قوبلت مبادرة حزب "
البناء والتنمية"
المصري الداعية إلى إجراء مصالحة وطنية بالتجاهل والتهميش من قبل سلطات الانقلاب، كما تحفظت عليها جماعة الإخوان المسلمين.
وكان حزب "البناء والتنمية" الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في مصر، قد أعلن الأحد الماضي عن مبادرة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تحت عنوان: "يا قومنا .. تعالوا إلى كلمة سواء".
ودعا الحزب في مبادرته إلى ضرورة أن تتضافر جهود جميع القوى في مصر من أجل إنهاء الأزمة الراهنة، وذلك من خلال "المصالحة الوطنية الشاملة، والحلول السياسية العادلة، وليس عن طريق استئصال الخصوم، والقضاء عليهم في معادلة صفرية يسعى إلى تحقيقها أطراف الصراع".
واقترح الحزب الذي تأسس عقب ثورة 25 يناير المصرية، حلا للأزمة على ثلاث مراحل، تهم الأولى "تهيئة الأجواء والتهدئة بين أطراف الأزمة في أقصر وقت ممكن"، على أن تشمل الثانية "الحوار السياسي بين أطراف الأزمة برعاية لجنة من حكماء الوطن المخلصين المشهود لهم بالوطنية، والاستقلال، والنزاهة، وفق المبادرة".
أما المرحلة الثالثة فتدعو إلى "المصالحة الوطنية الشاملة، وبناء رؤية مشتركة مع كل القوى الوطنية في المشهد، وإقامة شراكة حقيقية في تصور مستقبل الوطن".
وقال المتحدث الإعلامي باسم الحزب أحمد الإسكندراني: "إن الحزب طرح مبادرته بهدف "نزع فتيل الأزمة، وإزالة حالة الاحتقان المتصاعدة، وصولا إلى بناء الوطن على أسس صحيحة، من خلال الحلول السياسية، والحوار الرشيد".
وحذر الإسكندراني من خطورة الأوضاع التي تعيشها مصر، "والتي تتطور بخطوات متسارعة تكاد تعصف باستقرارها، وتقطع أواصر الوحدة بين أبناء شعبها"، كما حذر مما وصفها بـ" الآثار الوخيمة للأزمة التي تضع مصر على أبواب الاحتراب".
ويرى مراقبون أن مبادرة حزب "البناء والتنمية" جاءت فاقدة لأي معالم أو بنود توضح موقفها من المسائل محل النزاع، مثل عودة الرئيس الشرعي للبلاد محمد مرسي.
ولم تعلق جماعة الإخوان المسلمين على المبادرة، ولم يصدر عنها أي تعليق رسمي، ولم تبرزها القنوات الإعلامية المقربة من الجماعة المناهضة للانقلاب.
من جهة أخرى أكد متعاطفون مع جماعة الإخوان أن النظام الانقلابي في مصر حاليا ليس جزءا من الحل، وإنما هو جزء من الأزمة، بل الأزمة نفسها.
وبدورها تجاهلت سلطات نظام الانقلاب المبادرة، فيما شككت في مضامينها وسائل الإعلام والصحف الموالية للسيسي؛ حيث عرضت بنودها وناقشتها من خلال استضافة منشقين عن الجماعة الإسلامية، وتباروا في مهاجمة المبادرة، وتسفيهها؛ ومثال على ذلك علقت جريدة "اليوم السابع"، الموالية للانقلاب، على المبادرة، بالقول: "إنها تسلط الضوء على أبرز الأحزاب المتحالفة مع الإخوان، التي دعت إلى مصالحة وطنية، وإن اختلفت أشكالها، وطريقة تنفيذها، إلا أنها جميعها باءت بالفشل، وهي أحزاب (البناء والتنمية، والبديل الحضاري، والوطن، والوسط).
ونقلت صحف أخرى قول سلامة حمودة القيادي في "جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية" المدعومة أمنيا من سلطات الانقلاب، حيث وصف المبادرة بـ"أنها تعكس حالة الإفلاس التي تعاني منها الجماعة منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي منذ عامين".
وقال القيادي السابق بحزب البناء والتنمية، عبد الرحمن صقر: "إن الحزب يحاول التواجد وتغيير الصورة عنه بأنه وسيط، وليس طرف"، زاعما أن "الحزب والجماعة طرف في الأزمة لأنهم يؤيدون، ويدعمون جماعة الإخوان"، وفق قوله.
وكان نائب رئيس الحزب الإسلامي، عضو التحالف الوطني لدعم الشرعية، مجدي سالم، أكد أن "عودة الشرعية، والإفراج عن المعتقلين منذ انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، يعد شرطا أساسيا للحوار من وجهة نظر التحالف".
وأضاف -في تصريحات صحفية-: أنهم يقبلون ببعض الحلول الوسط منها إجراء استفتاء شعبي أو انتخابات رئاسية مبكرة، "إلا أننا نرفض أن نستسلم للأمر الواقع الذي فرضته السلطة، وسنستمر في التعبير عن رفضنا هذا بشكل سلمي"، وفق قوله.
وكانت الجماعة الإسلامية قدمت العديد من مبادرات الحل السياسي أبرزها في الخامس من تموز/ يوليو 2013، وفي تشرين الثاني/ أكتوبر 2013، كما قدمت الجماعة رؤية للخروج من الأزمة في كانون الثاني/ يناير 2014، مؤكدة تمسكها بموقف المعارضة السلمية، من خلال تحالف يمثل مظلة للسلمية مع ضرورة البحث عن حل سياسي للأزمة.