لا تقتصر علاقات القوة الجديدة التي تصاغ اليوم على أرض الشرق الأوسط على المنافسة المتصاعدة اقتصاديا وتجاريا وتكنولوجيا وأمنيا وجيو ـ سياسيا بين الولايات المتحدة والصين، بل تتجاوزها باتجاه توسيع دول وكيانات كبرى.
مائة مليار يورو تخصصها الحكومة الألمانية الحالية لتسليح الجيش، بينما تظل مخصصات ميزانية التعليم لرياض الأطفال والمدارس والجامعات والمعاهد القادمة من الحكومة الفيدرالية والولايات والوحدات المحلية دون 170 مليار يورو على الرغم من الوعود الرسمية بإيصالها إلى 300 مليار بغية السيطرة على أزمات القطاعات التعليمية المتراكمة.
خلال العقود الثلاثة الماضية، رتبت بيئة المخاطر وظواهر العنف والتطرف والإرهاب المحيطة بالمجتمعات الغربية صعود حركات وأحزاب اليمين الشعبوي والسياسيين المنتمين إليها في الولايات المتحدة وأوروبا.
تتواتر في ثنايا أحاديث اليسار عبارات من شاكلة «مصر في خطر»، «الوطن يمر بمنعطف شديد الدقة»، «نجتاز مرحلة فارقة»، «نقود السفينة في بحر هائج مليء بالعواصف»، «مجتمعنا وحياتنا واقتصادنا تحت التهديد»، «الوضع السياسي لا يحتمل التأجيل»، وغيرها الكثير من العبارات التي تنقل إدراكا عاما بمرور مصر بلحظة أزمة..
تتجدد اليوم في ألمانيا ظاهرة الصعود السياسي لليمين المتطرف ممثلا في حزب البديل لألمانيا ويتواكب معها في استطلاعات الرأي الراهنة تراجع نسب التأييد الشعبي لأحزاب يسار ويمين الوسط تحديدا الاشتراكي الديمقراطي والمسيحي الديمقراطي وأحزاب اليسار واليمين كالخضر والليبرالي الحر.
في حوار كان مع عدد من الباحثين الأمريكيين والأوروبيين في جامعة ستانفورد منذ أيام قليلة ودار حول صعود التيارات المحافظة والشعبوية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، عبر أكثر من زميل أمريكي عن الحزن الشخصي والألم الأخلاقي على ما آل إليه حال المجتمع الأمريكي الذي قررت محكمته الدستورية العليا إسقاط الحق القانوني للنساء في الإجهاض (حكم روف ويد الشهير) وأسقطت أيضا، في إلغاء جديد للحدود الفاصلة بين الدولة والدين، قوانين في ولاية «مين» الواقعة في الشمال الشرقي كانت تحظر توظيف أموال دافعي الضرائب في تمويل المدارس الدينية بادعاء أن في ذلك تمييزا ضد الدين!
فرضت طبائع الاستبداد التي استوطنت بلاد العرب منذ خمسينيات القرن العشرين مصائر قاسية على أصحاب الرأي الحر. تخونهم وسائل الإعلام الرسمية وكذلك الخاصة المسيطر عليها حكوميا، تتعقبهم الأجهزة الأمنية، يتعرضون لسلب الحرية، يواجهون قمعا..
لا تقدم العلوم السياسية تفسيرات قاطعة لعوامل نجاح أو فشل التحولات الديمقراطية، وليس في جعبتها بالمثل إجابات حاسمة على الأسئلة المتعلقة بأسباب استمرار أو انهيار الحكومات السلطوية.
يدفع الاقتراب المتجدد لليمينية المتطرفة ماري لوبان من موقع الرئاسة الفرنسية إلى البحث في أسباب الجاذبية السياسية لليمين المتطرف في المجتمعات الأوروبية.
في النقاشات العربية، نكثر من الحديث عن مواقف الرفض والعداء التي تتخذها الشعوب الأوروبية من الأقليات العربية والإسلامية التي تتألف من مهاجرين قدموا إليهم للإقامة والعمل..