لم تمنع إصابة الشاب الأردني عامر بفايروس منع المناعة المكتسبة "
الإيدز"، من الزواج وتكوين أسرة من طفلتين سليمتين.
عامر من ضمن ما يقارب 310 أردني متعايشون مع فايروس الإيدز منذ سنوات، يصارعون الفايروس ونظرة مجتمع محافظ أقرب ما تكون " لوصمة العار " تلاحقهم في مجالات الحياة من العمل والزواج والإندماج في المجتمع.
و بدأ أردنيون ناشطون قبل سنوات بالسعي لتغيير "الصورة التنمطية و وصمة العار" التي تلاحق مصابي الإيدز من خلال تأسيس جمعية الرؤى الإيجابيه لرعاية المتعايشيين مع مرض الإيدز عام 2010 إلا أن الجمعية سرعان ما أغلقت أبوابها أمام المنتسبين بعد زوال الدعم المادي الذي كانت تحصل عليه.
يقول رئيس الجمعية سامر المحمود لصحيفة "
عربي 21" إن " الجمعية كانت تشكل الجسم الجامع للمتعايشين مع فايروس الإيدز، حيث يقدم لهم المشورة والتوعية، ويتوفر لهم المكان لعقد ورشات العمل بعد رفض العديد من الفنادق لإقامة فعاليات للمتعايشين مع فايروس الإيدز بسبب وصمة العار".
وصمة عار
وتأتي وصمة العار التي تلاحق المتعايشين مع فايروس الإيدز، بسبب طرق انتقال الفايروس ومنها الإتصال الجنسي، وتلاحق الوصمة حتى من أصيب بالمرض من خلال طرق أخرى كنقل الدم أو الولادة مع الفايروس كما هو حال أحمد الذي أصيب من خلال عملية نقل دم ملوث في ثمنينات القرن الماضي".
وحسب أحمد " تسبب نظرة المجتمع بآثار نفسية عميقة للمصاب بالفايروس، حيث يشعرك المجتمع بأنك وباء متنقل يرفضون الاقتراب منك أو المصافحة والأكل معك، بالرغم من عدم انتقال الفايروس بالطرق التقليدية كالمصافحة والعطاس واللعاب".
على صعيد العمل، انتقدت منظمة العمل الدولية في تقرير سابق ما أسمته "التمييز ضد المصابين بالإيدز في مجال العمل بالأردن" وقالت المنظمة "إنه وبالرغم من أن قوانين الأردن لا تميز صراحة ضد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة، إلا أنها لا تتيح مستويات ملائمة من الحماية، إذ يتعرض من أصيب بالفايروس لخطر الفصل التعسفي وعدم كفاية فرص الحصول على الحماية الاجتماعية أو تغطية الإصابات المهنية بعض المشاكل التي يواجهها العمال الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية".
وحسب المتعايش مع الفايروس نضال "لا تتوقف نظرة التمييز عند العمل والمجتمع، إنما تشمل بعض الكوادر الطبية التي ترفض علاج المصابين أو حتى الإقتراب منهم".
وبدأت وصمة العار تلاحق نضال عندما اكتشف "صدفة" إصابته بالفايروس، حينما أراد التبرع بالدم عام 2000 ليمتص الصدمة فيما بعد و ينشط في مجال التوعية بالفايروس وطرق انتقاله.
يقول المتعايش مع الفايروس إن "العار يلاحق حتى الأطفال الذين انتقل الفايروس لهم من الأب أو الأم، أو من نقل لهم الفايروس من خلال نقل الدم".
الأردن يسجل أول إصابة بالإيدز عام 1986
وسارعت السلطات الأردنية لإطلاق برنامج وطني لمكافحة فايروس الإيدز مع اكتشاف أول إصابة، و يهدف البرنامج إلى "تنفيذ إجراءات وزارة الصحة للمكافحة والوقاية والعلاج، وينفذ البرنامج ضمن برامج الثنائية مع منظمة الصحة العالمية ومع برنامج هيئة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل و الملاريا للحد من انتشار مرض الإيدز محليا".
"وسجلت أول حالة إصابة بفايروس (HIV ) الايدز بالأردن عام 1986، ليرتفع العدد منذ ذلك الحين إلى 310 إصابة بين صفوف الأردنيين" وذلك حسب عبد الله البرماوي عضو البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في وزارة الصحة الأردنية.
"9 حالات جاءت نتيجة انتقال الفايروس من الأم الى الجنين و 7 حالات نتيجة التشارك بأداوات ثاقبة أثناء تعاطي المخدرات، و 214 حالة نتيجة اتصالات جنسية، و64 حالة نتيجة نقل الدم والتشارك بأدوات حادة". مؤكدا أن "مخزون الدم في الأردن آمن ولم تسجل حالات جديدة من خلال نقل الدم حيث يخضع المتبرع لفحصوات تتعلق بالكشف عن فايروس الإيدز".
يقول البرماوي لصحيفة "
عربي 21" إن "المعدل التراكمي للإصابة بالفايروس بين صفوف الأجانب على أرض المملكة منذ عام 1986 إلى اليوم بلغت 813 إصابة".
ويقر بالوقت ذاته" بوجود تخوف لدى الجميع ومن بينها الكوادر الصحية، مؤكدا أن "الفايروس لا يشكل خطرا ولا ينتقل من خلال الرذاذ أو اللعاب أو المصافحة أو الأكل مع المريض".
و حسب المسؤول في وزارة الصحة الأردنية "بذل البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز جهودا للتوعية بالمرض في صفوف الكوادر الطبية الذين يتلقون دروسا ضمن المساقات الأكاديمية تتضمن معلومات حول الفايروس وكيفية انتقاله".
إلا أن رئيس الجمعية سامر الحمود يؤكد أن "غياب الدعم المادي أيضا أثر على الخدمات التي يقدمها مركز المشورة التابع للبرنامج من حيث التوعية والدعم النفسي".
يقول "كانت الممكلة الأردنية حصلت منحة من منظمة الصحة الدولية منذ سنوات بقيمة 5 ملايين دينار تصرف على مدار 5 سنوات، وبواقع مليون دينار سنويا، يتم تخصيص 200 ألف منها لعلاجات المرضى، فيما يصرف باقي المبلغ على حملة التوعية الوطنية لمكافحة المرض، إلا أن المنحة نفذت".
ما هو فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV/AIDS ؟
ويقدم البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز على موقع الإلكتروني نبذة عن المرض وكيفية الوقاية، ويعرفه بأنه فصيلة الفيروسات القهقرية لا تستطيع أن تتكاثر أو تعيش إلا داخل خلايا جسم الإنسان، ويغلف الفايروس غلاف خارجي يتألف من بروتينيات خاصة به، بواسطتها يتعلق الفيروس بخلية الإنسان ليدخل إليها ويدمر جهاز المناعة، وتم التعرف إلى ثلاثة أنواع من الفيروس وهي:HIV 0 و HIV 1وHIV 2 ومع انHIV 1 هو الأكثر انتشارا عالميا إلا أن كلاهما يتسببان في المرض والأعراض نفسها، لكن الأشخاص الذين يصابون بال HIV2 يعيشون أكثر من الذين يصابون بالـ HIV 1".
يفرق عضو البرنامج الوطني لمكافحة الايدز عبد الله البرماوي بين المتعايش والمصاب بالإيدز، يقول "الشخص المصاب هو الذي يحمل الفايروس ولكن لا تظهر عليه اي اعراض مرضية ناتجه عن انهيار جهاز المناعة و يطلق عليه اسم متعايش، اما المريض بالايدز هو من يصل الى مرحلة انهيار المناعة وبدء ظهور الأمراض الانتهازية كمرض السل او الاتهابات الرؤية الشديدة او الاسهال الشديد التي تنتهز عدم وجود مناعة".
و تتحكم أمور عديدة في بقاء الفايروس كامنا او انهيار جهاز المناعة لدى المصاب بالفايروس، يوضحها البرماوي بالأسباب التالية : "مدى قوة او ضعف مناعة الشخص عند الإصابة بالفايروس، وهل يعاني المصاب يعاني من امراض اخرى كالسرطان ، كما ترتبط ايضا بمدى التغذية الجيدة للمصاب، وهل يتمتع ببنية جسمية صحية ويمارس الرياضة،كما يلعب حجم الحمل الفيروسي (عدد الفايروسات بالدم) الذي تعرض له الشخص المصاب دورا في ظهور الاعراض من عدمه، واخيرا مدى التزام المصاب بتناول العلاج المثبط للفايروس".
ويفضل الحمود " اطلاق لقب متعايش، للتخفيف من الوقع النفسي على المريض" مؤكدا ان " المتعايش مع فايروس الايدز يتمتع بصحة جيدة ويستطيع الزواج وممارسة حياته طالما يسيطر على الفايروس من خلال العلاج".
ولا يمكن معرفة ما اذا كان الشخص مصابا بعدوى الايدز الا من خلال القيام بالفحص المخبري، كون الشكل الخارجي لايدل على الاصابة بعدوى الفيروس او المرض،اذ قد الشخص حاملا للفيروس و لاتظهر علية الاعراض.
لا علاج للفايروس
يؤكد البرماوي ان " لا علاج شافٍ حتى الان من فايروس الايدز، فالعلاج الثلاثي الذي يعطي للمريض لا يقتل الفايروس، انما يحد من تكاثره داخل الجسم، و يؤدي العلاج بان تصبح عدد الفايروسات السابحة بالدم صفر، حيث يوفر الدواء مجانا، حيث تحث وزارة الصحة الاشخاص المتعايشين ضرورة المواظبة على اخذ العلاج لان عدم الالتزام يولد فايروس مقاوم للدواء".
وحسب وزارة الصحة الأردنية يقدم العلاج مجانا للمصابين بالفايروس بكلفة تصل الى 300 دينار شهريا لكل مصاب ، منها 250 دينار كلفة العلاج الثلاثي و 50 دينارا كلفة الفحوصات المخبرية.
نحو حياة طبيعية
ويسعى المتعايشون مع الفايروس للعيش حياة طبيعية دون نظرة تميزهم او توصمهم في المجتمع، مطالبين بعدم ترك " الارشاد والتوعية بالمرض رهينية التمويل والمنح الاجنبية".
محملين بعض وسائل الإعلام المسؤولية "بنقل صورة خاطئة عن المصاب بالفايروس تتمثل بأنه " شخص ميت يمشي او وباء متنقل".