قال قيادي مسيحي معارض لنظام بشار الأسد إن الأرمن في بلدة "
كسب"، شمال
اللاذقية الساحلية، وغيرها من المناطق
السورية بحاجة لحماية بالفعل لكن من اعتداءات قوات النظام.
وفي تصريح لوكالة "الأناضول" عبر الهاتف، قال عبد الأحد اسطيفو، عضو الائتلاف الوطني السوري، إن الأرمن في كسب بحاجة لحماية من اعتداءات قوات النظام السوري التي تقوم بقصف البلدة بكثافة بعد سيطرة قوات المعارضة عليها قبل أسبوعين.
ومنذ 18 آذار/ مارس الماضي، أعلنت فصائل إسلامية مثل جبهة "النصرة" وحركة "شام" الإسلامية وأخرى تابعة للجيش الحر، عن إطلاق معركتين باسم "الأنفال" و"أمهات الشهداء"، تستهدف مناطق تسيطر عليها قوات النظام شمالي محافظة اللاذقية (غرب) ذات الغالبية العلوية، التي ينحدر منها الرئيس السوري بشار الأسد، وأهم أركان حكمه وقادة أجهزته الأمنية.
واستطاعت قوات المعارضة السيطرة على مدينة "كسب" الاستراتيجية التي يوجد فيها سكان من الأرمن، ومعبرها الحدودي مع تركيا، وعلى قرية وساحل "السمرا" أول منفذ بحري لها على البحر المتوسط، وعدد من المواقع الأخرى القريبة منها.
وأوضح اسطيفو أن ما يروج له النظام وحلفاؤه الروس حول الأرمن في كسب هو "مبالغة"، خاصة أن عدد العائلات الأرمنية التي كانت في البلدة قبل اندلاع المعارك الدائرة منذ أسبوعين فيها لا يتجاوز الخمسين عائلة فقط.
ولفت إلى أن "المبالغة والتهويل" من قبل النظام وروسيا يدل على "التخبط والضعف" بعد العجز عن صد هجمات الثوار في جبهة الساحل.
في سياق متصل، أشار عضو الائتلاف إلى أن النظام يصور نفسه على أنه "حامي الأقليات" في سورية، في حين أنه يستخدم هذه "البروباغندا الكاذبة" في حماية نفسه.
وأوضح أن سياسة الحصار والتجويع والقصف العشوائي التي تنتهجها قوات النظام بحق الكثير من المناطق السورية لا تميز بين سكان تلك المناطق سواء أكانوا مسلمين أو علويين أو أرمن، وإنما هي "عقاب جماعي للشعب".
ويقود النظام السوري عبر وسائل إعلامه ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة لمواليه، حملة دعائية كبيرة مفادها بأن الأرمن في كسب يتعرضون لاعتداءات من قبل قوات المعارضة التي سيطرت على البلدة الحدودية مع تركيا، وعجزت قواته عن استعادتها.
وأوضح اصطيفو أن قوات النظام اعتقلت كبرئيل كورية القيادي في المنظمة الآشورية الديموقراطية (مسيحي أرثودوكسي) قبل نحو 100 يوم، ولم تفلح جميع الدعوات والمطالبات التي تقدمت بها المنظمة للنظام والروس لإطلاق سراح المعارض السلمي الذي يطالب بـ"التغيير والديمقراطية" منذ أكثر من 20 عاماً.
وطالب الائتلاف السوري المعارض، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بـ"الإفراج الفوري" عن كورية الذي اعتقلته قوات النظام في 19 من الشهر نفسه في القامشلي في شمال شرقي سورية، وما يزال معتقلاً حتى اليوم.
ويتواجد بضعة آلاف من الأرمن في سورية منذ مطلع القرن الماضي، ويتوزعون في عدة محافظات شرقي البلاد وشمالها، أبرزها دير الزور (شرق) وحلب (شمال)، وانصهر غالبيتهم في المجتمع من خلال الزواج من سوريين.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت أن على مجلس الأمن الدولي مناقشة ما أسمته "مجزرة الأرمن" في بلدة كسب السورية وإعطاء تقييم مبدئي لهذا الحدث، وذلك في بيان أصدرته قبل يومين. واستنكرت موسكو بـ"حزم" ما وصفته بـ"الأعمال الوحشية للمتطرفين في سورية" حسب قولها.
من جهته، نفى قيادي بالجيش السوري الحر أن يكون "أرمن" بلدة كسب، شمالي محافظة اللاذقية غربي البلاد، تعرضوا لأي اعتداء بعد سيطرة قوات المعارضة على البلدة، مؤكداً أن
المسيحيين الأرمن ومقدساتهم في البلدة تحت حمايتهم.
وفي تصريح لوكالة "الأناضول" عبر الهاتف، قال أنس أبو مالك، القيادي في الجيش الحر- جبهة الساحل، إن مقاتلي المعارضة من فصائل إسلامية أو تابعة للجيش الحر لم يتعرضوا لأي من السكان المتبقين في بلدة كسب سواء أكانوا من الأرمن أو غيرهم، بل على العكس اعتبروهم تحت حمايتهم وعملوا على تأمين كافة احتياجاتهم.
وأوضح أبو مالك أن مقاتلي المعارضة يحاولون في جميع المناطق التي يسيطرون عليها، تقديم أفضل صورة للتسامح وحسن المعاملة مع السكان، لكي يثبتوا لهم كذب روايات النظام التي يحاول أن يصور من خلالها بأن الحرب في البلاد بين "متشددين وأقليات".
وأضاف أن حقيقة المعركة في سورية هي بين شعب مظلوم يطالب بالحرية ونظام قتل أكثر من 150 ألف شخص خلال 3 سنوات، فضلاً عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.
ولفت أبو مالك إلى أن الثوار سيطروا على البلدة (كسب) ولم يتعرضوا لأحد من سكانها أو لأي من المقدسات، بالمقابل تقوم قوات النظام منذ أسبوعين بقصف البلدة بالقذائف "العمياء" التي لا تميز بين أرمني أو مسلم، في إشارة إلى قذائف الهاون التي تمطر بها قوات النظام بكثافة البلدة منذ سيطرة قوات المعارضة عليها.
وأشار إلى أن مقاتلي المعارضة "لا يحملون أي فكر معادٍ لأي من أطياف الشعب السوري"، مستشهداً بحادثة إطلاق سراح راهبات "معلولا" اللاتي أكدن حتى على وسائل الإعلام التابعة للنظام أنهن تمتعن بمعاملة حسنة، ولم يفرض عليهن أحد أي شيء يخالف عقيدتهن أو لم يمنعن من ممارسة طقوسهن الدينية.
وبدت راهبات "معلولا" الـ13 ومحتجزوهن من جبهة "النصرة" في حال من التفاهم والألفة، توصلوا إليها رغم 4 أشهر من "التعايش الاضطراري"، فتبادلوا عبارات الشكر والمودة والوداع قبيل اتمام عملية تبادلهن مع 150 معتقلة سورية من سجون النظام الشهر الماضي، وظهر ذلك جليا في فيديو بثته "جبهة النصرة" على موقع "يوتيوب".
وشكرت الراهبات "محتجزيهن" خلال تصريحات أطلقنها عقب الإفراج عنهن، مؤكدات أن أحداً لم يجبرهن على خلع الصلبان التي كن يرتدينها، ولم يتعرضن لأي مضايقة في ممارسة طقوسهن الدينية.
وقال محمد سرميني، مستشار رئيس الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة بعد زيارته لكسب السبت الماضي، إن النظام قام بإجلاء معظم سكان المدينة قبيل سيطرة الجيش الحر عليها، لكن ما يزال يوجد فيها بعض العجائز من الأرمن، وهم تحت حماية الجيش الحر كما الكنائس والمساجد الموجودة في المدينة.
وأوضح سرميني في تصريحات سابقة لـ"الأناضول" بناء على مشاهداته في البلدة، أن مقاتلي المعارضة يحرصون على عدم دخول حتى المنازل الفارغة في كسب، وذلك حرصاً على "حرمة أملاك الغير".
من جهته، أشاد رئيس المكتب الإعلامي في الائتلاف الوطني السوري خالد الصالح؛ بموقف عناصر الجيش الحر وتعاملهم الراقي - على حد قوله- مع الأهالي من أقلية الأرمن في منطقة كسب بمحافظة اللاذقية.
وفي بيان أصدره الثلاثاء الماضي، أكد الصالح أن الأرمن هم أحد المكونات الثقافية في سورية، وأن الثوار عملوا على حمايتهم في مدينة حلب قبل كسب لدى سيطرتهم عليها.