نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا حول ظاهرة المقاتلين
الأفغان في
سوريا، للصحافية سارة إليزابيث ويليام، قالت فيه إن إيران صعدت من دعمها لحليفها المحاصر بشار
الأسد، حيث ظهرت وجوه جديدة في ساحة الحرب السورية هم الأفغان.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن التقارير الواردة من المعارضة السورية والمصادر المدنية في جنوب سوريا ترسم صورة تظهر فيها القوات التي تحارب باسم الحكومة مدولة إلى حد بعيد، فبحسب المعارضة ومجموعات الرصد المستقلة فإن حوالي 80% من المقاتلين بجانب النظام السوري في محافظة درعا هم من الأجانب.
ويبين الموقع أن منظر المقاتلين
الشيعة من إيران والعراق، وحتى من اليمن، أصبح مألوفا في جنوب سوريا، ولكن في الفترة الأخيرة لاحظ المقاتلون والمدنيون والمراقبون ارتفاعا في أعداد المقاتلين الأفغان، وبالذات من
الهازارا من كتيبة الفاطميين.
وتذكر الكاتبة أن وسائل إعلام المعارضة تمتلئ بالصور والفيديوهات للمقاتلين الأفغان، الذين قتلوا أو أسروا في المعارك الدائرة، وفي إحدى الحالات تم استجوابهم وسؤالهم إن كانوا يتحدثون العربية أم أنهم "صناعة صينية".
ويلفت التقرير إلى أنه بعد خمسة أيام من أسر الثوار المقاتلين في اللجاة لرجل أفغاني ظهر في فيديو لناشط وهو يتعلم الدبكة مع مقاتلين سنة ويدخن، بينما يجيب عن الأسئلة. كما تم نشر صور لكتيبة الفاطميين، التي تم حشدها لمعركة اللجاة ودرعا، تم التقاطها بواسطة أجهزة هواتف نقالة استولى عليها مقاتلو المعارضة.
وينوه الموقع إلى أن المتخصص في الجماعات الشيعية المسلحة الباحث البارز فيليب سميث قد وثق وجود مقاتلين أفغان في سوريا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2012. كما شهد ازديادا ملحوظا في أعداد هؤلاء المقاتلين في الأشهر والأسابيع الأخيرة.
وينقل التقرير عن سميث قوله: "إن هذه إشارة إلى كيفية استخدام الإيرانيين لقوة شيعية أخرى، لإضافتهم إلى المقاتلين الأجانب الذين أتت بهم من العراق".
وبحسب سميث، فإن إيران بدأت برنامج تجنيد للأفغان الشيعة في أواخر عام 2013، وتسارع هذا البرنامج عام 2014، واستخدم لدعم الدور الذي يقوم به
حزب الله في سوريا.
ويضيف سميث للموقع: "لقد تحمل حزب الله عبئا كبيرا في سوريا، وخاصة في الفترة الأخيرة، والآن يحاولون تجنيد عدد كاف من الأفراد لتحمل مسؤولية مناطق جغرافية أوسع. وإضافة هؤلاء المقاتلين الأفغان تساعد في هذه العملية".
وتجد ويليام أن استخدام المقاتلين الأفغان يأتي في وقت ضعف فيه الجيش السوري وتغير فيه الطقس. ويقول سميث: "إنه مع ذوبان الثلج تصبح الظروف بالنسبة للثوار السوريين والجهاديين السنة في أنحاء سوريا كلها وأجزاء من لبنان أفضل، ولذلك هناك حاجة للمزيد من المقاتلين لمواجهتهم. وشيعة الهازارا، الذين تحول بعضهم إلى لاجئين بسبب طالبان، عددهم كبير، ويشكلون مجموعة جيدة للاستخدام في حرب طائفية في سوريا".
ويورد التقرير أن طائفة الهازارا تشكل ثالث أكبر مجموعة إثنية في أفغانستان، وهم بشكل رئيس يتبعون المذهب الاثني عشري، والرجال الذين يقاتلون في سوريا منهم مدفوعون بدوافع أيديولوجية، فهم متطرفون شيعة يقاتلون دفاعا عن عقيدتهم في وجه المتطرفين السنة، وقال المتحدث باسم الثوار: "هؤلاء الرجال يقاتلون حتى الموت، إنهم جاهزون للموت"، وهذا واضح في ساحة المعركة.
ويستدرك الموقع بأن الدوافع الأيديولوجية لا تشي بكامل الرواية. ولكن الهازارا يعدون من الطبقة المسحوقة في النظام الطبقي في أفغانستان، التي يتبوأ فيها البشتون قمة الهرم، وقد هرب الكثير من الهازارا إلى إيران، ويعيشون هناك لاجئين، حيث يعدون "مواطنين من الدرجة الثانية"، بحسب المعلق على الشأن الإيراني بوتكين أزارميهر.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أزارميهر قوله: "معظم الأفغان الهازارا الموجودين في سوريا كانوا لاجئين في إيران، وتم إغراؤهم بمكافآت في إيران تتضمن إقامة دائمة فيها لهم ولعائلاتهم".
وتفيد الكاتبة بأن الرواتب التي تدفع لهم سخية، فبحسب مقابلة لأحد أعضاء كتيبة الفاطميين، اعترف بأن معدل الرواتب ما بين 500 إلى 700 دولار في الشهر، وهذه رواتب مرتفعة في ساحة معركة لا يحصل الجنود المحترفون فيها على جزء قليل منها. وحتى بين مقاتلي الثوار الذين تدعمهم أمريكا في الجنوب السوري، فإن أكثر الرجال لا يقبضون أكثر من مئة دولار في الشهر.
وبحسب أزارميهر، فإنه بالنسبة لأشخاص اعتادوا أن يكونوا "أشخاصا غير مرغوب بهم"، أن يدفع لهم مثل هذه الرواتب، ويوعدون بإقامة شرعية، فإن هذه مغريات قوية. وترحب الحكومة السورية، التي تعاني في إدلب وفي القنيطرة ودرعا، بالتأكيد بقوة مثل هذه تدفع تكاليفها حليفة قديمة.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أنه مع تدفق الأفغان إلى سوريا بالمئات والآلاف لينضموا إلى الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين الشيعة للقتال في معركة تقودها إيران وحزب الله، ولا تقوم على مبدأ الدولة القومية، بل على العقيدة، يبقى السؤال المطروح هو: بأي سرعة وأي سهولة يستطيع بشار الأسد أن يفرض سلطته على القوات الأجنبية على الأرض، التي لا تزال، ظاهريا على الأقل، تحت حكمه؟