قبل أكثر من أسبوعين كتب السفير خليل إبراهيم على موقع " كلنا شركاء" على الإنترنت، معلنا تلقي الرئيس الأسبق للائتلاف السوري، معاذ
الخطيب، مقترحا إيرانيا لحل الأزمة السورية، ببقاء
الأسد رئيسا بصلاحيات أقل، في مقابل تعيين رئيسا للوزراء بصلاحيات أكبر.
إبراهيم، وهو دبلوماسي سوري سابق، أبدى حينها تأييدا لهذا المقترح، داعيا الخطيب للتجاوب معه، "بمنطق الأب" السوري في الواقعة الشهيرة بقرية البيضاء السورية، الذي خيره القتلة بين أن يختار أحد أولاده ليتم إعدامه أو أنهم سيقتلون الأسرة بكاملها أمام ناظره قبل أن يقتلوه، فاختار الأب قتل أحد أبنائه.
الخطيب لم ينكر ما جاء في المقال، بل أنه وضع في اليوم التالي لنشره على صفحته الرسمية على "فيسبوك" رابطا للموقع الذي جاء به المقال، واصفا إياه بـ "المقال العميق"، ودعى من سماهم بـ"الإخوة في العمل الثوري مدنيين وعسكريين" أن يقرؤوا ما جاء به أكثر من مرة، "قبل أن يفوت الأوان".
ورغم مرور 18 يوما على وضع الخطيب لرابط المقال على صفحته ودعوته للعمل بما جاء به، إلا أنه لا يزال حتى الآن يثير جدلا بين أوساط المواطنين السوريين، بينما ترفضه المعارضة ممثلة في
الائتلاف السوري المعارض رفضا قاطعا.
أحمد محسن، وهو مواطن سوري مقيم في الأردن كتب على صفحة الخطيب معلقا على هذا المقترح: "شو الحل (لا يوجد حل ) غير الصلح.. 4 سنوات والناس إما تموت تحت المنازل والنساء تغتصب بدول الجوار، والأطفال تنام جائعه، والنساء والأطفال بالداخل يشحذون (يتسولون) أمام المساجد وبالطرقات ثم يظهر من يقول ما بدنا (لا نريد) صلح.. بدك (تريد) قتل إنزل حارب النظام.. كفانا دم وتشريد وتجارة دم".
واتفق معه في الرأي ماهر أبو وليد (سوري) "مقيم بمصر"، وقال تعقيبا على ما كتبه: "الشعب السوري تعب وإيقاف حمام الدم هو الشيء المناسب".
وبكلمات حماسية عبّرت أميرة العليل (سورية) "مقيمة بألمانيا" عن رفضها لهذا المقترح، واصفه من يطرحه ويؤيده بأنه "يتاجر بأرواح ودم السورين لأجل قبض الدولارات، والترفع على الكراسي، والشعب السوري بريء منه".
ووصف نادر طلال (سوري) "مقيم في لبنان" من يطرح هذا الحل بأنه "عديم الرؤية المستقبلية"، مضيفا: "ما فائدة الوزارات والمناصب بما أن كل شيء بيد بشار".
وبكلمات أقسى في الرفض قال صالح حموي (سوري) "مقيم في لبنان": "أنا ما فهمت شيء غير (لم أفهم شيء سوى) أن معاذ الخطيب بدو يصير (يريد أن يكون) رئيس وزراء، ويعدل الدستور لإعطائه صلاحيات، وتقليل صلاحيات بشار الأسد.. يعني بعد 3 سنوات و4 أشهر من الذبح والدمار والخراب رجعنا للنقطة التي رفضها الشعب من أول مرة، وهي إعادة الشعب إلى بيت الطاعة الأسدية".
وما بين الرفض والقبول الذي تحلى برؤية بدت حماسية أكثر منها واقعية، حاول آخرون التفكير بـ"منطق واقعي"، مفاده أن الحل المطروح ليس مثاليا، لكنه أفضل من لا شيء.
وقال سعيد الشمري (سوري) "مقيم في اسطنبول": "بتر اليد أفضل من موت الجسد.. النظام يقف على قدميه مجددا، والمعارضة تسقط في غياب قادة حقيقيين بنظري.. إيقاف شلال الدم بحل سياسي هو الحل الوحيد.. خصوصا بوجود أصدقاء النظام السوري، وغياب أصدقاء الشعب السوري".
واتفقت معه رانيا الصالح (سورية) "مقيمة في الأردن"، مضيفة: "فكرة التشارك مع النظام في حل سياسي لمستقبل
سوريا هي فكرة غير محبذة، ولكن مع إخفاقات المعارضة السورية في حشد تأييد ودعم حقيقي وفعلي لها على الأرض لقلب موازين القوى والوصول إلى النصر ربما يصبح هذا هو الحل الأجدى مع الأسف".
من جانبه، تبنى الائتلاف السوري المعارض خيار الرفض لهذا المقترح، نافيا أن يكون الاقتراح قد وصل للائتلاف السوري بشكل رسمي.
وقال رئيس اللجنة القانونية للائتلاف السوري هيثم المالح: "لم يصلنا الاقتراح بشكل رسمي، وإن وصلنا سيكون مآله الرفض، فبشار الأسد مكانه الحقيقي محكمة العدل الدولية، لا أن يكون رئيسا".
وتساءل المالح: "كيف يقبل الخطيب بأن يكون رئيسا لوزراء دولة رئيسها السفاح بشار الأسد".
واستدرك قائلا: "ثم عن أي منصب يتحدثون، سوريا في حكم الأسد ليست دولة مؤسسات، بل هي دولة الفرد الواحد، فلا أحد له قيمه حتى رئيس الوزراء".
ويعتبر الاقتراح
الإيراني تطويرا لوثيقة "جنيف" الصادرة في حزيران/ يونيو 2012، والتي رفضها نظام بشار الأسد، وتنص على تشكيل هيئة حكم انتقالية يشترك النظام والمعارضة في تشكيلها، ولكن كانت نقطة الخلاف الأساسي حول مصير الأسد.