يثير مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية بتصريحاته المتشنجة ضد الدول العربية مخاوف العديد منها من تكرار تجربة حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وما حملته من حروب جرت الويلات على المنطقة وإمكانية إقدام
ترامب على اتخاذ قرارات "كارثية" في حال وصولة إلى البيت الأبيض.
ولم يتوقف ترامب منذ بدء حملته الانتخابية عن إطلاق التهديدات والتلويح بمعاقبة الدول العربية وخاصة الخليجية في حال عدم تطبيق تلك الدول لما تمليه أمريكا من قرارات تخدم سياستها في المنطقة في العديد من الملفات.
ولجأ ترامب خلال أحد اللقاءات الصحفية إلى تهديد
السعودية ودول خليجية بالعقوبات المالية في حال عدم إرسالهم قوات برية لمقاتلة تنظيم الدولة في سوريا بالإضافة إلى تنبؤه بزوال السعودية في حال تخلي أمريكا عن دعمها.
ولا تقتصر النظرة التشاؤمية من فوز ترامب على دول الخليج بل تتعداها لغيرها من الملفات العربية خاصة ملف سوريا والحرب الدائرة فيها من 6 سنوات حيث هاجم ترامب في أحد لقاءاته الانتخابية اللاجئين السوريين ووصفهم بأنهم "جيش من الإرهابيين".
فما الذي يحمله ترامب للدول العربية؟ وكيف سيتعامل معها في حال دخوله البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية؟
المحلل السياسي والخبير في الشأن الأمريكي الدكتور صبري سميرة يرى أن ترامب إذا ما دخل البيت الأبيض فإنه سيعمل على إعادة تقييم العلاقات الاستراتيجية لأمريكا مع الدول العربية وخاصة الدولة النفطية منها.
وأوضح سميرة لـ"
عربي21" أن ترامب يرفض اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة مع دول عربية ووجه العديد من الانتقادات لها، وفوزه بالرئاسة سيحمل قرارات وسياسات أكثر تشددا وسيعمل على تقديم حسابات جماعات الضغط وأصحاب المصالح في الولايات المتحدة والذي يعد ترامب واحدا منهم.
ولفت إلى أن أكبر الأولويات لدى ترامب هو الملف الاقتصادي لأمريكا وإذا رأى أن بعض العلاقات مع الدول العربية لن تحقق له المكاسب من الناحية الاقتصادية فمن المؤكد أنه سيتخذ خطوات لن تكون مرضية للعرب.
وشدد على أن ترامب "رجل أعمال وليس تلك الشخصية المجنونة التي تطلق شعارات التدمير والتهديد، والأولوية عنده للمال لأنها هي المحدد لعلاقاته المقبلة مع أي دولة في العالم وخاصة العربية النفطية منها".
ورأى سميرة أن المؤشرات الأولية لترامب تشي بأنه لن يغير الكثير في السياسة الأمريكية تجاه الدول العربية وسيبقى النهج الذي أرساه الرئيس الحالي باراك أوباما مستمرا لأنه "حقق للولايات المتحدة إنجازات وأرباحا لم يحققها بوش في حروبه على العراق وأفغانستان".
جماعات الضغط
ولفت إلى أن ترامب طالما يحصل على أرباح بسبب سياسات أوباما على الرغم من أنه يهاجمها فبالتالي لن يغير شيئا إلا في حال تحركت جماعات الضغط الأمريكية وأصحاب المصالح الاقتصادية الكبيرة وخاصة مصنعو السلاح.
وأضاف سميرة: "من المعروف أن أمريكا تملك أكبر مصانع إنتاج السلاح في العالم وإذا ما أراد تجار السلاح رفع أرباحهم وزيادة إنتاج مصانعهم فسيلجؤون للضغط على ترامب من أجل افتعال حرب هناك وهناك وخاصة على الساحة السورية التي تعد خصبة لسوق السلاح الأمريكي".
وتابع: "مئات المليارت سيحصل عليها تجار السلاح في حال أشعل ترامب الحروب وضخ الأسلحة في الساحة السورية، وبالتالي سيكون مستفيدا بإرضاء جماعات الضغط في الولايات المتحدة علاوة على الفائدة الاقتصادية التي ستعود عليه من تجارة السلاح".
وقال سميرة إن ترامب إذا ما قرر التصرف بتهور في ملف العلاقات العربية فإن دمارا شاملا سيصيب المنطقة ككل وهذا ما لن تسمح به مؤسسات القرار الكبرى في الولايات المتحدة.
ورأى أن ترامب ربما يلجأ لاستخدام بعض القوانين لابتزاز الدول العربية مثل قانون "جاستا" ضد السعودية للضغط عليها والحصول على مكاسب وتمرير سياساته في المنطقة، لكن من المستبعد أن يتخذ قرارا بإضعاف السعودية إلى الحد الذي يخرجها عن السيطرة وإلا فإن المنطقة ككل ستشتعل وبالتالي سيتضرر الأردن وبالمحصلة إسرائيل ستصل إليها النيران.
لكن سميرة قال إن تصريحات ترامب المتشنجة ضد الدول العربية ليست سوى مادة للاستهلاك الانتخابي ومحاولة للضغط الإعلامي على منافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري
كلينتون ولأن هناك قاعدة انتخابية تميل لتصريحات ترامب فإنه يطلق التصريحات التي تجذب تلك الشريحة.