قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن كثيرا ممن غادروا
الموصل بعد اجتياح المسلحين لها غادروها خوفا من غارات قوات النظام الجوية بعدما شاهدوا فعل الطيران
العراقي في الأنبار.
ويذكر تقرير للصحيفة قصة سعد حسين الذي فر هو وزوجته وأطفاله الستة بعد اجتياح ""داعش"" للموصل ولكنه وبعد قضاء ليلة خارج بلده توجه عائدا إليها بعد أن سمع أن الهدوء ساد المدينة.
ويقول السيد حسين على نقطة تفتيش على الطريق من أربيل إلى الموصل: "ماذا يمكننا أن نفعل؟ عليك أن تعتمد على الله".
وقال رجل آخر يقف في مكان قريب وعنده طفلان صغيران يجران حزامه إنه ترك الموصل وينتظر السماح له بدخول أربيل على بعد 50 ميل شرقا وأضاف احمد علي (31 عاما): "لا ندري ماذا يحصل في المستقبل فالحكومة ليست هناك .. إنها فارغة".
وغادر الموصل ما يقارب 500 ألف شخص هذا الأسبوع عندما حاصرت "داعش" المدينة وكثير منهم كانوا لا يخافون المحاكم السريعة وقطع الرؤوس الذي اشتهرت به "داعش" أكثر خوفهم من حكومتهم والقوة التي قد تستخدمها في سبيل استعادة سيطرتها على المدينة.
وأشار التقرير إلى أن الكثير من السنة "يفضلون تجربة حظوظهم تحت حكم مجموعة عنيفة لدرجة أن القاعدة تبرأت منها تبين مدى الصعوبة التي تواجها الحكومة العراقية في فرض سيطرتها ثانية أن أي محاولة قوية من الحكومة لاستعادة المدينة سيقوي من سمعة الجيش العراقي كجيش احتلال وليس كقوات لحفظ أمن البلاد".
وقال العديد ممن هربوا من المدينة إنهم خائفون من الغارات الجوية والقصف العشوائي المحتمل لمدينتهم، حيث رأوا في الأخبار ماذا حصل في الأنبار ذات الأغلبية السنية والتي خرجت عن سيطرة الحكومة على مدى الستة أشهر الماضية وبعضهم قال إن هناك إشاعات بأن الأمريكان سيعودون ويلقون القنابل على مدينتهم فيما قال أكثرهم إن "الميليشيات" لم ترهب الأهالي وكان حضورها في الشارع قليلا حيث كان هناك عدد قليل من الرجال المقنعين على الحواجز.
وقال أحد عمال البلدية والذي قال إن اسمه أبو محمد: "نخشى أن يحصل ما حصل في الفلوجة والرمادي"، في إشارة إلى المدينتين الواقعتين في الأنبار واللتين تعرضتا لغارات قوات النظام الجوية التي قتلت مئات المدنيين.
وعندما سألت امرأة إن كان المقاتلون يؤذون المدنيين أشارت بيدها في الهواء وقالت: "لا، لا، لا بل على العكس فهم يرحبون بالناس".
ووقالت الصحيفة إن تعليقات مثل هذه تمثل رفضا على مستوى الشارع لأسلوب حكم رئيس الوزراء نوري كمال المالكي، الشيعي، والذي نفرت سياساته على مر الأعوام المكون السني في الشعب العراقي.
ويقول أحمد حسين وهو ضابط في شرطة الموصل ترك عمله بعد أن رأى الجيش يغادر: "المالكي يريد القضاء على السنة.. هل لك أن تخبرني كم شيعي اعتقل بتهمة الإرهاب؟ كل المسجونين تقريبا من السنة، فهو يستهدفنا أريد العودة للموصل ولكن أخشى أن تصبح فلوجة أخرى".
ولفتت الصحيفة إلى أن كل حملة للنظام يتم فيها اعتقال رجال سنة أبرياء باسم محاربة الإرهاب تعمق استياء السنة تجاه الحكومة وتجاه الجيش الذي يسيطر عليه الشيعة.
ويقول أبو محمد (49) عن الجيش "إنه ليس الجيش العراقي؛ إنه ميليشيا المالكي"، واشتكى من الفساد المستشري في الجيش والشرطة قائلا إنه "إن دخل أحد السجن فعليه أن يدفع الرشاوي ليخرج منه".
وأشار إلى مستويات أدنى من الفساد مثل أن يطلب الجنود مالا من الناس ليسمحوا لهم بركن سياراتهم في شوارع المدينة.
وأوضحت الصحيفة أنه حين تقدم مقاتلو "داعش" نحو المدينة تخلى جنود الجيش العراقي عن سلاحهم وفروا من المدينة وكان الكثير من سكان المدينة سعداء بمغادرتهم، وعلق أبو محمد على ذلك قائلا: "كان الجيش العراقي شديدا على الشعب وليس على "داعش".
ورأت أن أحداث الأيام القليلة الماضية في الموصل، ذات الغالبية السنية، تعزز ما قاله المنتقدون على مدى أعوام من "أن السنة لا ينظرون إلى الجيش العراقي كقوة وطنية بل حارسا للشيعة" وقد ذكر دبلوماسي غربي في مقابلة حديثة إنه في المناطق السنية مثل الموصل والأنبار ينظر للجيش العراقي على أنه "قوة أجنبية".
ويقول سكان الموصل إن "داعش" تعاملت مع الشعب بلطف لغاية اللحظة حتى أن السكان الذين تجذر بغض الجيش في أعماقهم يتحدثون عن "المتمردين" وكأنهم جيش تحرير.
وقال السكان إن المقاتلين يحيون الناس على الحواجز العسكرية ويسألونهم إن كانوا يحملون سلاحا فإن أجابوا بلا يدعونهم يمرون.