نشر موقع "ألونكونتر" الفرنسي تقريرا تحدث
فيه عن معاناة عائلات المعتقلين السوريين ونقل شهادات البعض منهم حول ما عاشوه من أهوال
الحرب في
سوريا وقمع النظام السوري لهم، حيث وقع اعتقال ذويهم فيما لا يزال مصير البعض
الآخر مجهولا.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"،
إنه في أواخر شهر تشرين ثاني/ نوفمبر تم عقد اجتماع كبير لأهالي المعتقلين والمختطفين
والمختفين قسريا من قبل نظام بشار الأسد في شتورة بلبنان بالاشتراك مع المنظمات الحكومية
والإنسانية، وذلك بالتزامن مع مفاوضات السلام في جنيف.
وذكر الموقع أن هذه الانتهاكات والممارسات لا تتوقف
عند الضحايا فقط، بل تطال أسرهم أيضا. وقد اجتمعت عائلات الضحايا في بلاد الأرز لمعرفة
مصير أحبتهم الذين اعتقلهم نظام بشار الأسد قسرا، لتبقى جراحهم مفتوحة لا تندمل وتتواصل
معاناتهم. وبطول الانتظار تزداد حرقة أهالي المعتقلين ورغبتهم في معرفة مصير أحبتهم، وما إذا كانوا لايزالون على قيد الحياة تحت وطأة التعذيب أم لاقوا حتفهم داخل السجون
والمعتقلات.
ونقل الموقع شهادة خديجة التيناوي، التي اعتقل ابنها
في شهر أيلول/ سبتمبر من سنة 2012 في أثناء عودته من الجامعة في دمشق. وذكرت خديجة أن
قوات النظام هددتها بقتل ابنها في حال قررت الاحتجاج على ما فعلوه. وأكدت خديجة التيناوي
أنها إلى يومنا هذا لا تعلم مصير ابنها على الرغم من محاولاتها العديدة والمتكررة للاستفسار
عما حل به من السلطات السورية. وأضافت أم الضحية أنها تخير أن يكون ابنها قد مات على
أن يظل تحت وطأة التعذيب.
وفي سبيل معرفة مصير المعتقلين والمختفين في سجون النظام
السوري الذين وقع اختطافهم قسرا، قامت عائلاتهم بإنشاء رابطة وطنية قوية أصبح لها صدى
عالمي في جنيف وأستانا وفي كازاخستان، ووجدت أرضية لجذب انتباه الرأي العام لهذه القضية
في مؤتمر شتورة.
وأوضح الموقع أنه حسب بيانات قدمها مركز توثيق الانتهاكات
في سوريا، تم توثيق 72 ألف حالة اعتقال وخطف واختفاء قسري منذ آذار/ مارس من سنة
2011. وتعد الحكومة السورية بتشكيلاتها العسكرية والأمنية المختلفة، هي المسؤولة عما
يقارب 92 بالمائة من مجموع الحالات الموثقة في قاعدة بيانات مركز توثيق الانتهاكات. وأفاد
الموقع بأن الجولة الثامنة من المفاوضات السورية التي انتهت يوم الخميس 14 كانون الأول/
ديسمبر، لم تحرز أي تقدم ملحوظ في القضية السورية. والجدير بالذكر أن المسألة المتعلقة
بإطلاق سراح السجناء وتبادلهم لم تكن مدرجة في جدول أعمال المحادثات في هذه الجولة
وأيضا في الجولات الفارطة، على الرغم من أن قضية المعتقلين تندرج ضمن قرار مجلس الأمن
التابع للأمم المتحدة عدد 2254.
وأورد الموقع أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا،
ستافان دي ميستورا، قد حدد أربعة مواضيع في جدول أعمال المحادثات المتمثلة في الحكم
والدستور وإجراء الانتخابات بإشراف المنظمة الأممية والإرهاب، وبالتالي يبدو جليا أن
قضية السجناء والمعتقلين لا تندرج ضمن جدول أعمال المحادثات.
وتطرق الموقع إلى الاتهام الذي وجهه مدير مركز توثيق
الانتهاكات، حسام القطلبي، إلى ستافان دي ميستورا نظرا لأنه لم يعر قضية تحقيق العدالة
أي أهمية تذكر، بل كان كل اهتمامه مركزا على إيجاد حل وتوافق سياسي. وعلى خلفية هذه
الانتقادات تنظم الأمم المتحدة على هامش المفاوضات الرسمية محادثات بين ممثلي المجتمع
المدني بخصوص المعتقلين والمختفين قسرا في سوريا، مع العلم أن بعض المنظمات رفضت الحضور، معتبرة أن الأمم المتحدة تأخرت في إيجاد حل لمسألة المختفين في معتقلات النظام.
وبين الموقع أنه خلافا لمفاوضات جنيف، طرحت محادثات
أستانا للسلام قضية المعتقلين وجعلتها على قائمة اهتماماتها. وفي هذا الصدد، اتفقت
تركيا وروسيا وإيران على إنشاء لجنة برعاية الأمم المتحدة تعمل على تبادل الأسرى والمعتقلين بين المعارضة ونظام بشار
الأسد. ونتيجة لذلك، سيساهم هذا القرار في التخفيف من حدة الصراع بين الطرفين، ووقف
إطلاق النار في مناطق التصعيد الأربع في إدلب والغوطة وشمال حمص ودرعا.
وفي الختام، أكد ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار
الجعفري، أن موضوع السجناء مهم إلا أنه للأسف لم يلق الدعم اللازم؛ نظرا لوجود عدة عراقيل
من طرف نظام بشار الأسد، بالإضافة إلى الغموض الشديد من جانب المعارضة، وكذلك من طرف
روسيا التي أكدت أنه لن يكون هناك عملية تبادل للأسرى ما لم يتم إزالة الألغام.