يرى نيكولاس بلانفورد في تقرير نشرته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"، أن الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري، بدعم
إيراني ومقاتلي حزب الله شمال
سوريا، مرتبطة بشكل وثيق بأهداف الحملة العسكرية الروسية.
ويشير التقرير إلى أن الجيش السوري بدأ بعد أشهر من النكسات بالرد على جماعات المعارضة، مدعوما بشكل غير مسبوق من إيران وروسيا. ويحاول الجيش السوري مدعوما من مقاتلي حزب الله والمليشيات الشيعية من أفغانستان والعراق، وبغطاء جوي روسي، استعادة المناطق التي خسرها في محافظة حماة.
ويعلق الكاتب بأن الحملة، التي بدأت الأسبوع الماضي، هي جزء من حملة واسعة تهدف إلى إخراج المعارضة السورية من الشمال السوري كله، حتى الحدود مع تركيا؛ من أجل تأمين المناطق الرئيسية للنظام على ساحل البحر المتوسط.
وتنقل الصحيفة عن أحد قادة وحدات حزب الله اللبناني، قوله: "لا مزيد من القتال الدفاعي، ونحن الآن نهاجم". وأضاف القيادي الخبير، الذي قاتل في سوريا في أكثر من مهمة: "نعم سنتكبد خسائر، ولكن اللعبة ستنتهي سريعا، وسنصل إلى حدود تركيا".
ويقول بلانفورد إن ما سيأتي بعد تحقيق ما يريده الجيش السوري وحلفاؤه غير معروف. متسائلا: هل سيتقدم التحالف الجديد بقيادة
روسيا، والمكون من العراق وسوريا وإيران وحزب الله، نحو الشرق، لاستعادة ما خسره النظام من مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة السورية والجهاديين من تنظيم الدولة؟ أم سترضى روسيا بتحقيق هدف تقوية وضع
الأسد في تسوية محتملة للأزمة السورية، التي مضى عليها أكثر من أربع سنوات، وبناء على شروط تخدم مصالح روسيا الإستراتيجية؟
وينقل التقرير عن الزميل الباحث في المعهد الملكي للدراسات الدولية "تشاتام هاوس" في لندن نيكولاي كوزانوف، قوله: "لو حاول (فلاديمير بوتين) استعادة كامل البلاد، فعندها سيحصل على أفغانستان أخرى، حيث سيسيطر على المدن الرئيسة، ولكن ليس على البلدات والقرى، التي ستظل في حالة حرب أهلية دائمة".
وتذكر الصحيفة أن روسيا بدأت بنشر المقاتلات في سوريا في شهر آب/ أغسطس، وبدأت في الأسبوعين الماضيين بشن غارات ضد أهداف في شمال سوريا.
ويجد الكاتب أنه في الوقت الذي تقول فيه موسكو إنها تهاجم "الإرهابيين"، خاصة تنظيم الدولة، الذي يسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق، إلا أن الكم الأعظم من الهجمات تركز على الجماعات المعارضة لنظام بشار الأسد في حماة وحلب وإدلب، في محاولة لدعم قوات الجيش الموالي للنظام.
ويلفت التقرير إلى أن أشرطة فيديو متوفرة على الإنترنت منذ الأسبوع الماضي، أظهرت طائرات "ميغ" روسية وهي تنقض على قرى في شمال حماة، وتطلق من مدافعها صواريخ أو تسقط قنابل.
وتوضح الصحيفة أن الجيش السوري والقوى المتحالفة معه، تعمل على ثلاث جبهات رئيسة:
جبهة محافظة حماة، التي تتركز على بلدة كفر زيتا، وسهل الغاب والجزء الشمالي الشرقي من محافظة اللاذقية، حيث يحاول الموالون للنظام طرد مقاتلي المعارضة، الذين يسيطرون على الجبال المطلة على المناطق. وهناك جبهة رابعة يبدو أنها فتحت بشكل جدي يوم الخميس، وذلك عندما قصف الطيران الروسي منطقة للمقاتلين تربط الطريق الرئيسي بين المدينتين الواقعتين تحت سيطرة النظام، وهما حمص وحماة. وشهدت بلدة تلبيسة معارك حامية، حيث حاول الجيش ومقاتلو حزب الله كسر خطوط دفاع المقاتلين.
ويرى بلانفورد أنه في حالة نجاح النظام على الجبهات الأربع، فإنه سيتمكن من تأمين خطوط الإمداد بين حمص وحماة، وسيجبر المقاتلين في شمال حلب وإدلب وشرق اللاذقية على الانسحاب.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن هناك جبهة خامسة، ولكنها أكثر طموحا، ويتوقع أن تفتح بشكل قريب، وسيحاول فيها الجيش السوري استعادة المناطق في حلب، التي تبعد 30 ميلا عن الحدود مع تركيا.
وتورد الصحيفة أنه بحسب تقارير، فسيلقى الجيش السوري دعما من حزب الله ومئات من الجنود الإيرانيين، الذين وصلوا إلى قاعدة حميميم جنوب اللاذقية، التي أصبحت نقطة الانطلاق للتدخل الروسي. وتقول مصادر مقربة من حزب الله إن حوالي 3 آلاف مقاتل من جنوب لبنان تم حشدهم ووضعهم على أهبة الاستعداد؛ كي يتم نشرهم في أي وقت في سوريا، بالإضافة إلى 5 آلاف موجودين هناك.
ويستدرك الكاتب بأنه رغم حجم الحملة العسكرية للنظام، إلا أن التقدم لا يزال بطيئا أمام المقاومة الشرسة التي أبدتها المعارضة. وكان جيش الفتح قد أعلن عن المعركة من أجل تحرير حماة الخميس. مشيرا إلى أنه يقال إن دفاع المعارضة أسهمت فيه شحنات أسلحة بعثتها حديثا السعودية، واشتملت على 500 صاروخ مضاد للدبابات من طراز "تي أو دبليو". ومنحت الطبيعة الجغرافية المفتوحة لسهل الغاب المقاتلين ميزة على القوات السورية، حيث استطاعوا استخدام الصواريخ ذات التأثير القاتل.
وينوه التقرير إلى أن وحدات مقاتلة تابعة للجيش السوري الحر تقول إنها دمرت في اليوم الأول من المعارك 15 دبابة، فيما أطلقت عليه "مذبحة الدبابات". وكان أحد ضحايا الصواريخ حسن حسين الحاج، وهو أحد قادة حزب الله البارزين، الذي مات في محافظة إدلب. وقتل قيادي بارز آخر من حزب الله بعد يوم واحد من مقتل الحاج. كما قتل أربعة من قادة الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال حسين همداني، الذي قتل قرب حلب.
وتبين الصحيفة أنه ربما كان التقدم بطيئا بالنسبة للأسد، لكن الجبهة الواسعة والمتعددة هي، كما يقول دبلوماسي غربي،"لعبة الشطرنج الجديدة في الشرق الأوسط"، التي تلعبها موسكو وطهران.
وتختم "ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى قول الدبلوماسي الغربي: "ستكون هناك عمليات مضادة، وسيتعرض الروس والإيرانيون لمفاجأة بشعة، وهناك مقاومة شديدة تنتظرهم"، ويستدرك قائلا: "لكن التعاون بين حلفاء الأسد يظل قويا كما كان وعملياتيا، ولكن الروس هم الذين يتخذون القرارات الآن".