قياساتهم (للبولونيوم) بالتلوث الكبير الذي يفترض أنهم أزالوه". وأضاف: "من الصعب جداً متابعة منطقهم".
أغلبية الفلسطينيين يرون أن إسرائيل سممت عرفات
وترى أغلبية الفلسطينيين أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات توفي مسموما من طرف الكيان الإسرائيلي بحسب استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله.
وأفاد الاستطلاع أن 59% من الفلسطينيين يعتبرون الكيان الإسرائيلي مسؤول عن تسميم عرفات في حين يرى 21% إنها "جهة فلسطينية أو فلسطينية-إسرائيلية مشتركة".
ونفت السلطات الإسرائيلية قتل عرفات، ويرى الفلسطينيون أنه كان على التحقيق الرسمي الذي تجريه السلطة الفلسطينية برئاسة توفيق الطيراوي أن يقدم أي أدلة.
ومع تضارب التقارير الدولية حول هذه القضية، تبقى وفاة عرفات الذي قاتل وهادن سرا.