نشرت مجلة "رولينغ ستونز" الفنية تقريرا أعدته أينا الفاريز، عن
المحجبات المسلمات الراغبات بأن يحققن قبولا في المنافسات الرياضية وهن يرتدين حجابهن.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "ابتهاج محمد كانت أول أمريكية مسلمة تشارك في دورة الألعاب الأوليمبية، التي عقدت في ريو دي جانيرو عام 2016، وكاتت أكثر المشاركين جذبا للانتباه في فريق يضم مايكل فيلبس وسيموني بايلز، وعملت الكثير لحرف الانتباه عن دينها وما ترتديه في أثناء المنافسات الرياضية، واستخدمت الحدث الرياضي الأهم لتعليم العالم بتواضع وكرامة، عندما وقفت على منصة التتويج بصفتها أول مسلمة أمريكية تحصل على جائزة الميدالية البرونزية".
وتستدرك الفاريز بأنه "رغم حصول ابتهاج محمد على الميدالية، إلا أن ثباتها ساعد على تطبيع ما يمكن أن تكون عليه المرأة المسلمة، وبعد أقل من عام من المنافسة في ريو، فإن الكثيرين باتوا ينظرون لابتهاج محمد على أنها المحفز للرياضيات المسلمات، بالإضافة إلى أن الاهتمام الذي حظيت فيه من الإعلام والسوق، التي تقدر قيمتها بحوالي 5 تريليون دولار، كان السبب الرئيسي وراء إعلان شركة (نايك) الخطة، التي أطلقت عليها (مع الحجاب)، لتمنح الملابس الرياضية التي تنتجها المرأة المسلمة فرصة للمشاركة في المباريات الدولية، ومع أن ابتهاج، التي لديها علامتها الخاصة (لويلا)، لا تشارك في حملة (نايك)، إلا أن أثرها على التحول في مجال الملابس الرياضية للمحجبات لا يمكن إنكاره".
وتذكر المجلة أن "ابتهاج محمد كانت تشارك في المنافسات الرياضية للمبارزة وهي في سن الثالثة عشرة، ووجد والداها أن
الرياضة مناسبة لها، خاصة أنها تستطيع ارتداء الحجاب في أثناء المباراة، ولا تعرف امرأة أمريكية شاركت وهي في الحجاب، ولهذا فإنه من المهم أن يكون هناك رمز يمثل المرأة المسلمة، حيث تقول ابتهاج: (كان من الصعب دائما ألا تجدي شخصا متفوقا في شيء تحلمين أو تتطلعين للمشاركة فيه، فمن الصعب رؤية نفسك في هذا المكان)".
وينقل التقرير عن هاجر أبو الفضل، التي شاركت ضمن الفريق الأفغاني وهي ترتدي الحجاب، قولها إن ابتهاج كان لها تأثير عالمي في المشاركة والفوز في ميدالية للفريق الأمريكي، وأضافت أنها "تمثل الرياضية القوية والذكية الملتزمة بدينها وثقافتها، وتعلم صورها ما يقوله الناس حول العالم من الذين لديهم صورة نمطية عن الحجاب، ويعتقدون أن المرأة المسلمة ضعيفة".
وتستدرك الكاتبة بأن "النقاش حول الحجاب في المباريات الرياضية يبدو للكثيرين جديدا نسبيا، إلا أن المسلمات المشاركات في المباريات تعرضن للمنع في عدد من المرات، ما أجبرهن على الاختيار بين دينهن وعدم المشاركة، أو نزع الحجاب والمشاركة، ففي لعبة كرة السلة، تمنع جمعية كرة السلة الدولية اللاعبين واللاعبات من ارتداء (أي شيء يمكن أن يسبب الضرر لبقية اللاعبين واللاعبات)، وفي الوقت الحالي هناك عريضة لإلغاء هذا المنع، وفي العام الماضي تم منع الملاكمة إيميا ظفر من المشاركة دورة شوغر بير للملاكمة على مستوى أمريكا، عندما وجد المسؤولون أن الحجاب يخرق قواعد السلامة".
وتلفت المجلة إلى أن رافعة الأثقال الباكستانية كلثوم عبد الله، التي انجذبت لهذه الرياضة حتى تقوي نفسها، واجهت عقبات عندما بدأت تشارك في المباريات، ومنعتها منظمة رفع الأثقال الأمريكية من المشاركة وهي ترتدي الحجاب وبثوب رياضي يغطي جسدها كله، وعندما أصدرت بيانا صحفيا شرحت فيه سبب أنها لا تستطيع المشاركة كونها امرأة مسلمة، فإنه سمح لها بالمشاركة ضمن الفريق الباكستاني.
ويعلق التقرير قائلا، إن "القواعد التي تضعها الاتحادات الرياضية المتعددة لا تمنع ارتداء الحجاب تحديدا، إلا أن اللغة العامة تمنع وبشكل غير مقصود غطاء الرأس، وتؤثر كذلك على السيخ واليهود الذين يريدون الالتزام بدينهم من خلال تغطية الرأس".
وتورد الفاريز أن عبد الله تعتقد أن الاتحادات الرياضية التي تمنع غطاء الرأس، كانت مدفوعة بالتحيز في البداية، حيث تقول عبد الله: "أحب الاعتقاد أن الاتحادات الرياضية لم تفكر أبدا أن هناك امرأة يمكن أن تشارك في المباريات وهي ترتدي الحجاب في الوقت ذاته"، وتضيف أن الاتحادات إن كانت تعتقد أن اللغة العامة يمكن أن تمنع الحجاب تحت غطاء الرأس، إلا أنها تستطيع تعديل اللغة "وكانت هذه الحالة، وكنت محظوظة، فيما يتعلق بمشاركتي في مسابقة رفع الأثقال"، لافتة إلى أنها وجدت في حالتها أن المسؤولين لم يكن عندهم استعداد لتغيير اللغة الموجودة منذ عقود، حيث تقول إن المرأة المحجبة لم يسمح لها بالمشاركة بحجابها إلا في دورة سيدني عام 2000، مشيرة إلى أن الكثيرين عبروا عن قلقهم من أن الناس سيطالبون بتغيير القواعد لارتداء أنواع الملابس كلها، مثل البدلات المضغوطة التي تعطي الرياضيين الأفضلية، خاصة في مباريات رفع الأثقال.
وتقول عبد الله للمجلة: "لا يعني اختفاء التحيز وسوء الفهم للحجاب أنه لم يعد موجودا، فبشكل عام، سواء كانت الرياضة أو العمل، وغيرهما من المؤسسات، فلو تم تأكيد عدم ارتداء الحجاب فإنه نابع من عدم الإعجاب أو الخوف مما يمثله، أو أنه سيسيطر على العالم".
وتنوه المجلة إلى أن أبو الفضل، التي ترتدي الحجاب وهي تمارس رياضة كرة القدم، ترى أن سوء الفهم نابع من غياب الثقافة أو المعرفة عن المرأة المسلمة، وتقول إن "الناس لا يخافون من الحجاب، لكنهم محتارون بشأنه؛ لأنهم لا يفهمون أن الإسلام يمثل دين سلام، وأن ارتداء الحجاب ليس إجباريا في معظم الأحيان، وأن الكثير من النساء قررن لبس الحجاب من أجل تعزيز القوة"، لافتة إلى أنه بالنسبة للاعتقاد بأن الحجاب قد يؤدي إلى تعويق الأداء في أثناء المباريات أو يتسبب بالإصابة، فإن أبو الفضل تعتقد خلاف هذا، وتقول: "لا يشكل الحجاب مشكلة أو صعوبات في المباريات"، وتضيف: "هناك زي خاص أقرته الـ(فيفا) نرتديه في مباريات كرة القدم، وهو متوفر للرياضات الأخرى، ولم أتعرض لإصابة ولا أعلم عن حالات تعرضت للإصابة".
ويفيد التقرير بأن أبو الفضل تأمل بأن تلهم الفتيات المسلمات لارتداء الحجاب، وتقول: "أرتدي الحجاب بصفتي فتاة رياضية؛ من أجل تعليم الجيل القادم وعائلاته كيف يمكن لامرأة أفغانية أن تحافظ على دينها وثقافتها وتحقق انتصارات رياضية، وتسهم في تطوير الاستقلال والمساواة في المجتمع"، وتضيف: "أعتقد أن الحجاب في الرياضة كان دائما جزءا من النقاش، ويبدو أن قطاعا واسعا من المجتمع اكتشفه فجأة، ووضعه على طاولة النقاش، ومن الخارج يقول البعض إن (نايك) كانت متميزة في التقدم وضم الحجاب للنقاش، لكن هناك الكثير من الشركات التي أدخلت الحجاب للرياضة، لكنها ليست واسعة الانتشار مثل (نايك)، وكانت هناك ملابس رياضية في بعض المحلات الصغيرة".
وتبين الكاتبة أن الناشطة والصحفية الرياضية شيرين أحمد، تمنت لو لم يكن الحجاب محلا للنقاش والتركيز، كما في حالة ابتهاج، وكتبت قائلة: "عناوين الأخبار التي تصرخ وتتحدث عن إنجاز امرأة محجبة لم تكن عاملا مساعدا، حيث تتعامل مع المرأة من خلال ملابسها، ومن الملاحظ أننا لا نشير إلى أي رياضية ملتزمة بدينها من خلال الزي الديني، سواء كان عقدا أو وشما يظهر الصليب، أو نجمة داود، أو رمز كرما"، ومع ذلك تعترف شيرين أحمد بدور ابتهاج محمد، وبأنها قامت بتطبيع الحجاب من خلال مشاركتها وفوزها في ريو، وتعترف ابتهاج بهذا الأمر قائلة: "وجود امرأة مسلمة، خاصة من الولايات المتحدة، التي شاركت في فريق أمريكا، وحصلت على ميدالية في الأولمبياد، يظهر للناس في الداخل والخارج من المجتمعات المسلمة أن هذا الأمر ممكن التحقيق".
وتختم "رولينغ ستونز" تقريرها بالإشارة إلى قول ابتهاج محمد: "مع أني كنت أتمنى لو كانت هناك مسلمة سبقتني في تحقيق هذا كله وفيما أنجزته كله، إلا أنني أشعر بالامتنان، وآمل أن تأتي بعدي أطنان من المسلمات، وأمل أن تكون رحلتهن أسهل؛ لأنني وضعت الأسس لتحقيق هذا الأمر".