داخل خيمة تضامنية مع
الأسرى في سجون الاحتلال، وقف متضامنون والعرق يتصبب منهم، مكان أشبه ما يكون بـ"الساونا"، لكن ليس في ناد رياضي وإنما خيمة يقضي فيها الأسرى في سجن النقب الصحراوي جل وقتهم.
"أردنا من نصب هذه الخيمة تسليط الضوء على معاناة الأسرى، وخاصة المرضى منهم، في مثل هذه الخيمة الصغيرة ينام 20 أسيرا في ظروف بيئية ومعيشية صعبة"، هذا ما قاله الأسير المحرر والناشط في مجال الأسرى قاسم عواد لـ"عربي21".
خيمة التضامن التي أقيمت في الجامعة العربية الأمريكية قرب مدينة جنين، قصدها عدد من الطلبة ولفتت انتباههم إلى معاناة الأسرى في سجون الاحتلال
الإسرائيلي، إلا أن الإقبال ظل محدودا، ويقاس على ذلك الفعاليات الأخرى التضامنية مع الأسرى.
عواد، والذي يعمل في وزارة شؤون الأسرى والمحررين، ناشد المؤسسات الدولية التدخل لتقديم العلاج للأسرى المرضى، الذين يتعرضون للموت البطيء والإفراج عنهم. "في هذه الخيمة وضعنا صور الأسرى المرضى بأمراض خطيرة، كفواز بعاره، وثائر حلاحلة، وعثمان الخرج، وسامر عريدي، ومحمد براش، وفؤاد الشوبكي، وإياد أبو ناصر، وناهض الأقرع، ومعتز عبيد وغيرهم، مصابين ما بين مرض السرطان وتشمع الكبد".
وأضاف، "هناك اكثر من 1000 أسير مريض داخل السجون، ولا علاج لمعظمهم إلا حبة أكمول، الاحتلال يرتكب جرائم بحق الأسرى، واتخذ منهم حقل تجارب، ويستخدم أطباؤه إبرا وأدوية ملوثة ما نتج عن ذلك من أمراض خطيرة، كما عمد إلى سرقة أعضاء بعض الأسرى".
قتل ممنهج
بدورها قالت الناشطة في مجال الأسرى والناطقة الإعلامية باسم مركز "أسرى
فلسطين للدراسات" أمينة طويل: "الأسرى يتعرضون بشكل عام لمحاولات قتل ممنهجة، حيث الاستهتار الفاضح بحياة الأسرى المرضى بشكل خاص فنسبتهم في ارتفاع مستمر، حيث وصلت إلى 20 بالمئة من إجمالي عدد الأسرى".
ووصفت في حديثها مع "عربي21" الأوضاع التي يعيشها الأسرى بأنها "ظروف معيشية تفتقر للأحد الأدنى من المعايير الإنسانية التي هي جزء من مسببات المرض، حيث قلة التهوية والرطوبة الشديدة واكتظاظ الغرف، وقلة النظافة ومواد التنظيف ومبيدات الحشرات التي تشارك الأسرى حياتهم، إضافة إلى وجبات غذائية غير صحية لا تراعي مرض بعض الأسرى، فالكثير منهم يعاني من السكري والضغط والقلب والكلى وهذه أمراض لها حمية غذائية خاصة".
ومن حيث الرعاية الطبية فاعتبرتها نادرة جدا، موضحة أن إجراء فحص مطلوب أو عملية طارئة لبعض الأسرى يستغرق اشهرا وسنوات، يتم إعطاؤهم أدوية لا تناسب أمراضهم، وكذلك صرف أدوية منتهية الصلاحية لهم، أو الاعتماد على المسكنات لكافة أشكال المرض.
وأشارت إلى أن هذه الإجراءات تسبب تفاقم حالتهم الصحية، وبالتالي يصعب شفاؤها، وتتطور لأمراض خطيرة كما حدث مع معتصم رداد الذي أصيب في بداية مرضه بالتهابات روتينية في الأمعاء لكن قلة الرعاية حولت هذا الالتهاب والعفن في أمعائه إلى السرطان.
إضافة إلى عدم توفير أطباء مختصين داخل السجن كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة، كذلك عدم وجود أطباء مناوبين ليلاً لعلاج الحالات الطارئة، بينما لا توفر إدارات السجون الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة كالأطراف الاصطناعية لفاقدي الأطراف والنظارات الطبية وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة.
وفيما يتعلق بإحصاءات المرضى، قالت الطويل أنه يوجد حوالي 1000 أسير مريض، من بينهم 23 أسيرا يعانون من السرطان، و18 حالة تقيم بشكل دائم في سجن الرملة من بينهم مرضى فشل كلوي، وحالات شلل كامل أو جزئي.
من بين الحالات الخطرة جدا في السجون: "معتصم رداد، ويسري المصري وعلاء الهمص وإبراهيم البيطار ورياض العمور وناهض الأقرع وزامل شلوف، وهذه اخطر الحالات المرضية، وهناك خشية كبيرة على حياتهم وتكرار ما حدث خلال العام المنصرم حيث استشهد الأسير ميسرة أبو حمدية والأسير حسن ترابي وكانا يعانيان من السرطان ولم يقدم لهم العلاج اللازم".
بالنسبة للحراك الشعبي وحتى الرسمي قالت الطويل إنه "يكاد أن يكون معدوماً، وإن حصل فيكون في المناسبات وبشكل خجول جدا ولا يوازي تضحيات الأسرى في سجون الاحتلال، وكأن قضية الأسرى أصبحت عيداً موسمياً يحتفل به في يوم الأسير وفي حال استشهد أسير، حتى انتصارات الأسرى داخل السجون لم يعد من يهتم بها ويتفاعل معها ليؤكد أحقية الأسرى في الحياة والحرية وأنهم اعتقلوا لأجل قضية عادلة، وهذا يشكل خطرا كبيرا حيث ان اللوبي الصهيوني في دول العالم يبذل أموالا طائلة على نشاطات تعكس صورة الأسرى الفلسطينيين انهم قتلة وإرهابيين، وهنا تنحصر قضية الأسرى على الأسير وبعض ذويه".
وطالبت "اعتماد قاعدة مشتركة وموحدة بين المستوى الرسمي المتمثل بمؤسسات السلطة المختصة بشؤون الأسرى، والفصائل بمختلف مسمياتها، إضافة إلى النشطاء والحركات الشعبية الفردية، وان يخرجوا بخطاب ونشاط موحد وقوي، بعيداً عن تشتت الجهود بين فريق وآخر، وألا يقتصروا في عملهم على مستوى محلي لأن خطاب الذات لم يعد يجدي فقضية الأسرى بحاجة لتدويل حقيقي وتنفيذ للدعوات التي يتم إطلاقها بين الحين والآخر، لتشكيل رأي عام دولي يطالب بتحقيق العدالة في قضية الأسرى ويضمن الإفراج عنهم وخاصة المرضى، فالقانون الدولي يكفل للأسير المريض حقه في العلاج الكامل وعلى نفقة الجهة التي تقوم باحتجازه، وتكفل له حقه في الحرية في حال زال سبب الاعتقال" .
جميع الأسرى مرضى
وترى الناشطة الشبابية في مجال الأسرى، ميس شافعي، أن الوضع الصحي العام في سجون الاحتلال يجعل كل الأسرى مرضى بحكم نوعية الطعام المتناول يوميا وبحكم الظروف المعيشية داخل السجون التي لا تتوفر فيها ادنى مستويات الصحة.
بالنسبة للأمراض قالت في حديثها مع "عربي21" أن هناك الكثير من الأمراض، أكثرها الأمراض المزمنة كالضغط والسكري، أما الأمراض الأشد فتكا هي السرطان، وأكثر أنواع السرطان المنتشر مؤخراً هي سرطان الحنجرة ولوحظ في الآونة الأخيرة انتشار هذا المرض في صفوف الأسرى، ويرجح أن أهم أسباب هذا المرض هو أجهزة التشويش التي تزرعها إدارة السجون داخل الأقسام بحجة وجود أجهزة اتصال داخل السجون.
وهناك عدد من المعتقلين مقعدين، وعدد آخر يعاني من آثار الإصابات التي أصيبوا بها أثناء عملية الاعتقال، وهناك عدد من الأسرى يعانون من ضعف بالقلب يهدد حياتهم في أي لحظة.
وحملت شافعي المسؤول بالدرجة الأولى إلى الاحتلال وثانيا الصليب الأحمر.
وأوضحت، "الصليب الأحمر هو الجهة الدولية الوحيدة المخولة بإدخال أطباء إلى السجون لكن نتفاجأ دوماً بتكتمه على أوضاع الأسرى صحيا تحت بند انه جهة دولية لا يستطيع إخراج أي معلومة عن المريض، ولا يقوم بإخراج أي تقرير إلا عندما يصل المعتقل إلى حالة صحية حرجة جدا كما حصل مع الشهيد ميسرة أبوحمدية".
أما بخصوص علاج الأسرى فقالت: "الحل الأول هو الإفراج عنهم، وبما أن الإفراج مستحيل بحكم كبر عدد الأسرى المرضى، فعلى السلطة الوطنية وجميع المؤسسات العاملة بمجال الأسرى التوجه لمؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الطبية الدولية كي تقوم بالتدخل والإشراف على الوضع الصحي والعلاجي المقدم للأسرى، لأن عملية العلاج وحدها هي رحلة عذاب للأسير وتكون دون فائدة".