أعلن حزبا العدالة والتنمية (الإسلامي الذي يقود
الحكومة) والتقدم والاشتراكية (شيوعي شريك في الحكومة) ميلاد تحالف سياسي يقوم على أحزاب الأغلبية، ومفتوح في وجه الأحزاب الراغبة في ذلك، استباقا للانتخابات المزمع إجراؤها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الجاري.
وتحول اللقاء الذي حمل شعار عقد "لقاء تشاوري لمناقشة الأوضاع العامة بالمغرب" السبت في مقر العدالة والتنمية بالرباط، إلى منصة للهجوم على ما سمياه "
التحكم والاستبداد"، الذي يهدد الحياة السياسية والحزبية ومؤسسات الدولة
المغربية.
خطر التحكم
وقال عبد الإله
ابن كيران رئيس الحكومة، أمين عام حزب العدالة والتنمية، إن "التحكم يهدد أهم المؤسسات في البلاد، ويهدد المؤسسة
الملكية".
وتابع ابن كيران: "التصدي للقوى التي تريد أن تواجه الانتقال الديمقراطي"، مشددا أنها "خطيرة حتى على أهم مؤسسة في البلاد، وهي المؤسسة الملكية التي نعتبرها في حزب العدالة والتنمية الضامن الأول للاستقرار بعد الإسلام".
وسجل ابن كيران أن "التزامنا بالملكية نابع من حريتنا في الاختيار، وموقفنا منها غير مرتبط بموقفها منا، فهي بالنسبة إلينا ليست اختيارا مرحليا".
وهاجم ابن كيران "رموز التحكم والاستبداد"، الذين وصفهم بـ"الفئة التي تتموقع بين الملك والأحزاب السياسية، لقطع الطريق على نجاح أي تجربة ديمقراطية"، واعتبر أنها من "بقايا عهد الاستعمار الذي يبني الحياة السياسية على الامتيازات، وهو ما أوصلنا إلى 20 فبراير سنة 2011".
وسمى ابن كيران في هجومه حزب الأصالة والمعاصرة، وقال: "ذاك الحزب كان يجب على أعضائه أن يحشموا بعد 2011 ويحلوا الحزب ديالهم، ولكن شي وحدين حشموا ومشاو، لكن عاودوا ردوهم، وشي وحدين حلفوا ما يحشموا، ويريدون إفساد الحياة السياسية بكل الوسائل المشروعية وغير المشروعة".
وتابع ابن كيران بأن "تجربة العمل المشترك بين الإسلاميين والشيوعيين تميز بها المغرب، فلقد تجاوزت الرغبة في التعايش كما في بعض البلاد العربية، بل ارتقت إلى التعاون والتصدي للتحكم والاستبداد".
الرفاق الإسلاميون
أعلن نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ووزير السكنى وسياسة المدينة، أنه "سعيد بهذا اللقاء التشاوري بين الإخوان الشيوعيين والرفاق الإسلاميين"، ما أثار موجة ضحك ضجت بها قاعة اللقاء.
وقال بنعبد الله إن "الحكومة واجهت عددا من التحديات والمشاكل، عدد منها معلوم ومتداول، وأخرى يمكن أن نفصح عنها في يوم من الأيام في مذكرات".
وشدد أن حزبه "سعيد بالتعاون مع العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، حيث استطاع مواجهتها بفضل الوفاء والإخلاص المتبادلين وفي إطار "كلمة الرجال"، في زمن قلت هذه القيمة في المشهد السياسي المغربي بمقابل ما كنا نحياه في عقود مضت".
واعتبر بنعبد الله أن التنسيق بين حزبه "الشيوعي" والحزب "الإسلامي" بدأ قبل انطلاق الحراك الاجتماعي سنة 2011، بسبب ما بدأ يظهر في الساحة السياسية من فساد وجب التصدي له.
وأردف المتحدث: "بفضل إرادتنا وعزيمتنا المشتركة استمرت التجربة، وكذلك بفضل ثقة الملك؛ لأننا نعتقد أن البلاد تحتاج أن نكون في المستوى وبفضل الثقة والوفاء المتبادل بيننا".
وشدد وزير السكنى وسياسة المدينة بأن التجربة الحكومية الحالية قدمت إنجازات متعددة سجلت لها في ظل ظروف وصفها بـ"المعقدة"، وفي ظل سعي البعض لإجهاض التجربة قبل انتهاء وقتها، موضحا أن من هذه الظروف ما هو معروف ومتداول، ومنها "يمكن أن يفصحها ابن كيران في يوم من الأيام في مذكراته أو أكتب منها أنا".
وتابع: "هذه التجربة ناجحة، ونجاحها سيكتمل بمرور المرحلة الانتخابية في أحسن الأجواء في ظل الشفافية والوضوح والنزاهة، وآنذاك يمكن لبلادنا أن تفتخر بأنها بعد الحراك الاحتجاجي الاجتماعي استطاعت أن تنهي أول تجربة ديمقراطية في ظل دستور 2011".
تحالف سياسي
شدد نبيل بنعبد الله أن هذا اللقاء رغم طبيعته التشاورية فإنه يعني أن تحالفا سياسيا تم تشكيله منذ الآن استعدادا للانتخابات المقبلة، سواء كان الحزبان في الحكومة أو في المعارضة، وهو ما زكاه عبد الإله ابن كيران.
وأعلن عبد الإله ابن كيران "تمسك حزبه بالتحالف مع حزب التقدم والاشتراكية حليفه في الحكومة، حتى بعد الانتخابات المقبلة"، مبرزا أنه "حسب قناعته الحالية سيكونون معا في الجهة ذاتها، سواء تعلق الأمر بمواصلة التسيير من داخل الحكومة أو الذهاب معا للمعارضة".
وأبدى ابن كيران في اللقاء التشاوري إعجابه "بالحزب الشيوعي منذ بداياته السياسية"، مشيدا بأنهم كانوا يعجبونه بـ"أدبهم والتزامهم وتواضعهم"، مبرزا أن علاقة الحزب الإسلامي معهم كانت على الدوام "ودية رغم ما يقع من شنآن بين الفينة والأخرى".
رئيس الحكومة الذي ظل يوجه الخطاب طيلة كلمته لنبيل بنعبد الله في إشارة لتقديره له، دافع عن حصيلة حكومته، معتبرا أنها "مشرفة جدا والتاريخ سيذكرها"، وأوضح: "لأنها أنجزت أشياء لم يكن أحد يتوقع أن تقوم بها حكومة في هذا الظرف الوجيز".
من جهته، عبر بنعبد الله عن رغبة حزبه في استمرار التنسيق والتحالف مع حزب العدالة والتنمية، حتى بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، معلنا تشبثه باتفاق سنة 2011، الذي بموجبه قرر التقدم والاشتراكية الانضمام لأغلبية يقودها الحزب ذو المرجعية الإسلامية.
وأعلن بنعبد الله عزم حزبه التواصل مع أحزاب أخرى؛ للتنسيق معها بخصوص الولاية التشريعية المقبلة من الأغلبية أو من خارجها، لكن في إطار ما يحفظ وفاءه لتحالفه مع حزب المصباح.
وأكد زعيما حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية حرصهما على الاستمرار في التحالف بينهما بعد الانتخابات المقبلة، رمى كل من عبد الإله ابن كيران ونبيل بنعبد الله الكرة في ملعب حزب التجمع الوطني للأحرار ليقرر استمراره في التحالف من عدمه، كما لمحا لإمكانية التحالف مع أحزاب الكتلة (الاستقلال والاتحاد الاشتراكي).