اهتمت الصحف الغربية بجانب صغير من المحاولة
الانقلابية على حكومة الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، حيث تحدثت عن مقتل 194 شخصا في المواجهات بين الانقلابيين وقوات الأمن التركية، وأشار بعضها إلى أن سيطرة أردوغان على الحكم ضعفت عندما سيطر الانقلابيون على التلفاز الرسمي، إلا أن أهم ما ورد في تعليقات الصحف البريطانية هو علاقة
تركيا بالناتو، وقدرتها على مواجهة الإرهاب، بالإضافة إلى أثر المحاولة الانقلابية في الحرب الأمريكية ضد
تنظيم الدولة.
وجاء في تقرير لصحيفة "الغارديان" أن العمل العسكري سيؤدي إلى زعزعة استقرار حليف في المنطقة، يعيش حالة من الهجمات الإرهابية، والهجرات الجماعية؛ بسبب الحرب في
سوريا.
وينقل التقرير عن خبراء قولهم إن الانقلاب على السلطة أحدث هزة في الشارع التركي، وعبر دول الناتو، ومنطقة الشرق الأوسط، مستدركا بأنه رغم محاولة المتآمرين السيطرة على البرلمان، واستخدامهم المروحيات، إلا أنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم.
وتشير الصحيفة إلى أن الجماهير احتشدت في الشوارع في اسطنبول والعاصمة أنقرة، في تحد واضح لقانون الطوارئ ومنع التجول، الذي دعا إليه الانقلابيون، لافتة إلى أن أردوغان استخدم "آي فون" لإرسال رسالة للجماهير دعاهم فيها للخروج إلى الشوارع.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن البروفيسور عمر تاسبينار من معهد "بروكينغز"، الذي طالما تكهن بإمكانية حدوث انقلاب في تركيا، قوله إن النقطة المحورية هي مستوى مشاركة القيادة العسكرية في محاولة الانقلاب، مشيرا إلى أن الخطر هو الاقتتال الداخلي بين الفرق العسكرية والفرق الأمنية الموالية لأردوغان.
ويضيف تاسبينار: "في الوقت الحالي، فإن السؤال هو عما إذا كانت المحاولة الانقلابية أتت من هرم القيادة، وبمشاركة قيادات ذات رتب عليا، أم أنه كان انقلاب ضباط وعقداء من قطاع معين في الجيش؟ وهناك إشارات إلى أن الخيار الثاني هو الأرجح، فلم يتحدث رئيس هيئة الأركان بعد، ومن الناحية التقليدية في انقلابات تركيا فإن قائد الجيش هو الذي يظهر على التلفزيون ويقود الانقلاب".
ويتابع تاسبينار بأن هذه المحاولة ستؤثر في الأسواق التركية، وستؤثر في صورة البلد، ويقول: "وفق تحليلي للموقف، فأنا أرى أن هذه المحاولة ستكون محرجة بالتأكيد لأردوغان، والدلائل تشير إلى الوضع الفوضوي، لكنني أعتقد أن الشائعات حول إرث أردوغان ستكون مبالغا فيها، خاصة أنه ظهر على التلفاز"، بحسب الصحيفة.
وتورد الصحيفة نقلا عن تاسبينار، قوله إن سبب حرج الرئيس يكمن في أن تدخل الجيش في السياسة يأتي عندما تكون الحكومة غير شعبية، مستدركة بأنه رغم تقليله من احتمال مواجهات بين قوات وزارة الداخلية والجيش، إلا أنه يجد أنه لو حدث هذا الأمر فإنه سيكون مدمرا لتركيا.
ويفيد التقرير بأن مدير برنامج تركيا في معهد "بروكينغز" كمال كيرسيتش، يرى أن محاولة الانقلاب، وهجمات تنظيم الدولة على باريس، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تعطي صورة بأن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، والمتضرر الوحيد هو الديمقراطية.
وتنقل الصحيفة عن ستيفن فلانغان، الذي عمل في إدارة أوباما ومجلس الأمن القومي، ويعمل الآن في مؤسسة "راند" الأمريكية، قوله إن الجيش كان يطالب بموقف متشدد من الانفصاليين الأكراد، وتشديد الرقابة على الحدود مع سوريا، مؤكدا أن "الجيش لم يكن راغبا بالتورط في الحرب السورية، لكنه كان يريد تشديد الرقابة على الحدود؛ لمنع جر تركيا للحرب البرية في المنطقة، وكان يريد تصعيد الحرب ضد (بي كي كي)".
ويلفت التقرير إلى أن فلانغان يرى أن الفوضى في تركيا قد تؤثر في محاربة تنظيم الدولة، الذي يستفيد عادة من الاضطرابات، ويقول إن "استمرار الاضطرابات سيعمق الانقسامات التركية، ويحرف انتباه الدولة عن دعم التحالف الدولي في سوريا".
وتنوه الصحيفة إلى موقف البيت الأبيض، الذي دعا الأطراف في تركيا إلى دعم الديمقراطية، وضبط النفس، وعدم الانزلاق نحو صراع دموي، مشيرة إلى أن تركيا، التي تملك أكبر جيش في حلف الناتو بعد الولايات المتحدة، تعد حليفا مهما في قتال تنظيم الدولة، رغم وجود خلافات سياسية بينهما.
وبحسب التقرير، فإن أنقرة سمحت في العام الماضي للطيران الأمريكي باستخدام قاعدة إنجرليك؛ لشن غارات ضد الجهاديين في سوريا والعراق، لافتا إلى أن خسارة تلك القاعدة تعني ضربة للجهود الدولية، خاصة في ظل الضربات الإرهابية التي قام بها الجهاديون في بروكسل وباريس وتركيا والولايات المتحدة.
وتورد الصحيفة نقلا عن إريك بورديكيرتش من مركز تنمية الشرق الأوسط في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، قوله إن "الجيش الأمريكي سيرى إن كان سيواصل التعاون مع تركيا بحكومة غير ديمقراطية".
ويذكر التقرير أن تركيا، التي استقبلت 2.5 مليون لاجئ سوري، رفضت دعم الولايات المتحدة للأكراد السوريين، مستدركا بأن واشنطن تقول إنها تميز بين "بي كي كي" وأكراد سوريا والجماعات الإرهابية الأجنبية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن "المحاولة الانقلابية هي محاولة للعودة للزمن الذي تجاوزته البلاد، عندما كان قائد الجيش ينحي سياسيين اختلف معهم، أو إذا وجد صعوبة في الرد على اضطرابات في البلاد، حيث إن الجيش قام في عام 1960 بالإطاحة برئيس وزراء وإعدامه لاحقا، وشهدت تركيا بعد ذلك ثلاث محاولات انقلابية".