رغم مرور عام كامل على ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في
تركيا، لا زالت ذاكرة كثير من السوريين في تركيا محتفظة بأدق التفاصيل، إذ لم تكن ليلية عادية مثل بقية الليالي المعتادة، على ما أكده الكثيرون منهم لـ"عربي21".
تتحدث الصحفية السورية نسرين أنابلي؛ واصفة شعورها ليلة 15 تموز/ يوليو 2016، قائلة: "إن السؤال الأكثر إلحاحا حينها هو أين سأذهب؟ لكن لم تكن الأجوبة متوفرة بالمطلق".
تتابع أنابلي، وهي من مدينة حلب: "كانت الأحياء الشرقية في مدينة حلب تستعد لبداية الحصار، بالتالي إلى أين سنذهب، في حال نجح الانقلاب".
وتضيف لـ"عربي21": "فجأة سيطر عليّ شعور اللامبالاة تجاه كل شيء، وأعتقد أن كثير من السوريين كانوا يشعرون نفس الشعور".
أما بالنسبة لمحمد النجار، طالب الهندسة المدنية في جامعة دنيزلي جنوب غربي تركيا، فهناك حكاية مختلفة عن تلك التي عاشتها أنابلي.
يقول النجار لـ"عربي21": "في تلك الليلة المشؤومة كنت في معبر باب الهوى على أهبة الدخول إلى تركيا، بعد انتهاء إجازة عيد الفطر، وفجأة أغلق المعبر أبوابه".
ويتابع: "قضينا الليل في حرم المعبر، وكنت عاجزا حينها عن التفكير، كانت صور الجامعة تتوارد تلقائيا إلى ذهني، وكانت فكرة عدم إكمال تعليمي الجامعي مسيطرة تماما، وخصوصا أن موعد الامتحان النهائي في اللغة التركية (التومر) كان قريب جدا".
لم يستطع النجار الدخول إلى تركيا إلا بعد مرور نحو أسبوع على فشل الانقلاب، وذلك بعد إعادة فتح البوابة الحدودية من الجانب التركي.
يقول النجار: "بعد أسبوع من الخوف دخلت الأراضي التركية، وحينها تنفست الصعداء، وكأن شيئا لم يكن"، لكنه يستدرك بالقول: "لم ينته الخوف لدينا للآن، وكأن حياتنا هنا أشبه ما تكون بحياة وسط الألغام".
ويوضح أنه "منذ أيام حصلت بعض التوترات بين
لاجئين سوريين وأتراك، والمعارضة التركية لا تكل بالحديث عن نواياها بترحيلنا، وكل ذلك لا يعطينا الشعور بالأمان"، كما قال.
من جهتها، ترى الإعلامية إيمان مسلماني؛ أن عوامل الخوف زالت بزوال مبرراته، أي فشل الانقلاب. وأما بخصوص حالة عدم الاستقرار، فتشير إلى معرفة السوريين بوجود أحزاب معارضة تركية، لا ترغب بوجود السوريين، سواء بانقلاب أم بدونه.
وبالعودة إلى تجربتها مع تلك ليلة الانقلاب، تقول مسلماني: "اختلط الخوف والدعاء والترقب والبكاء والانتظار، كان الموضوع بالنسبة لي أشبه بالجنون"، مضيفة لـ"عربي21": "كان ذلك شعوري، لكن بمجرد ظهور السيد رجب طيب أردوغان على شاشات الإعلام تبدل المشهد تلقائيا، وطغى الشعور بالفرح".
أما أبو أحمد/ وهو مستثمر سوري بمجال صناعة الألبسة الجاهزة في مدينة غازي عنتاب التركية، فقد اعتقد أنه خسر عمله وأنه يجب عليه البحث عن سوق عمل أخرى.
يقول أبو أحمد لـ"عربي21": "حينها كانت تجارتي تتحسن تدريجيا، وذلك بعد أن تعرفت على وسطاء وتجار في عنتاب والمدن القريبة، لكن مع سماعي بأخبار الانقلاب شعرت أن كل ذلك سيذهب أدراج الرياح".
ويضيف: "كان جزء كبير من السوريين يعتقدون أن السوري هو المعني أكثر من غيره بما يجري".
أما الإعلامي حارث عبد الحق، فيتحدث عن حالة الصراع التي عاشها مع سماعه لخبر الانقلاب، ويقول: "كنت ككل السوريين لا أدري ما يتوجب علي القيام به، هل ننزل إلى الشوارع كما فعل الشعب التركي، أم نلتزم البيت".
يتابع: "بعد مناقشة الأمر مع ناشطين سوريين مقيمين في تركيا، حزمنا أمرنا وقررنا النزول إلى الساحات، فالأمر لا شك يعننيا".
ويختتم حديثه لـ"عربي21" قائلا: "عندما وصلت الساحة، لمسنا الفرح والرضى في عيون الأتراك، ولم ننم في تلك الليلة إلا مع طلوع الفجر".