رغم الهجوم العنيف الذي تشنه قوات النظام السوري على
الغوطة الشرقية، حيث سيطرت على بلدات في القطاع الجنوبي، مستغلة الاقتتال الداخلي بين الفصائل في المنطقة، إلا أن الأطراف المقتتلة لا تبدي أي تجاوب مع مبادرات الصلح على ما يبدو.
فقد اتهم الناطق باسم فيلق الرحمن وائل علوان، في تصريح خاص بـ"
عربي21"،
جيش الإسلام، بـ"البغي" على الفصائل، واتهامها بالكفر والردة من أجل السيطرة عليها، معتبرا أن الجيش يملك خطابين متناقضين، الأول سياسي براغماتي، والآخر خطاب عدواني يمثله تيار الجيش على الأرض، بحسب وصفه.
وفي المقابل، رفض الناطق باسم جيش الإسلام، حمزة بيرقدار، تلك الاتهامات، متهما الفيلق وحلفاءه في
جيش الفسطاط بأنهم لم يلتزموا بأية مبادرات، منذ بدأ الاقتتال بينهما في الغوطة الشرقية أواخر شهر نيسان/ أبريل الماضي.
"محاولة استباقية"
وكان فيلق الرحمن، بالتعاون مع جيش الفسطاط الذي يضم أيضا جبهة النصرة، قد اقتحم مقرات تابعة لجيش الإسلام فجر 28 نيسان/ أبريل الماضي، في خطوة وصفت في حينها من قبل جيش الإسلام بـ"الاعتداء" ومحاولة إشغال الجيش عن جبهات القتال ضد النظام في الغوطة الشرقية.
لكن الناطق باسم فيلق الرحمن رفض هذه الرواية، وقال إن الفيلق قام بمباغتة جيش الإسلام، الذي كان يخطط للهجوم في اليوم نفسه على مقرات فيلق الرحمن في مسرابا وزملكا، حيث تم إلقاء القبض على عدد من الحواجز الأمنية، والمقرات التابعة للهيئة الأمنية في الجيش، نافيا قيام الفيلق بمهاجمة "مجاهدي" جيش الإسلام على الجبهات ضد قوات النظام، كما قال.
وقال علوان لـ"
عربي21"؛ إن أصل الخلاف بين الجانبين يعود إلى انضمام الاتحاد الإسلامي إلى الفيلق، "فقام في حينه (جيش الإسلام) باقتحام مقرات الاتحاد في دوما، وفرض سيطرته عليها، تبع ذلك قيام الهيئة الأمنية بالضلوع في عدد من حوادث الاغتيالات في الغوطة، وهو ما عمق الخلاف، وأجبر الفيلق على القيام بهجوم استباقي؛ لمنع جيش الإسلام من التغول في الهجوم على الفيلق"، وفق قوله.
وأشار علوان أيضا إلى هجوم جيش الإسلام على بلدتي زملكا وجسرين، وقال إن الجيش داهم أكثر من 30 مقرا في الشوفونية والعب، وسيطر على السلاح فيها، وهي ما تزال حتّى الآن تحت سيطرته.
ورأى علوان أن اغتيال مؤسس جيش الإسلام وقائده زهران محمد علوش، أفسح المجال للهيئة الأمنية في الجيش، وتحدث عن ظهور ما أسماه "الخطاب الشرعي المدعشن" لدى الهيئة، وقال إن هذا الخطاب يقوم على اتهام الآخرين بالكفر والردة، واصفا علوش بأنه كان صمام أمان للغوطة، بفضل براغمايته التي كان يتمتع بها.
"الفيلق يأسر 500 عنصر من الجيش"
من جهته، طالب حمزة بيرقدار، خلال حديثه لـ"
عربي21" الأطراف التي تقاتل جيش الإسلام؛ برفض الرضوخ لأي مبادرة، وأشارت إلى إطلاق مبادرة لتبادل المحتجزين من الطرفين، بعد أن قام جيش الفسطاط "باحتحاز أكثرمن 500 مجاهد في أماكن مجهولة، وأغلبهم من مجاهدي بلدات جنوب الغوطة الذين كانوا يصدون المحاولات المتكررة من قبل ميليشيات الأسد لاقتحام بلداتهم"، وفق تعبيره.
ونفى الناطق باسم هيئة أركان جيش الإسلام؛ محاصرة الجيش للواء 13 التابع لفيلق الرحمن، متهما في الوقت ذاته فيلق الرحمن بمحاصرة أربعة ألوية تابعة للجيش في عربين وزملكا وجوبر وعين ترما.
ولفت بيرقدار إلى استغلال قوات النظام للاقتتال في الغوطة، وسيطرته على الركابية وأطراف زبدين ونولة، بالإضافة لحشده على كافة جبهات الغوطة الشرقية.
تضارب في الأرقام
وتفاوتت الأقاويل حول حقيقة أعداد القتلى التي خلفها الاقتتال بين الفصائل في الغوطة، حيث أشار البعض إلى كونها بلغت أكثر من 500 شخص، بينهم مدنيون، في الوقت الذي رأى فيه الناطق باسم فيلق الرحمن أن العدد لم يتجاوز المئة.
واتفق ممثلو الجانبين على الرضوخ للمبادرات التي يقدمها العلماء وممثلو الحراك المدني، إلا أنّ الاتفاق الكلامي بينهما لم يجد حتّى الآن منفذا له على الأرض، مع اتهامات لجيش الإسلام باقتحام بلدة مديرا بالدبابات.
النساء ترابط في القطاع الجنوبي من الغوطة
من جهته، نبه الناشط السياسي أبو عدي الشامي، إلى استفادة قوات النظام من الصراع بين فصائل الغوطة.
وأشار، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن الفصائل المتصارعة سحبت قواتها بشكل واضح من القطاع الجنوبي للغوطة الشرقية، ونقلت الأسلحة الثقيلة منه من أجل تأمين الصراع فيما بينها.
وحذر الشامي من أن القطاع الجنوبي بدأ "يتآكل"، وتحدث عن حصول حالات نزوح كبيرة من تلك المنطقة، وذكر أن النساء هن من يرابطن على القطاع الجنوبي.
ويأتي استمرار القتال رغم مبادرة للجيش الحر؛ دعت الأطراف المتنازعة للتوصل إلى اتفاق، ومن لم يرض به سيهاجم سياسيا وإعلاميا واقتصاديا، لافتا إلى أنّ الوضع حالياً هادئ رغم أنه أشار إلى أن جيش الإسلام حاول اقتحام بلدة بيت سوا للمرة الرابعة.