تُحكم قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها حصارها على حي
الوعر، آخر الأحياء التي يسيطر عليها الثوار في مدينة
حمص، للشهر الثالث على التوالي، ردا على رفض الأهالي الاستجابة لشروط النظام السوري بالهجرة عن الحي والتخلي عن المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين.
ويشكل ملف المعتقلين في سجون النظام السوري؛ أحد بنود اتفاق
الهدنة المبرم مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر 2015، بين النظام السوري وأهالي الحي الذي يقطنه نحو 100 ألف مدني. لكن النظام عاد ليرفض تطبيق هذا البند. ومع تمسك الأهالي بهذا الملف، شددت قوات النظام حصارها على الحي.
ووجه مجلس محافظة حمص التابع للمعارضة السورية؛ رسالة إلى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في
سوريا، يعقوب الحلو، يطالبه فيها بضرورة تدخل الأمم المتحدة وتحملها مسؤولياتها تجاه "الكارثة" التي تحيق بحي الوعر. كما ذكر المجلس بالحصار الذي يمارسه النظام السوري ضد مدنيي الحي الذي دخل في هدنة معه برعاية أممية.
بدوره، قال الناشط الإعلامي محمد الحميد، إن قوات النظام تمنع منذ إعادة
حصار الحي؛
إدخال أي شيء للحي، "فمنعوا دخول القوافل الإغاثية للمنظمات الدولية، كما منعوا إدخال أي صنف من المواد الغذائية، إضافة لحرمان الحي من مادة الخبز والطحين الذي كان يعتمد عليه سكان الحي في غذائهم بشكل رئيسي".
وأضاف لـ"
عربي21"؛ أن الممنوعات شملت حليب الأطفال أيضا، مشيرا إلى أن هذا تسبب بتصدر أمراض سوء التغذية قائمة الأمراض في الحي، وأصبح أكثر من 60 في المئة من مراجعي المشافي والعيادات هم مرضى يعانون من أعراض سوء التغذية.
وذكر الناشط الإعلامي أنه كان من المقرر أن تدخل قافلة مساعدات إنسانية من الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر يوم الخميس الماضي، لكن النظام ما يزال يعرقل دخول هذه القافلة رغم الموافقة الأمنية التي أعطاها قبل بداية شهر نيسان/ أبريل الماضي.
ونقل الحميد عن أحد موظفي الأمم المتحدة في مكتب حمص قوله إن النظام السوري اتصل بهم أثناء تجهيز القافلة ليخبرهم بتأجيل الدخول حتى إشعار آخر، رغم تواجد محافظ حمص التابع للنظام عند حاجز الشؤون (مدخل الحي الوحيد)، حيث كان ينتظر القافلة ليصور دخول القوافل للحي.
بدوره أفاد الطبيب "أبو المجد" من داخل الحي؛ بأنه عاين العشرات من حالات الإسهال الشديد لدى الأطفال دون سن الستة أشهر، مشيرا إلى أن السبب هو عدم مقدرة الأم على الإرضاع الطبيعي بسبب سوء التغذية التي تعاني منه، ما يجبرها على استخدام الإرضاع الصناعي، حيث يتم إعطاء الأطفال الصغار ماء الرز أو ماء النشاء، "وكلها غير مناسبة للأطفال ولا تناسب الوارد الغذائي اليومي اللازم للطفل، ولكن يلجأ لها الأهالي بسبب فقدان حليب الأطفال بشكل كامل داخل الحي".
وقال الطبيب لـ"
عربي21"؛ إن "سوء التغذية حالة بدأت تتفاقم بشكل كبير في حي الوعر لتظهر معها حالات سوء امتصاص وفقر دم شديد ووزمات في الأطراف، في حين تعاني المراكز الطبية من صعوبات بالغة في تأمين كميات الدم المنقول، بسبب سوء التغذية الذي يجعل التبرع بالدم خطرا على حياة المتبرعين.
وأشار إلى أن أطباء الحي وثقوا حالتي "حَبَن"، وهو احتباس السوائل في منطقة البطن وانتفاخ البطن غير الطبيعي نتيجة نقص البروتينات لغيابها في الوارد الغذائي اليومي لسكان الحي. وبحسب آخر الإحصائيات، فقد سجل الحي 16 حالة سوء تغذية شديد عولجت أو ما تزال تعالج داخل المشافي، و37 حالة سوء تغذية متوسطة مرشحة أن تصبح شديدة، وأكثر من 80 حالة بدايات سوء تغذية.
ولم تسمح الهدنة القصيرة التي سبقت إعادة إحكام الحصار على الحي؛ بتحسين الوضع الطبي في الحي، فقوات النظام مستمرة بمنع إدخال الأدوية الإسعافية والجراحية منذ أكثر من عامين ونصف، واستمر المنع رغم الهدنة، ورغم دخول وفود المنظمات الدولية التي لم تستطع إدخال أي كمية من الأدوية.
وسجلت في الحي خلال الشهرين الماضيين حالتا وفاة لطفل ورجل نتيجة عدم القدرة على إسعافهم أو تقديم خدمات دوائية لهم، كما ظهرت حالات تشوه أجنّة يعود سببها على الأغلب لانتهاء صلاحية الأدوية المستخدمة من قبل النساء الحوامل، وفق الطبيب أبو المجد.