تستعد السلطة بالجزائر للإفراج عن
الدستور الجديد في أوج
الاحتقان السياسي الحاصل بين مؤيدي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومحيطه الرئاسي، وخصومهما من أحزاب المعارضة، وبعض الوزراء السابقين، وعدد من الشخصيات السياسية والعسكرية المحالة على التقاعد.
ولم تحدد السلطة
الجزائرية الموعد المحدد لكشف وثيقة الدستور الجديد، لكن اجتماعا عالي المستوى، ترأسه الرئيس بوتفليقة، الاثنين، خصص لدراسة الوثيقة الدستورية الجديدة، يعد مؤشرا على أن السلطة تنوي الإفراج عن الدستور بشكله الجديد قريبا.
وشارك بالاجتماع، الذي عقد بمقر الرئاسة، الوزير الأول عبد المالك سلال، ووزير الدولة مدير الديوان لدى رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، ووزير الدولة المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية الطيب بلعيز، ونائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، ووزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، وبوعلام بسايح مستشار لدى رئيس الجمهورية.
وقال الرئيس بوتفليقة في رسالة إلى الجزائريين بمناسبة عيد الثورة الجزائرية يوم 5 تموز/ يوليو الماضي، إن موعد مراجعة الدستور لن يزيد عن نهاية العام 2016. لكن، وإن عقد الرئيس بوتفليقة اجتماعا بخصوص الدستور الجديد، إلا أنه لا يستطيع تمريره قبل نهاية السنة، بالنظر إلى المسار القانوني الذي تتطلبه المصادقة عليه.
وعجزت الحكومة الجزائرية عن طرح دستور، ظل مجرد مشروع وثيقة منذ شهر نيسان/ أبريل 2011، إذ ألقى الرئيس الجزائري، حينها خطابا كشف فيه عن جملة من الإصلاحات السياسية، بينها مراجعة الدستور.
وقامت الحكومة الجزائرية بتعديل خمسة قوانين، منها قانون الأحزاب، وقانون الانتخابات، وقانون الإعلام، وقانون التمثيل السياسي النسوي، وقانون حالات التنافي، لكن الدستور الجديد، ظل معطلا ولم يعرف له توافق بين الأجنحة داخل الحكم.
والواضح أن الطبقة السياسية بالجزائر لم تعد تعتبر الدستور الجديد أولوية ملحة بالنسبة لعموم الجزائريين المتخوفين من مرحلة مقبلة، يكتنفها غموض رهيب بشأن المستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد في ظل إنهيار أسعار النفط، عصب الاقتصاد الجزائري.
وترى أحزاب المعارضة أن الأولوية تكمن في البحث عن سبل للخروج من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تراجع موارد الخزانة العمومية، وهي أزمة "تتحمل السلطة مسؤوليتها كاملة" بنظر جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد" المعارض، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء.
وتابع جيلالي: "الجزائريون من حقهم معرفة وجهة 800 مليار دولار تم صرفها من قبل نظام الرئيس بوتفليقة منذ وصوله إلى سدة الحكم عام 1999".
ولم تكشف السلطة عن مضمون الدستور الجديد، عدا ما تداوله خبراء مستقلون من أن الرئيس بوتفليقة أوصى بغلق الفترات الرئاسية، بفترة واحدة من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
وكان الرئيس الجزائري أمر بمراجعة الدستور عام 2008، حيث عمد إلى رفع القيد عن الفترات الرئاسية، إلى "مدى الحياة"، بعدما كانت مقيدة بفترة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، كما هو الشأن بالنسبة للدستور الأمريكي والروسي.
ولجأ بوتفليقة إلى هذا التعديل من أجل أن يتسنى له الترشح لولاية ثالثة بموجب انتخابات الرئاسة التي جرت في نسيان/ أبريل 2009، وبموجب هذا التعديل أيضا ترشح ثم فاز بولاية رابعة بانتخابات نيسان/ أبريل 2014.
ويبدو أن الرئيس بوتفليقة قد تراجع عن قرار إجراء "مراجعة عميقة "على الدستور، مثلما أكد بخطابه عام 2011، وقالت فتيحة بن عبو، المختصة بالقانون الدستوري بالجزائر في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء، "في اعتقادي أن الرئيس بوتفليقة لن يغير كثيرا في الدستور المقبل، وربما سيغلق العهدات الرئاسية، ويعطي الحكومة بعض الصلاحيات، استنادا إلى كونه غير قادر على التحكم في كل شيء، لأنه يستحيل على أي إنسان تحمل القيام بمعالجة كل الأمور لوحده".