"غرقت في المياه، تماما كما توقع العالم، باستثناء السادة باراك أوباما وجون كيري وكما توقع المبعوث المفضل توني بلير.
فكل الهراء المسمى "السلام"
الفلسطيني-
الإسرائيلي انهار مرة أخرى"، وكما هو متوقع "أدار الرئيس الأمريكي باراك أوباما ظهره وترك السيارة تتحطم، والتي تقع مسؤوليتها وبشكل كامل على جبنه السياسي، ولكنه قال: حان الوقت لأخذ استراحة، وهل توجد كلمة مثيرة للرعشة للتعبير عن عجز الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
هكذا عبر الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك عن ما آلت إليه الأمور في ملف القضية الفلسطينية، معلقا على رد فعل واشنطن على المصالحة بين حماس وفتح.
ومضى فيسك يقول، في مقاله في صحيفة "اندبندنت" البريطانية، إن ما صدر من مواقف عن الإدارة الأمريكية مؤيد كالعادة لإسرائيل فقد "شجب أوباما محمود عباس على الخطوة "غير المفيدة" ومحاولة تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حماس، وهو تفسير محور قليلا للأحداث مأخوذ من الموقف المتوقع الذي أبداه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي زعم أن الرئيس الفلسطيني "عقد تحالفا مع منظمة إرهابية تطالب بتدمير إسرائيل".
ويضيف فيسك أن نتنياهو "تناسى تأكيدات (محمود) عباس أن حكومة الوحدة الوطنية ستقوم على الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنق وقبول الاتفاقيات السابقة".
فنتنياهو يطالب وقبل عودة العلاقة مع حماس باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة مما يعني شطب عشرات الآلاف من سكانها العرب، فنتنياهو لا يقبل أي اعتراف بإسرائيل طالما لم يشمل تعريفها كدولة يهودية على ما يقول فيسك.
ويضيف: "منذ عدة سنوات والإسرائيليون يخبرون العالم أنه لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض معه لأن عباس لا يمثل الفلسطينيين في غزة، ولكن وفي اللحظة التي تقرر فيها
السلطة الوطنية تحقيق الوحدة والتي قد تنتج شريكا للتفاوض مع إسرائيل، يعلن نتنياهو تعليق
مفاوضات السلام ومعها حل الدولتين".
ويتساءل فيسك مستغربا "كيف كان يظن كيري، وكيف جاء بكل هذا الكلام التافه في تسعة أشهر؟ لانه طالما ظلت الإدارة الأمريكية رهينة للحكومة الإسرائيلية وتواصل دعم اليمين المتطرف في اسرائيل، فلن تكون قادرا ولن تستطيع إدارة عملية مفاوضات بين الطرفين".
ويشير فيسك قائلا "فقط قبل شهرين، أعلنت إسرائيل عن خطط لبناء 186 وحدة سكنية في المنطقة الجديدة التي تقوم إسرائيل باستعمارها في القدس الشرقية، والاستيطان هو كل ما تقوم به، فكيف تطالب إسرائيل سلاما مع الفلسطينيين وهي تواصل التهام أراضي العرب في الضفة الغربية؟ فالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني هو آخر حروب الاستعمار في العالم، وعندما تنكر هذا فلن تكون قادرا على البداية".
ويواصل فيسك بالقول"كان نتنياهو سيفعل جيدا لو شجب الطبيعة غير الديمقراطية للسلطة الوطنية، وطريقة قمعها للمعارضة، مع أن هذا القمع ضروري من أجل منع الفلسطينيين من معارضة العملية السلمية، وانتقاد رئاسة عباس اللاشرعية وغير الديمقراطية، ولكن عباس من المفترض أن يكون رجلنا، الرجل الذي يمكن أن يتحدث معه اوباما وكيري والمحبوب بلير، وعليه فلا توجد أية فرصة للتهجم على الرجل".
ويرى فيسك أن الكتابة كانت على الجدار، وبدت الكليشيه واضحة عندما أعلنت الإدارة عن أنها ستقوم بإعادة تقييم المحادثات الإسرائيلية- الفلسطينية. وقال كيري إن الوقت قد حان لامتحان الواقع " ألم يكن وزير الخارجية الأمريكي الميؤوس منه قادرا على الإمساك قبل أن يقدم وعده التافه العام الماضي أنه سيقوم بحل النزاع بحل هذا الشهر".
وقال فيسك أن الكيلشيه التي تم الحديث عنها كانت عن "عملية السلام" والتي لم تكن في الحقيقة عملية سلام، وأنه يجب إعادة مسارها في كل مرة تنهار فيها العملية السلمية، ثم تبين فيما بعد أن العملية السلمية أغلق عليها داخل الغرفة كي تهرب من الباب.
لكن أوباما قال أنه لا يوجد "باب واحد يدخل منه الطرفين من أجل تحقيق التنازلات المطلوبة، ونشجعهم للدخول خلال ذلك الباب والحديث". ثم توقع أوباما في أحاديثه التي أطلقها في كوريا الجنوبية أن "يمشي الطرفين من خلال الباب، الأسبوع المقبل، الشهر المقبل، أو بعد ستة أشهر..؟".
ويرى فيسك أن هذا يعني أن الحائز على جائزة نوبل للسلام دون أن يحقق الكثير رمى "الفوطة"، وسيترك الأمر للرئيس الأمريكي المقبل، ربما لكلينتون بكل خبرتها في الشرق الأوسط وصنع السلام على ما يقول فيسك ساخرا، حيث ستفرض على الإسرائيليين والفلسطينيين وتفتح الباب وتعيد العملية لمسارها.
ويقول فيسك "قبل عرفات منذ البداية بدولة على 22% من فلسطين الانتدابية ولكنه بعد ذلك قبل بزيادة النشاط الاستعماري في الضفة الغربية، وسمح للأمريكيين بإملاء شروط العملية السلميةـ وسمح للولايات المتحدة بان تلقي اللوم عليه وتحميله فشل المفاوضات".