يعيش أهالي بلدة
مضايا الواقعة بريف دمشق الغربي، والتي تؤوي أكثر من 40 ألف مدني نصفهم من المهجرين قسريا؛ واقعا سيئا للغاية، بسبب استمرار الحصار المفروض على البلدة من قبل قوات النظام ومليشيا حزب الله اللبناني.
وتسببت سياسة التجويع والحصار لبلدة مضايا، بحدوث العديد من الوفيات بين الأهالي، وخاصة الأطفال، وذلك بسبب منع دخول الأدوية والمساعدات الطبية والإغاثية، وبسبب
الجوع وسوء التغذية، وفقدان أبسط مقومات الحياة، وفق مصادر محلية من داخل البلدة.
واقع طبي متردٍّ
وقال مدير الهيئة الطبية بمضايا، الدكتور محمد يوسف، إن الوضع الطبي متدهور بشكل كبير، "فلا يوجد مشاف، ولا نقاط طبية، ولا حتى كوادر طبية مؤهلة ومختصة، وإنما يقتصر الأمر على بعض الممرضين، بالإضافة إلى بعض الطلبة الذين استفادوا بعض المعلومات في زمن الثورة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن الأمم المتحدة "في دفعة المساعدات الأخيرة لبلدة مضايا؛ أدخلت بعض المعدات التي لا تنفع في العمل الطبي"، مطالبا المنظمات الدولية بـ"إدخال أدوية نوعية، وعلاجات لأصحاب الأمراض المزمنة".
وبيّن يوسف أنه "تم تسجيل خمس حالات وفاة بين الأطفال حديثي الولادة، خلال الأيام القليلة الماضية"، مشيرا إلى أنه "مقابل كل 15 طفلا يولد حديثا؛ هناك طفل واحد يموت، لكون جسم الأم غير قادر على أن يتحمل الولادة الطبيعية، نتيجة ظروف الحصار، ونقص الغذاء والأدوية اللازمة لها، ما يدفع الأطباء إلى اللجوء لإجراء عمليات قيصرية قد تستغرق في بعض الأحيان تسع ساعات".
انتشار الأمراض
وأدى تراجع العناية الطبية، وفقدان الأدوية والعلاجات اللازمة، إلى ظهور أمراض مثل "الروماتيزم، والفشل الكلوي، وهشاشة العظام، ونقص النمو بين الأطفال، أو ما يطلق عليه التقزم"، كما يقول مدير الهيئة الطبية بمضايا.
وأوضح يوسف أن "الروماتيزم" انتشر بكثرة بين الأطفال وكبار السن؛ بسبب النقص الشديد للكلس، كما أن هناك حالات كثيرة تراجع النقاط الطبية بشكل يومي من أجل الحصول على أدوية لألم المفاصل.
ويبلغ عدد المصابين بمرض "هشاشة العظام" بسبب نقص الكالسيوم في مضايا حاليا؛ حوالي 45 رجلا وامرأة ممن بلغت أعمارهم فوق الـ65 عاما، بينما يصل عدد الأطفال الذين يعانون من "التقزم" 35 حالة، بحسب الإحصاءات الصادرة عن الهيئة الطبية في بلدة مضايا.
وتشير الإحصاءات ذاتها إلى وجود سبعة مصابين بالفشل الكلوي، في حال الخطر الشديد، إضافة إلى وجود أكثر من 20 حالة أخرى يشتبه في إصابتها بالفشل الكلوي.
تفاقم المعاناة في الشتاء
ومع دخول فصل الشتاء؛ فقد أضيفت مأساة أخرى إلى حياة المدنيين المحاصرين، الذين لم يتبق لديهم أي وسيلة يستخدمونها للحصول على التدفئة؛ في ظل الأجواء المناخية الباردة التي تشهدها مناطق الريف الغربي لدمشق.
وقال رئيس المجلس المحلي لبلدتي مضايا وبقين، محمد عيسى، إن أسعار المحروقات تشهد ارتفاعا يفوق قدرة الأهالي على شرائها، حيث وصل سعر الكيلو الواحد من مادة الحطب -في حال توفره- إلى 700 ليرة سورية، أي ما يعادل الدولارين تقريبا".
وأضاف عيسى لـ"
عربي21" أن العائلة الواحدة تحتاج شهريا إلى 200 دولار كحد أوسط ثمنا لشراء الحطب للتدفئة، في حين أنها تحتاج إلى ما يقرب من ألف و500 دولار، في حال أرادت الاعتماد على مادة المازوت، مشيرا إلى أن "دخل الأسرة شهريا في مضايا وما حولها يصل إلى أقل من 50 دولارا".
وأوضح أن أسعار الملابس الشتوية "تحلق عاليا أيضا، حيث وصل سعر القطعة الواحدة من الملابس إلى حوالي 12 ألف ليرة".
حرق الملابس لصنع الطعام
وفي ظل انعدام شبه كامل للمحروقات بكافة أنواعها؛ لجأ أهالي مضايا المحاصرون إلى حرق أثاث المنازل، وبعض الملابس البالية، والأغطية والفرش، من أجل طبخ الطعام وتجهيزه، وصنع مادة الخبز.
وقال الناشط الإعلامي فراس الحسين، إن الخبز مقطوع نهائيا عن البلدة، لأن الفرن الوحيد تم استهدافه منذ أكثر من عامين، وخرج عن الخدمة بشكل نهائي، ما اضطر الأهالي إلى صنع الخبز في منازلهم، بالاعتماد على حرق ما تيسر لهم من مواد بديلة عن المحروقات.