استطاعت القنوات
المصرية المعارضة في الخارج أن تشق طريقها إلى المجتمع المصري، منذ الانقلاب في تموز/ يوليو 2013، وسط تحديات وصعوبات مادية وأمنية، إلى جانب تحديات تتعلق بالجوانب المهنية والخطاب السياسي.
تحديات أمنية ومادية
في هذا الإطار، يقول مدير قناة "مصر الآن" سابقا، أحمد عبده، إن العراقيل التي تواجه تلك القنوات تنقسم إلى شقين: أحدهما أمني؛ "فلم يكن يُسمح بظهور أي قناة مصرية معارضة، وكان يتم اعتقال المراسلين".
مضيفا لـ"
عربي21" أن "الآخر مادي؛ فأي عمل إعلامي يحتاج إلى تمويل ضخم لاستمراره وتطويره، ودعم القناة كان يأتي من أشخاص يؤمنون بالقضية".
وعن إمكانية تخلي القنوات عن خطاب "الشرعية" للوصول إلى شرائح متعددة في المجتمع المصري، رأى أنه "لا بد من الموازنة بين الحس الثوري الذي يمثل القطاع الرافض للانقلاب، وبين رجل الشارع العادي الذي لا يشغله هذا الأمر، وتشغله حياته وهمومه اليومية".
إعلام الثورة
بدوره، قال مدير قطاع الأخبار في قناة مكملين، عمرو رضوان، لـ"
عربي21"، إنه عقب الانقلاب العسكري، ومداهمة جميع المنابر
الإعلامية المناهضة له، "كان من الضروري وجود بدائل إعلامية بالخارج لكشف الحقائق، وفضح الانتهاكات التي لا تنقلها وسائل إعلام العسكر".
وعن ظهور قنوات واختفاء أخرى، أوضح أن هناك العديد من المعوقات، "فمن صعوبات التمويل لدى البعض، إلى إشكاليات البث ومحاولات التشويش المستمرة، إضافة إلى الملاحقات الأمنية المستمرة"، معتبرا أن "تجربة قناة مكملين صمدت أمام كل التحديات ولم تتوقف منذ انطلاقها".
وحول تشابه الخطاب بين قنوات المعارضة في الخارج، فقد أكد أن "هذا ليس صحيحا في مجمله، فكل قناة تعمل برؤيتها الخاصة، ونحن على سبيل المثال نعمل على مشاكل المواطن، إلى جانب الخط الثوري الذي ترفعه القناة، النابع من سياسة القناة التحريرية"، وفق قوله.
بعثرة الجهود
من جهته، رأى الكاتب الصحفي، محمد جمال عرفة، أن مشكلة إعلام التيار الإسلامي عموما "أنه غير موحد، والأموال تكون مبعثرة على أكثر من موقع وقناة فضائية؛ فتظهر ضعيفة فنيا"، داعيا إلى "توحيدها في قناة أو اثنتين فقط أسوة بالإعلام الغربي".
وتابع في حديث لـ"
عربي21" بأنه "يضاف إلى تحديات الإعلام المعارض عموما بجانب أزمة التمويل والتضييق الحكومي ووقوعه تحت ضغوط الدول التي يبث منها، تفرق الكفاءات"، معتبرا أن من أبرز التحديات أيضا "الالتزام بالمصداقية والمهنية، حيث يلجأ (الإعلام) بحكم الأدلجة أحيانا لعدم إعمال قاعدة المصداقية أو المهنية".
ضبابية المشروع السياسي
أما الإعلامي عبد العزيز مجاهد، فرأى أن "المشكلة الأكبر التي تواجه تلك القنوات؛ هي ضبابية المشروع السياسي لمناهضي الانقلاب، وغياب المشروع الجامع أو البديل الذي ينبغي التسويق له؛ فانحصر دورها في كشف الانقلاب وفضحه دون أن تسوق لمشروع الثورة وأهدافها".
وقال لـ"
عربي21": "رغم دورها في الحديث عن المسكوت عنه فإنها سكتت عن الحديث في ما ينبغي الحديث فيه"، موضحا أن "التحدي الأكبر الذي يواجهها هو التعبير عن آلام الشعب الذي لم يعد يسمع صرخاته وأناته من وسائل الإعلام بالداخل"، وفق تقديره.
ولفت إلى أن قنوات المعارضة مرت بعدة مراحل، حيث إن "البداية كانت تحدي آلات القتل في الشوارع ونقل حراك مناصري الديمقراطية، ونجحت فيه بقوة.. بعدها بدأت مرحلة التسريبات وخرق جدران الجنرال وكشفه للقاصي والداني.. والآن بات على تلك القنوات أن تخرج من دور كشف فشل الانقلاب الى إيجاد بديل متكامل".
خطاب متوازن
من جهته، طالب الإعلامي أسامة جاويش، بإيجاد حالة من التوازن بين المؤيدين والمعارضين. وقال لـ"
عربي21": "أؤيد الإعلام المتوازن الذي يستطيع الجمع بين جميع الأطراف"، مؤكدا في الوقت نفسه أن الإعلام المعارض "لا يمكنه الخروج عن رداء الشرعية؛ لأن رسالته قائمة على دعم الشرعية وإسقاط الانقلاب العسكري".
وأضاف أنه منذ انطلاق القنوات المناهضة للانقلاب "فهي تحاول أن تطور من أدائها وأدواتها وخطابها، خاصة بعد تجاوز مرحلة الكشف عن سلبيات النظام العسكري، وأرى أن هناك جهودا في التوسع باستقطاب شرائح أكبر، وتقديم شخصيات غير محسوبة على التيار الإسلامي في قنواتها".
جمود الخطاب
أما المحلل السياسي محمد حسين، فانتقد عدم تطور الخطاب الإعلامي لتلك القنوات منذ الانقلاب العسكري، معتبرا أن هذا الخطاب لم يواكب تطورات الأوضاع السياسية والاجتماعية على الأرض.
وقال لـ"
عربي21": "عيوب تلك القنوات المعارضة أنها تخاطب نفسها وأنصارها، ودفعت فئات كثيرة من المجتمع المصري إلى رسم صورة ذهنية سلبية عن تلك القنوات"، مطالبا إياها "بالخروج من خطابها الضيق إلى مساحات مشتركة مع المواطن البسيط، واستخدام خطاب أكثر شمولية".