من يوجه الضربات وأين، من يسلح، من يوفر
الاستخبارات، من يمول...كل هذه المهام سيسعى مؤتمر باريس الاثنين، حول الأمن في
العراق إلى توزيعها على مختلف الدول التي تتضارب مصالحها أحيانا لكنها تشارك في التحالف الدولي ضد "
داعش".
ويشارك حوالي 20 بلدا يمثل أغلبهم وزراء في المؤتمر، الذي يفتتحه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره العراقي فؤاد معصوم، في تأكيد جدية الالتزام الدولي بمكافحة مسلحي "داعش".
وصرح مصدر دبلوماسي أن "هذا المؤتمر سيتيح لكل طرف مزيدا من الدقة في تحدي ما يمكنه أو يريد فعله"، مشيرا إلى أن القرارات التي ستتخذ لن تعلن جميعها بالضرورة.
وأوضح "لن يعلن من سيضرب وأين ومتى". ما تزال عشية هذا اللقاء أسئلة مهمة مطروحة: ماذا عن موقف روسيا المختلفة مع الغرب بخصوص أوكرانيا؟ وماذا عن إيران، التي تلعب دورا إقليميا كبيرا لكن ضلوعها في الأزمتين العراقية والسورية يجعل منها طرفا؟
وأعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مؤخرا عن رغبته في مشاركة طهران في المؤتمر، غير أن نظيره الأميركي اعترض على ذلك، علما أنها تدعم بغداد في مواجهة مقاتلي "داعش".
السؤال الآخر هو أي دور سيتولاه كل من البلدان التي تتضارب مصالحها أحيانا وهي أحيانا مهددة من "داعش".
بالتالي ينصب الاهتمام على
تركيا العضو في الحلف الأطلسي وجارة
سورية والعراق، التي تملك قاعدة عسكرية جوية مهمة يمكن للأميركيين أن يشنوا منها هجمات في العراق.
غير أن أنقرة ما تزال ترفض أي مشاركة فاعلة في العمليات المسلحة، خوفا على 46 من رعاياها ما يزالون رهائن لدى "داعش" في الموصل شمال العراق.
كما تستضيف تركيا أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيها.
وأضاف المصدر الدبلوماسي "ينبغي التأكد أن ما تفعله جهة هنا لن تبطله أخرى هناك". على سبيل المثال ينبغي تجنب ما حصل في سورية، حيث اشار الكثير من المراقبين الى تسبب الخصومة بين قطر والسعودية اللتين دعمتا تنظيمات معارضة للرئيس السوري بشار الأسد، في انهيار المعارضة التي تعتبر معتدلة وازدهار الجماعات المتطرفة.
وأفاد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال "نريد تلاقي الأهداف وتكامل المبادرات" العسكرية والإنسانية والمالية، مؤكدا إعلان قرارات ووضع خطة عمل.
كما يبقى الشق السوري من أنشطة لمكافحة "داعش"، التي تسيطر على حوالي 40% من أراضي العراق و25% من سورية، مسألة مجهولة.
وأعربت واشنطن عن استعدادها لتوجيه ضربات على مواقع التنظيم في سورية وتوسيع رقعة الغارات التي تشنها في العراق منذ شهر.
وكان البنتاغون اعتبر في آب/ اغسطس أن القضاء على التنظيم المتشدد يستلزم مهاجمته في سورية. لكن لندن وباريس، المحركين الأوروبيين الأساسيين في التحالف، يشعران بالحرج بهذا الخصوص.
ففيما أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عدم استبعاد أي إجراء، أكد وزير خارجيته فيليب هاموند أن لندن لن تشارك في ضربات جوية في سورية.
أما فرنسا فتتبنى مقاربة تشدد على القانون الدولي، وتستبعد أي تحرك خارج إطاره. غير أن إصدار الأمم المتحدة قرارا بهذا الشان غير مرجح، نظرا إلى معارضة موسكو وبكين لأي عمل عسكري في سورية من دون موافقة الرئيس السوري بشار الأسد.
لكن الغربيين يرفضون اعتباره شريكا في مكافحة الإرهاب.بالنسبة لفرنسا "لا يمكن حتى التفكير بأي تحرك يمكن تنفيذه بالارتباط مع بشار الأسد"، بلسان رئيسها فرنسوا هولاند، الذي وفرت بلاده أسلحة إلى المعارضين السوريين "المعتدلين".
وصرحت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية العامة اليزابيث غيغو "عبر المشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش" نريد أن نقرر بأنفسنا. سنختار أهدافنا. ينبغي توخي الحذر بخصوص سورية".
وأفاد مصدر دبلوماسي "إن أردنا أن يكون هذا المؤتمر مفيدا ينبغي عدم خلط الإشكاليات. لب المشكلة في الوقت الحالي هو العراق". وأدت الحرب في سورية، التي أسهمت في نمو "داعش"، إلى مقتل 200 ألف شخص في أكثر من ثلاث سنوات.