فيما اعتبره رجال الأعمال خطوة مهمة على طريق تحسن مناخ
الاستثمار، شن قانونيون واقتصاديون الحرب على قانون تحصين عقود الاستثمار، وقالوا: "إن القانون يؤكد توجه الحكومة لتحصين
الفساد، وتمكين رجال الأعمال من سرقة أموال الشعب".
ووصف القانونيون والاقتصاديون قرار الرئيس
المصري المعين عدلي منصور، بتحصين عقود الاستثمار وقصرها على طرفي التعاقد، بأنه قرار يهدر حقوق المواطن، ويضيع مقدرات وثروات البلاد، كما أنه يخلق جيلاً جديداً من فساد عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وأعلن الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، قرارا بقانون لتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة.
ونص القرار في مادته الأولى، على أنه مع عدم الإخلال بحق التقاضي لأصحاب الحقوق الشخصية أو العينية على الأموال محل التعاقد، يكون الطعن ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة، ووحدات الإدارة المحلية، أو الطعن بإلغاء القرارات أو الإجراءات التي أبرمت هذه العقود استنادًا لها.. وكذلك قرارات تخصيص العقارات، من أطراف التعاقد دون غيرهم، وذلك ما لم يكن قد صدر حكم بات بإدانة طرفي العقد أو أحدهما في أي جريمة من الجرائم.
وقال الدكتور حمدي
الفخراني، عضو مجلس الشعب الأسبق، وأول من أقام دعاوى قضائية طالب فيها بفسخ عقود بيع لشركات تابعة لقطاع الأعمال العام بين الدولة ومستثمرين عرب ومصريين: "إن هذا التوجه يؤكد عودة الدولة إلى عصر مبارك من جديد، حيث يتم نهب وسرقة أموال الشعب بطرق قانونية، حتى لا يتسنى لأي مواطن أن يطعن على أي عقد تبرمه الحكومة مع أي مستثمر".
وأوضح في تصريحات خاصة لـ "عربي 21" أن هناك بالفعل أحكاماً قضائية صدرت ببطلان عقود بيع بعض شركات قطاع الأعمال العام المملوكة في الأصل للمواطنين المصريين، التي ثبت للقضاء أنها بيعت بأسعار أقل من سعرها الحقيقي، وأن هناك شبهات شابت عملية البيع، وتثمين الشركات المباعة، وبناء على ذلك قضت المحكمة ببطلان عقد البيع.
وأشار إلى أن تحصين عقود الاستثمار، يضمن للمستثمر أن العقود التي سيبرمها مع الدولة لن يتمكن أحد من الطعن عليها، أو دراستها، حتى لو كانت جائرة على حقوق الدولة المصرية والمواطن المصري، وهو ما يؤكد أن هناك فسادا في بعض العقود التي أبرمتها أو سوف تبرمها الحكومة المؤقتة.
ولفت الفخراني إلى أن القانون الجديد، ردة لعصر فساد مبارك، وأنه لا يوجد دولة في العالم اتخذت هذه الخطوة، وأن أي مستثمر جاد يرفض التعامل في ظل هذه المنظومة القانونية التي تؤصل للفساد، لأنه وببساطة شديدة حال تغيير الأنظمة الحالية وبطلان القرار الجديد فإنه سيحق لأي مواطن الطعن على العقود التي أبرمتها الحكومة الحالية، وفي حال ثبوت أي شبهة فساد فإن القضاء سوف يقضي في النهاية ببطلان مثل هذه العقود، وبالتالي يواجه المستثمر مشاكل في الحصول على أمواله التي سددها للحكومة نظير العقد الذي أبرمه مع الحكومة.
وباعت الحكومات المتعاقبة في عهد مبارك، عددا من الشركات المملوكة للدولة بين 1991و2008، وكان عدد الشركات المصرية، قبل تنفيذ برنامج الخصخصة 27 شركة قابضة و314 شركة تابعة، وبعد تنفيذه وصلت إلى 9 شركات قابضة و146 شركة تابعة، وفقا لإحصائيات رسمية صدرت في شهر حزيران/ يونيو 2012.
وأصدرت المحاكم خلال السنوات الماضية أكثر من 11 حكما، بينها أحكاما نهائية، طالبت الدولة باسترداد شركات تم بيعها في عهد مبارك، فيما قال القائمون على هذه الدعاوى إنه تم بيع هذه الشركات بثمن بخس، كما أن عملية البيع تشوبها عمليات فساد.
وقال الفخراني: "إن تحصين عقود الاستثمار يهدر على الدولة نحو 500 مليار جنيه (71.8 مليار دولار)، مستحقة لها في عقود أبرمتها مع مستثمرين وشركات "المصرية الكويتية"، وشركة "سنتامين مصر" التي تنقب عن الذهب بمنجم السكري، و"النيل لحليج الأقطان"، وأراضي "مدينتي" لمجموعة طلعت مصطفى، لعدم صدور أحكام نهائية في الطعون عليها، في حين أن القانون لن يجذب استثمارات أكثر من 20 مليار دولار تستهدفها الدولة خلال المرحلة المقبلة.