"رصاصك مش هيمنعني.. وقتلك ليا هيسكن.. وجع ظلمك لأحلامي دوامه محال ومش ممكن .. يا أعيش وأنا حر بإرادتي.. يا أموت والحق متمكن". هذا هو مطلع الأغنية التي صوّر
المخرج المصري الراحل محمد الديب 80% من مشاهد الفيديو كليب الخاص بها داخل اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول، محمد
مرسي، في ميدان
رابعة العدوية قبيل فضه من قبل قوات الأمن بـ 24 ساعة في 14 آب/ أغسطس الماضي.
وكان "الديب" واحد ضمن 37 آخرين قتلوا بالحادثة المعروفة إعلاميًا بـ"سيارة ترحيلات أبوزعبل" العام الماضي، إلا أن رفيقه محمد الشاعر بالميدان، أصرّ على استكمال مسيرة هذا العمل كي يرى النور في الذكرى الأولى لرحيل المخرج العشريني الشاب الذي له أكثر من 20 فيلما وثائقيا.
محمد الشاعر الذي يقوم بإلقاء كلمات القصيدة في الكليب روى للأناضول تفاصيل هذا العمل قائلا: "جمعتني علاقة صداقة بالمخرج الراحل محمد الديب منذ عام 2005، لكن علاقتنا توطدت كثيرًا أثناء اعتصامنا بميدان التحرير (وسط القاهرة) في ثورة 25 كانون الثاني/ يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك) ومن ثم داخل اعتصام رابعة العدوية".
وأضاف محمد: "طول الوقت كان الديب يفكر في ضرورة أن تخرج من الاعتصام أعمال فنية راقية تكون لسان حال المعتصمين بها لأن هذا هو السلاح الوحيد الذي يتقن استخدامه كمخرج".
وتابع: "أطلعنا صديقنا الثالث مصطفى محمد، شاعر غنائي، على كلمات هذه القصيدة فنالت إعجابنا، ثم قررنا البدء في تنفيذها".
ومضي محمد قائلاً: "داخل الاعتصام، دربني المخرج الراحل على كيفية الإلقاء، وسجلنا بإمكانات بسيطة للغاية مطلع القصيدة، ثم حمل الديب الكاميرا الخاصة به وتجول في أنحاء الميدان لينجز 80% من مشاهد الكليب يوم 13 أغسطس/آب 2013 أي قبيل الفض بـ24 ساعة فقط".
وتابع: "اتفقنا على أن نكمل التصوير في اليوم التالي لنبدأ بعدها رحلة المونتاج، ويكون العمل جاهزًا للرفع على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن اليوم التالي جاء بما لم يكن في الحسبان، فتم فض الميدان واعتقال محمد وإعدام كل مقاطع الفيديو التي صورها على الكاميرا الخاصة به".
وأضاف: "عقب استشهاده في سيارة ترحيلات أبوزعبل، قررت مع مجموعة من أصدقائه استكمال ما بدأه المخرج الفقيد، لذلك لم يتقاض أحدنا أي مقابل مادي نظير هذا العمل فيما عدا الملحن الذي تم الاستعانة به من خارج دائرة أصدقاء الراحل".
والتقط أطراف الحديث منه بلال الحسيني، مخرج العمل، الذي قال للأناضول: "كان من المفترض أن يرى هذا العمل النور بعد مجزرة فض اعتصام رابعة مباشرة لكنه تأخر لأسباب إنتاجية وها هو جاهز للعرض في الذكرى الأولى لرحيل صديقي الذي جمعتني به كورسات (دورات) تعليم الإخراج عام 2008".
ومضى قائلا: "قمنا بإجراء تعديل طفيف على العمل بتضمينه مشاهد احتضار ضحايا سيارة ترحيلات أبو زعبل عقب إلقاء قوات الأمن لقنابل مسيلة للدموع عليهم".
وفي 14 آب/ أغسطس من العام الماضي، فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين لأنصار مرسي في ميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" بالقاهرة الكبرى؛ ما أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم 8 شرطيين حسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر، في الوقت الذي قالت منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) أن أعداد القتلى حوالي الألف.
وترجع وقائع حادثة "سيارة ترحيلات أبوزعبل" إلى 18أغسطس/ آب الماضي بعد 4 أيام من فض اعتصامي مؤيدي مرسي في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، حيث تم القبض على عشرات من المتظاهرين، وخلال قيام الشرطة بترحيلهم من قسم مصر الجديدة (شرقي القاهرة) إلى سجن "أبو زعبل" التابع لوزارة الداخلية في محافظة القليوبية، شمال القاهرة، توفي 37 منهم.
وفي حادث سيارة الترحيلات، قالت وزارة الداخلية المصرية إن الضحايا ماتوا اختناقًا بعد إلقاء الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع عليهم خلال محاولة هروبهم، فيما حملت جماعة الإخوان المسلمين الشرطة المسؤولية عن وفاتهم.
ورغم تقديم 4 متهمين من ضباط الشرطة للمحاكمة، وصدور أحكام أولية بالحبس بحقهم، إلا أن القضاء أعاد القضية إلى النيابة لإعادة التحقيق.