قضايا وآراء

"الشيوعي الأخير" في الجزائر "متخندقا" مع الأسد!

1300x600
في تأكيد آخر على "تخندقه" الذي لا يخفيه مع بشار الأسد ونظامه وجيشه، اعتبر الكاتب الجزائري رشيد بوجدرة زيارة وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، الجزائري عبد القادر مساهل، إلى دمشق مؤخرا واستقباله من قبل بشار الأسد، مؤشراً على شجاعة الدبلوماسية الجزائرية خصوصاً، والدولة الجزائرية عموما.

وذهب في مقال نشره، مؤخرا، على موقع "كل شيء عن الجزائر"، باللغة الفرنسية، التي زعم قبل سنوات أنه تخلى عنها نهائيا وتحول إلى الكتابة بالعربية فقط، إلى القول إنه "ليس هناك أية دولة عربية تقوم بهذه المبادرة خوفاً من إغضاب الغول الأمريكي والصقر الأمريكي، اللذين يمارسان ألاعيب منحرفة وغير واضحة بشأن الحروب التي تدمر الشرق الأوسط في سوريا والعراق واليمن".

ومثل مقالات سابقة يدافع فيها "بالأسنان والأظافر" (كما يقول التعبير الفرنسي!) عن نظام الأسد، يبدي بوجدرة عدم اطلاع و"تهافتا" في طرحه، ففي موضوع الزيارة لا يعرف بوجدرة ربما أنه قبل زيارة "رفيقه" السابق، كما يتردد في حزب الطليعة الاشتراكية (الشيوعي الجزائري) السابق، الوزير مساهل. ففي 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي فقط، زار وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي دمشق والتقى الأسد، وذلك إثر زيارة مماثلة قام بها وزير خارجية الأسد، وليد المعلم، لعُمان في آب/ أغسطس الماضي. وعُمان دولة خليجية لها علاقة وثيقة بما يسميه بوجدرة بالغول الأمريكي، وهي عضو في مجلس التعاون الخليجي مع الصقر السعودي!

بوجدرة، الذي يحب أن يصف نفسه بـ"الشيوعي الأخير" في الجزائر، يغطي مرة أخرى "الشمس بالغربال" عندما يتحدث عن "أمريكا الإمبريالية" المتآمرة على الأسد، بينما هي في الحقيقة من جعلت سقوطه "خطاً أحمر"، برغم خطاب أوباما المتكرر عن "الخطوط الحمراء"، التي على الأسد عدم تجاوزها، وخاصة بعد استعماله الكيماوي!

الكاتب الجزائري، مثله مثل رفاقه الذين يقدمون أنفسهم كتقدميين معادين للظلامية ولكنهم متخندقون مع نظام إجرامي مثل نظام الأسد، يواصل "هلوسته" بالوهابية والسعودية وما يسميه في المقال مسعاها للعب دور "الدّرَكي" في منطقة الشرق الأوسط، لكنه مرة أخرى لا يذكر أبداً، بل وفي مقالات سابقة يحاول تلميع جمهورية الملالي في إيران، وما تقوم به في المنطقة وخاصة العراق وسوريا واليمن!

صاحب رواية "الحلزون العنيد" و"الإنكار" يتحدث عن "الرجعية الوهابية السعودية"، التي تقوم بالإعدامات العلنية، لكنه لا يتحدث عن الإعدامات العلنية في "جمهورية الولي الفقيه" في إيران، وهي تفوق السعودية بكثير، وطالت في فترة ما مئات المعارضيين الشيوعيين في يوم واحد!

بوجدرة يذهب أبعد في مقاله ويقول إن قضية اللاجئين السوريين "مؤامرة" من المستشارة الألمانية ميركل، التي استقبلت اللاجئين السوريين ليس من مبدأ "الصّدَقة المسيحية"، إنما لـ"مصالح اقتصادية وضيعة"، وأن ميركل "تلتقط بذلك العقول التي كونتها لسنوات سوريا العلمانية العصرية"، التي لها أفضل تعليم في العالم العربي!

اللافت أن بوجدرة يشيد كذلك برسالة التهنئة، التي حملها الوزير مساهل من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى بشار الأسد، فيما كان الرئيس بوتفليقة نُقل، حينها، للعلاج في جنيف سويسرا.. بوجدرة نفسه، الذي كان وقع بياناً مع سياسيين جزائريين، في مقدمتهم لويزة حنون، زعيمة حزب العمال (تروتسكي)، يشكك الموقعون فيه إذا كان الرئيس بوتفليقة المريض هو من "يحكم ويصدر القرارات" في البلاد، ودعوا للقائه للتأكد من ذلك!

ومثله مثل لويزة حنون وكثير من المحسوبين على اليسار، يعتبر بوجدرة الربيع العربي "مؤامرة غربية" وكان قد أصدر قبل عامين رواية بعنوان "ربيع" يشيطن فيها و"يصفي حساباته" مع هذا الربيع، لكن بلغة هؤلاء الغربيين المتآمرين، أي باللغة الفرنسية، وبمقابل من دار نشر غربية، في عاصمة من عواصم "الغرب المتآمر" أي باريس.. بوجدرة نفسه، الذي "أقسم" وهو الذي لا "يؤمن بأي إله" أنه لن يكتب بها مرة أخرى، بعد أن زعم أنه تحول نهائيا للكتابة بالعربية!