أعلنت
تركيا سماحها لقوات "البشمركة" الكردية العراقية بالمرور من أراضيها للوصول إلى مدينة عين العرب (
كوباني) السورية، وذلك كرد سريع على قيام الولايات المتحدة الأمريكية بعملية إنزال جوي لـ27 حاوية محملة بالمعدات العسكرية والمساعدات في مدينة كوباني، وذلك لمنع سقوط المدينة السورية بأيدي مقاتلي "تنظيم الدولة".
وتدور في كوباني اشتباكات عنيفة بين "تنظيم الدولة" من جهة، والمقاتلين
الأكراد الذين ينتمون لعدة أحزاب بعضها تعتبرها تركيا وأمريكا "إرهابية".
وجاء التحرك التركي عبر تصريح لوزير الخارجية، مولود جاويش، قال فيه إن تركيا ستسمح لقوات "البشمركة" الموالية لزعيم كردستان العراق، مسعود البرزاني، بالمرور من تركيا حتى تصل لمدينة عين العرب السورية، وهو التحرك الذي اعتبره محللون أتراك محاولة لعرقلة الدعم الأمريكي لمقاتلي "الاتحاد الديمقراطي" و"وحادات حماية الشعب".
تركيا تلجأ لأصدقائها في كردستان العراق
في المقابل، يعتبر "الاتحاد الديمقراطي" و"وحدات حماية الشعب"، قوات "البشمركة" العراقية وخاصة زعيمها برزاني أكثر قربا للحكومة التركية وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي طالما استقبل نظيره الكردستاني في تركيا حين كان رئيسا للوزراء، واستعان به بشكل كبير في مفاوضات السلام بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني "PKK".
وبينما كانت الحكومة التركية تواجه في الأسابيع الماضية غضبا كرديا عارما بسبب امتناعها عن دعم المقاتلين الأكراد في وجه مقاتلي "تنظيم الدولة"، وتواجه اتهامات من قبل مواطنيها الأكراد بدعم "تنظيم الدولة"، أصدر مسعود برزاني تصريحا هاما ساهم بشكل مباشر في تهدئة الغضب الكردي، قال فيه إن "الحكومة التركية ساعدت الأكراد في مواجهتهم لتنظيم الدولة، وإن تركيا تُعتبر دولة صديقة للشعب الكردي، وذات علاقات قوية مع إقليم كردستان العراق".
امتعاض ضمني لدى أكراد سوريا
كان متوقعا أن ترحب التنظيمات الكردية المقاتلة في مدينة عين العرب بالقرار التركي الذي يسمح بفتح الطريق أمام قوات "البشمركة" لتقديم المساندة، ولكن سرعان ما صرح رئيس وحدات حماية الشعب "YPG" في منطقة عين العرب، أنور مسلم، بما يخالف هذه التوقعات، كأول رد فعل على هذا القرار، قائلا إنه "لا يوجد ضرورة لإرسال قوات البشمركة للمدينة، وإن تسليح المقاتلين الموجودين هناك أهم من جلب أعداد إضافية من المقاتلين".
وقال مسلم: "نحتاج للسلاح أكثر من حاجتنا للبشمركة، إذا كانت قوات البشمركة ستأتي لعين العرب فعليها أن تتواصل مع وحدات حماية الشعب، وإذا كانت هناك حاجة فسنطلب قدومهم، وإن لم تكن هناك حاجة فليرسلوا لنا السلاح، ويبقوا في منطقتهم، ويحاربوا تنظيم الدولة هناك، فما نريده هو السلاح، ولدينا ما يكفي من المقاتلين".
ماذا تريد تركيا؟
ومن جهته، اختصر الكاتب التركي، طه دايلي، نتائج القرار التركي في مقال له بصحيفة "صباح" التركية، في نقطة واحدة هي "إيجاد مكون كردي مسلح آخر إلى جانب وحدات حماية الشعب"، مذكرا أنه منذ تخلي نظام بشار الأسد عن بعض المناطق الكردية لصالح "الاتحاد الديمقراطي" و"وحدات حماية الشعب" وحتى الآن، لم يسمح لأي مكون كردي مسلح آخر بالنشاط في هذه المناطق، بما في ذلك "البشمركة".
وأشار دايلي بمقاله تحت عنوان "ما معنى السماح للبشمركة بالدخول لعين العرب؟" إلى أن تركيا قلقة من وقوع كل المناطق الكردية في سوريا تحت سيطرة "الاتحاد الديمقراطي" و"وحدات حماية الشعب"، وإلى أنها تفضل وجود قوى كردية أخرى تربطها علاقة جيدة بتركيا، وهو ما لم يُسمح به طيلة السنوات الماضية.
وأضاف أن "وحدات حماية الشعب قبلت وستقبل بقدوم البشمركة بسبب وجود اتفاق مشترك يربط بين وصول المساعدات العسكرية (التي أنزلتها طائرات الشحن الأمريكية فجر الاثنين) وبين قبول حزب الاتحاد الديمقراطي بدخول البشمركة لكوباني"، على حد قوله.