لا يكاد يمر يوم في
مصر إلا ويتابع المصريون واقعة أو أكثر لاعتداء
أمناء الشرطة على أحد المواطنين.
وبعد أن كانت هذه
الاعتداءات تقتصر حتى وقت قريب على المواطنين البسطاء، تطور الأمر وطالت تجاوزات أمناء الشرطة شرائح جديدة في المجتمع مثل الأطباء والمحامين، بل وحتى أعضاء مجلس النواب الذين يتمتعون بحصانة برلمانية.
اعتداءات لا تتوقف
وكان مطار القاهرة قد شهد أمس الاثنين اعتداء أحد أمناء الشرطة المكلفين بحراسة المطار على النائب
البرلماني محمد عبد الغني أثناء استقبال ابنته القادمة من الخارج، ورغم أن أخبره النائب بأنه سيصعد الأمر للمسؤولين في وزارة
الداخلية، إلا أن أمين الشرطة استمر في التطاول عليه وسب البرلمان ونوابه.
وأعلن عضو مجلس النواب النائب فوزي الشرباصي، أن "تجاوزات أفراد وأمناء الشرطة أصبحت غير محتملة، واصفا اعتداء أمناء الشرطة على أعضاء مجلس النواب مؤخرا بأنها قلة أدب".
وهدد الشرباصي استدعاء وزير الداخلية داخل البرلمان لمساءلته عن الاعتداءات المتتالية من الأمناء على المواطنين وآخرها الاعتداء على أطباء مستشفى المطرية، مشدا على أنه لا بد أن يكون هناك احترام متبادل بين الشرطة والمواطنين.
وعلى الرغم من عدم التوصل إلى حل لأزمة اعتداء أمناء الشرطة على الأطباء داخل مستشفى المطرية بالقاهرة، شهدت مستشفى إيتاي البارود بمحافظة البحيرة اعتداء اثنين من أمناء الشرطة على العاملين بالمستشفى بالضرب.
وقال العاملون بالمستشفى إن الأمناء اعتدوا عليهم بعدما طالبوهم بدفع قيمة التذكرة المقررة قبل السماح لهم بزيارة أحد المرضى، ورفضوا الالتزام بالقانون.
وقال الدكتور إسماعيل هاشم، مدير المستشفى، في تصريحات صحفية، إنه عندما توجه إلى نقطة الشرطة الموجودة داخل المستشفى لتحرير محضر ضد أميني الشرطة، فوجئ بضابط الشرطة رئيس النقطة يتطاول عليه ويقول له "وإيه يعني لما العمال ينضربو؟"، مضيفا أن الضابط هدد باعتقال العاملين المجني عليهم واصطحابهم لمركز الشرطة، ولم تحل المشكلة إلا بعد حضور مدير أمن البحيرة ونائب مدير الأمن ووكيل وزارة الصحة إلى المستشفى، واحتووا المشكلة مراعاة لظروف البلد الحالية.
اتهامات بالتحرش
وفي القاهرة، بدأت النيابة العامة بالتحقيق مع أمين شرطة بمنطقة المطرية بعد توجيه سيدة اتهامات له بالتحرش جنسيا بها أثناء وجودها في إحدى محطات مترو الأنفاق.
وقالت السيدة إنها فوجئت بأمين الشرطة المكلف بحراسة محطة عزبة النخل يمسك يديها ويلمس أعضاء حساسة في جسدها قائلا لها: "تعالي معايا البيت وأنا هدفع أكتر"، وعندما صرخت وسبته رفع سلاحه الميري في وجهها وهددها بالقتل واستولى على حقيبة يدها والمبالغ المالية الموجودة بها.
وفي محافظة الشرقية، نظم عشرات من المحامين مظاهرة أمس الاثنين بمدينة منيا القمح، احتجاجا على اعتداء أمين شرطة بالضرب على أحد زملائهم أثناء ممارسة عمله داخل المحكمة.
ولوقف هذه التجاوزات المتكررة، طالب النائب سمير غطاس، عضو مجلس النواب بإلغاء مهنة أمين الشرطة من وزارة الداخلية بالكامل للتخلص من مشكلاتها المتزايدة.
وأضاف غطاس، في مداخلة هاتفية مع قناة النهار: "إن هذه الفئة تتعامل بغطرسة مع المواطنين، وتسبب الكثير من الأزمات في حين أننا لا نعرف على وجه اليقين دورها في المنظومة الأمنية، فهي رتبة أقل من الضابط وأعلى من المجند".
وكان اعتداء عدد من أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية قد أشعل شرارة الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها نقابة الأطباء، وكان آخرها الجمعية العمومية الطارئة التي شهدت مشاركة الآلاف من الأطباء يوم السبت الماضي، في ظل تضامن واسع معهم من القوى السياسية المختلفة.
كوارث لا تنتهي
ودفعت هذه الاعتداءات المتكررة إعلاميين مؤيدين للنظام للمطالبة بالتخلص من أمناء الشرطة، محذرين من خطورتهم على استقرار الأوضاع في البلاد.
وقال عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة الشروق، في مقال له الثلاثاء: "أعرف شخصيا وأقرأ كل يوم عن نماذج لرجال من الشرطة جنودا وأمناء وضباطا مريضة ومشوهة نفسيا، ولا تحتاج إلى تأهيل أو تدريب أو إعادة هيكلة، بل تحتاج إلى علاج نفسي داخل مصحات معزولة عن البشر تماما".
وأضاف: "ميراث الشرطة السيئ لدى غالبية الناس طويل وممتد، والمطلوب أن تبدأ في تغييره إذا كانت جادة فعلا في ذلك، وإلا فعليها ألا تتفاجأ إذا تكرر ما حدث في نقابة الأطباء يوم الجمعة الماضي في أماكن أخرى كثيرة؟!".
وكتب كريم عبد السلام في صحيفة اليوم السابع مقالا بعنوان "أمناء الشرطة.. كوارث لا تنتهي" قال فيه إن "أمناء الشرطة يتعمدون إظهار العنف والبلطجة في التعامل مع المواطنين وفرض الإتاوات بالإكراه وكأنهم فئة فوق القانون، ما دامت الداخلية تواجههم بقبضة متراخية".
واقترح عبد السلام تسريح نصف عدد أمناء الشرطة الحاليين وفتح باب التعيين لخريجي كلية الحقوق ومنحهم دورات تدريبية عاجلة لسد أي عجز ينتج عن هذه الخطوة.