نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية، تدوينة لمنسق الشرق الأوسط والمغرب العربي في مؤسسة بدائل، إغناسيو ألفاريز أوساريو، ومؤلف كتاب "
سوريا.. الثورة والطائفية والجهاد"؛ تحدثت من خلالها عن انطلاق عملية تقسيم الغنائم السورية، بعد ست سنوات من الحرب الدامية، بين جل الأطراف المشاركة فيها.
وقال الكاتب في تدوينته التي ترجمتها "
عربي21"، إن موسكو وطهران قد وضعا خطة لتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ، من شأنها أن تخدم طموحاتهم ومطامعهم الاقتصادية والعسكرية، مؤكدا أن العنصر المركزي الكفيل بدعم هذه المصالح والضامن لها؛ يتمثل في بقاء بشار الأسد في سدة الحكم.
وأضاف الكاتب أنه "بعد ست سنوات من الحرب الدامية التي دمرت جزءا كبيرا من البلاد، والتي خلفت شعبا ممزقا؛ شهد الصراع السوري منعطفا وتحولا جذريا، حيث رجحت كفة ميزان القوى لصالح الأسد؛ الذي عول على التدخل العسكري الروسي، ودعم
إيران الحاسم"، مشيرا إلى أن "عملية استعادة السيطرة على حلب من قبل القوات النظامية؛ كانت بمثابة نقطة تحول بارزة في مجريات الحرب، حيث ترتب عليها تقهقر القوات المعارضة إلى معاقلها في درعا وإدلب".
وأوضح أن "الجولة الرابعة من محادثات جنيف قد انتهت بتحقيق تقارب على مستوى المواقف والرؤى بين النظام السوري والمعارضة غير المتجانسة، وخاصة حول الخطة الانتقالية التي تهدف إلى إنهاء الحرب. أما بالنسبة للمستجدات الرئيسة في الشأن السوري، فتتمثل في أن
روسيا والولايات المتحدة الأمريكية قد أبدتا استعدادهما التام للتعاون حول الملف السوري الشائك".
وبين الكاتب أن المستفيد الأول من هذا التعاون الأمريكي الروسي سيكون بشار الأسد، إذ إنه سيضمن بذلك بقاءه لمدة أطول في دفة الحكم، لافتا إلى أن ترحيب الأسد بالقوات الأمريكية في إطار مكافحة الإرهاب؛ هي إشارة منه إلى أنه يرغب في التقرب من البيت الأبيض، ودليل على مدى استعداد الأسد للتنازل خدمة لمصالحه، فضلا عن إمكانية تغييره لمواقفه فقط من أجل الحفاظ على كرسي الرئاسة.
وأفاد الكاتب بأنه من غير المرجح في هذه المرحلة بالذات؛ أن تقدم كل من روسيا وإيران رأس الأسد لطرف ثالث على طبق من فضة، خاصة وأن كلا الطرفين ينتظران أن يتلقيا أجرا كبيرا مقابل الخدمات التي سبق وأن قدماها للأسد، في الوقت الذي تمكنا فيه من كسب الحرب، وأخذا يستعدان للمشاركة في سباق تقسيم الغنائم.
ورأى أن محاولات موسكو وطهران تقسيم الكعكة السورية إلى مناطق نفوذ للحفاظ على مصالحهما "لم تعد سرا، فقد أصبح أمرا بديهيا وجليا للعموم"، مؤكدا أن حليفا الأسد اللذين كان لهما تدخل حاسم في الحرب بسوريا؛ سيحصلان على أفضل مكافأة مقابل الجهود المضنية التي قدماها لنظام الأسد حتى يضمن بقاءه في الحكم.
وقال الكاتب إنه "في إطار تقسيم الغنائم ومكافأة الحلفاء؛ وقعت روسيا في شهر كانون الثاني/ يناير، اتفاقا مع النظام السوري من أجل التمتع بالسيطرة الكاملة على القاعدة البحرية في طرطوس، التي ستثبت من خلالها تمركزها ونفوذها في منطقة البحر الأبيض المتوسط على مدار السنوات المقبلة".
وأوضح أن روسيا قد اغتنمت الفرصة من أجل إنشاء قاعدة
حميميم الجوية، مشيرا إلى أن موسكو استفادت من الوضع كي تؤمن لقواتها المنتشرة في البلاد امتيازات خاصة مماثلة للامتيازات التي تتمتع بها القوات الأمريكية في
العراق، والتي تحظى بالحصانة الكاملة من قبل الولاية القضائية المدنية المحلية.
وأضاف الكاتب أنه لا يمكن أن ننسى أن شركة "سويوز نفت
غاز" الروسية، قد أبرمت عقدا، بعد أن حرصت على التلاعب ببنوده، يقضي باستغلال احتياطيات النفط والغاز التي ستعثر عليها في السواحل السورية على مدار 25 سنة القادمة، "وبحسب جملة من الخبراء؛ فمن المرجح أن تضم هذه المنطقة واحدا من أكبر جيوب الغاز في العالم".
وتطرق الكاتب إلى موقف إيران وسط هذه المعمعة، قائلا إن طهران تبدو على ثقة بأنها ستنال حصتها من الكعكة؛ مقابل الدعم الذي سبق وأن قدمته للأسد.
وبيّن أن من بين العقود المبرمة في الفترة الأخيرة؛ عقدا وقعته شركة الاتصالات الإيرانية التابعة للحرس الثوري مع السلطات النظامية، مشيرا إلى أن الحرس الثوري قد خصص جزءا من عائدات هذه الشركة لمقاتليه الشيعة.
وأضاف أن إيران تسعى إلى استغلال مناجم الفوسفات في محيط مدينة تدمر الأثرية، وبناء ميناء على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وتحديدا في بانياس، "كما تعتزم إيران استغلال هذا الميناء لتصدير النفط الإيراني عبر خط أنابيب يقدر طوله بحوالي ألف و500 كيلومتر، مرورا بالعراق وسوريا، مع العلم أن حكومتي كلا البلدين تخضعان لوصاية إيرانية".
ولفت إلى أن "إنشاء هذا الخط النفطي الافتراضي؛ سيكون بمثابة ضربة صاعقة للمملكة العربية السعودية، المنافس الإقليمي الرئيس لإيران، وستساهم هذه الخطوة في تحصين القوس الشيعي الذي يمتد من إيران إلى بيروت".
وفي الختام؛ أكد الكاتب أن خلق مناطق نفوذ وتوزيع الغنائم بين إيران وروسيا؛ مرتبط ارتباطا مباشرا باستمرار وجود بشار الأسد في السلطة، متوقعا أن تفضي مفاوضات أستانة إلى إدماج المعارضة في النظام الجديد، "ما قد يحدث تغييرا سياسيا جذريا، وهو ما سيهدد المصالح الروسية والإيرانية التي تعد على المحك".