باءت مساعي النظام لإجراء "
مصالحات" في
درعا بالفشل، على الرغم من هدوء جبهات القتال ضد النظام، في ظل انشغال الفصائل بقتال مجموعات موالية لتنظيم الدولة غرب درعا.
وعمد النظام، كما تحدثت وسائل إعلامه، إلى جمع ما يقارب 200 شخص لتسوية أوضاعهم الأمنية، في عدة مراكز بمدن درعا الرئيسية، كالصنمين، وازرع، ودرعا المحطة، وموثبين، إلا أن هذه التجمعات سرعان ما تفرقت بعد استهداف الثوار للمراكز الأمنية والتجمعات العسكرية بالقرب من أماكن تجمع وفود "المصالحة".
وكانت دار العدل في حوران، التي تعدّ السلطة القضائية الوحيدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار بدرعا والقنيطرة، أصدرت تعميما إلى جميع حواجز الجيش الحر "بمنع مرور جميع وفود المصالحة من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة النظام، تحت طائلة المساءلة الشرعية"، معللة ذلك بـ"الحرص على المصلحة العامة".
وتحدث رئيس دار العدل في حوران، الشيخ عصمت العبسي، في حديث خاص لـ"عربي21"، عن "الحركة التي يقوم بها النظام لإظهار وجود مصالحات، والتي تعدّ فعليا مصالحات وهمية؛ لأن من يذهب إليها هم من الموظفين المضطرين لهذا الأمر، إضافة لغير المطلوبين لدى أجهزة الأمن، فهي ليست مصالحات بمعنى المصالحات، كما يحاول النظام الترويج لها عبر وسائل إعلامه للخارج"، كما قال.
وأوضح العبسي أن الإجراءات التي ستقوم بها دار العدل هي "منع هؤلاء الأشخاص من التوجه إلى مناطق النظام، وسيتم توقيفهم وتحويلهم للقضاء، مع التنسيق التام مع فصائل الجيش الحر التي تعدّ السلطة التنفيذية لدار العدل".
من جانبه، قال الناطق باسم تجمع أحرار حوران، أبو محمود الحوراني، لـ"عربي21": "ليس هناك وفود بمعنى الكلمة، إنما هم أشخاص قلائل من أصحاب النفوس الضعيفة، ينتمون للبعث، وأغلبهم يقطنون في أماكن تواجد النظام، وهم في الحقيقة منبوذون في محيطهم ومن أقرب الناس لهم، ولا يمثلون إلا انفسهم فحسب"، على حد وصفه.
واتهم الحوراني هؤلاء الأشخاص بأنهم "يعملون جاهدين، وبتحريض من النظام؛ لخلق البلبلة والإيقاع بين أبناء البلد الواحد، وهذه سياسة يتبعها النظام لتوظيفها إعلاميا؛ لإيهام الناس بأنه الملاذ الوحيد لهم".
وأضاف: "هذه اللعبة مكشوفة لجميع الأحرار، وهؤلاء القلة هم بالطبع مستفيدون من المزايا التي يمنحها النظام لأمثالهم، الذين باعوا ضمائرهم على حساب دماء الشهداء، ولا أعتقد أن هناك حاضنة لهم في محيطهم، فهناك الكثير ممن تضرر من هذه الأحداث، وخسر الكثير وعلى كافة الصعد، لكنهم يرفضون مصافحة النظام أو إجراء المصالحات معه".
يذكر أن مناطق درعا والقنيطرة في الجنوب السوري تشهد حالة من الجمود العسكري على جبهات النظام، نتيجة المعارك التي تخوضها فصائل الثوار ضد تنظيم الدولة، والضغط الدولي لمنع أي تحرك عسكري بالجنوب ضد النظام، بحسب مراقبين، ما أفسح المجال أمام النظام لاستمالة بعض القرى والبلدات، وإجراء مصالحات معها، والحصول على تعهدات منها بعدم انطلاق أي أعمال عسكرية من أراضيها، مقابل مساعدات غذائية وإطلاق سراج بعض المعتقلين.
لكن مع ذلك فشل النظام في محاولاته، ولم ينجح في أشهر محاولاته في بلدة أبطع، في الريف الغربي لدرعا، حيث أحرق علم النظام الذي كان من المزمع رفعه على مبنى البلدية، ولم يحصل سوى على بعض الصور الإعلامية التي تظهر بعض الموظفين وهم يوقعون على تعهد بعدم العودة لأي نشاط معارض لـ"الدولة".