"
القدس لن تقسم"، ثلاث كلمات أعلنها رئيس وزراء دولة الاحتلال المنتهية ولايته، بنيامين
نتنياهو، أثناء حملته الانتخابية، تلخص سياسته وحزبه اليميني تجاه مدينة القدس المحتلة، وتنذر - بحسب مراقبين - بمستقبل أسوأ في واقع المدينة المقدسة.
وكشف تحليل للجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية التابعة للكنيست، نُشر على موقع الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 18 آذار/ مارس 2015؛ أن حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو حصل على أعلى نسبة تصويت في القدس المحتلة، حيث قاربت على 25 بالمئة من إجمالي أصوات "الإسرائيليين" في المدينة.
تصعيد التهجير
وحذر النائب عن مدينة القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني، أحمد عطون، من "تصاعد عملية
التهجير وهدم المنازل، وصولا إلى تغيير الواقع الديموغرافي لمدينة القدس لصالح الهوية اليهودية".
وتوقع عطون في حديثه لـ"عربي21" أن "تصل اعتداءات الاحتلال إلى مرحلة خطيرة جدّا بحق الوجود والهوية والمقدسات والتراث والأرض، وخاصة في ظل الغياب العربي والإسلامي عن المدينة المقدسة".
واستند النائب المبعد إلى الضفة الغربية، في تقديراته، إلى المواقف المتشددة التي أعلنها نتنياهو خلال حملته الانتخابية برفض "
تقسيم القدس، والإبقاء عليها
عاصمة موحدة ووحيدة للشعب اليهودي، والعمل على إصدار المحكمة العليا قرارًا يقضي بممارسة الطقوس الدينية اليهودية في باحات المسجد الأقصى".
وبيّن أن الاحتلال يسعى إلى "القضاء على الوجود الفلسطيني في القدس بكل إمكاناته السياسية والعسكرية"، معربًا عن خشيته من "ترك المقدسي وحيدا أمام مشاريع
التهويد والإقصاء والتمييز العنصري الإسرائيلية".
وطالب عطون العالمين العربي والإسلامي بضرورة إيجاد "خطة إنقاذ للمدينة المقدسة بإعادتها إلى حاضنتها العربية والإسلامية، وتحريرها من رجس الاحتلال الجاثم على صدرها"، منوهًا في الوقت ذاته إلى ضرورة "وضع خطة صمود متزامنة؛ يستطيع من خلالها سكان القدس إحباط كافة الممارسات العنصرية للاحتلال".
مخطط القدس 2020
من جهته؛ رجّح مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد الحموري، أن تتجه حكومة الاحتلال القادمة بيمينها المتطرف إلى "زيادة تهويد القدس، وزرع المستوطنات على أراضيها بوتيرة متسارعة جدًا؛ تحقق لها السيطرة الكاملة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأضاف لـ"عربي21" أن الحكومة الجديدة ستعمل وفق "المخطط الإسرائيلي لمدينة القدس 2020"، الذي يهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني داخل ما يسمى حدود بلدية القدس؛ إلى 80 ألف نسمة فقط، مقابل زيادة عدد المستوطنين إلى نصف مليون مستوطن، عبر توطين 300 ألف مستوطن في حدود الجانب الشرقي من القدس، خلال الأعوام القادمة.
وقال الحموري إن الاحتلال سيعتمد "سياسة التهجير" وسيلة للوصول بالمقدسيين إلى أقلية فلسطينية في القدس، مشيرًا إلى أن التهجير سيمتد إلى سكان فلسطين المحتلة عام 1948، والضفة الغربية، للاستيلاء على ما سيتبقى من الأراضي الفلسطينية.
الخنق والتضييق
ولفت إلى تنفيذ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة "الخنق والتضييق" على المواطن الفلسطيني في القدس من أجل إحباطه وكسر صموده، موضحًا أن إحصائيات الدوائر الرسمية الإسرائيلية؛ تؤكد ارتفاع نسبة الفقر بين المقدسين إلى 80 بالمئة، "ناهيك عن ارتفاع معدلات الكثافة السكانية في بلدة القدس القديمة إلى ما يزيد على 33 ألف فلسطيني، وحوالي 4000 مستوطن".
وتابع: "الاحتلال يخنق المقدسيين اقتصاديًا واجتماعيًا، من أجل إفراغ المدينة، والاستيلاء عليها كعاصمة وحيدة وموحدة لليهود".
وتوقع الحموري أن تكثف الحكومة اليمينية الجديدة سياسة هدم المنازل بالقدس، في إطار نزع الهوية العربية عن المدينة وتهويدها، "وخاصة في ظل وجود 20 ألف أمر هدم من قبل المحاكم الإسرائيلية"، داعيًا كافة الجهات الرسمية الفلسطينية والعربية والدولية إلى توجيه أنظارها تجاه المخاطر المحدقة بالمدينة، والعمل على مساندتها وتعزيز صمودها.
وكان تقرير للاتحاد الأوروبي - كشفت "الغارديان" البريطانية الجمعة الماضي بعض تفاصيله - قد حذر من أن الاحتلال "يقف في نقطة الغليان التي تقع القدس في قلبها"، وذلك بسبب "استمرار
الاستيطان، ومواصلة الخروقات للمسجد الأقصى، حيث تعيش القدس حالة عنف خطير لم تشهده منذ الانتفاضة الثانية".