هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تصريحات وزيارات تبحث عن التهدئة في الشرق الإفريقي، هكذا علق المتابعون على تطور الأزمة بين مصر والسودان التي شهدت تصعيدا ملفتا خلال الأيام الماضية، والتي كان آخرها تصريحات رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي الاثنين، خلال افتتاحه لعدد من المشاريع بمحافظة المنوفية، والتي نفي فيها وجود توتر بين القاهرة والخرطوم، مؤكدا أنهم في مصر لا يتآمررون على أحد، ولن يحاربوا أشقاءهم.
وهي التصريحات التي تزامت مع إعلان وزارة الخارجية
الإثيوبية عن زيارة لرئيس وزرائها للقاهرة نهاية الأسبوع الجاري، للمشاركة في
أعمال اللجنة المصرية الإثيوبية المشتركة، وهي الزيارة التي سبقتها زيارة أخرى لوزير
الخارجية الإثيوبي ولكنها كانت في الخرطوم، والتي أعلن منها أن بلاده تسعى لنزع
فتيل أي أزمة مع جيرانه.
وأكد وزير الخارجية الإثيوبي دعم بلاده لأمن واستقرار
السودان، أن كل القضايا الخلافية بين الدول يمكن حلها على طاولة المفاوضات، وهي
التصريحات التي أعقبها نفي من الرئيس الإرتيري اسياسي أفورقي لوجود أي قوات مصرية
في قاعدة "ساوا" علي الحدود المحاذية لولاية كسلا السودانية.
واتهم الرئيس الإرتيري أطرافا في إثيوبيا بمحاولة خلق
صدام بين الخرطوم وأسمرة، وكشف أفورقي أن لديه معلومات عن وجود محاولة لنشر قوات
إثيوبية على الحدود السودانية الإريترية على أن يتولى السودان تمويلها وهو ما يؤكد
توجه الخرطوم وأديس أبابا لدفع أريتريا للحرب.
اقرأ أيضا: السيسي ينفي نية الحرب و التآمر على السودان وإثيوبيا
هذه التصريحات والزيارات التي غلفت أجواء الدول الأربع المعنية
بالأزمة، ألقت بالعديد من التساؤلات عن السبب الحقيقي للتحركات الإثيوبية بين كل
من القاهرة والخرطوم، خاصة وأن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للقاهرة تأجلت أكثر من
مرة وأحاط بها الغموض حتى جاء الإعلان الإثيوبي مؤخرا عن الزيارة، فما الدور الذي
تلعبه إثيوبيا، وهل شعرت القاهرة بالخطر بعد تحركات أديس أبابا الأخيرة؟
المتخصص في الشأن الإفريقي الدكتور خيري عمر أجاب علي
هذه الأسئلة لـ "عربي21"،
مؤكدا أن هناك ملفا مشتركا بين القاهرة والخرطوم وأديس ابابا وهو ملف سد النهضة الذي
تعول عليه إثيوبيا كثيرا لإحداث تنمية داخلية، وبالتالي فإنها حريصة على عدم وجود
أية معوقات يمكن أن تؤثر سلبا على خطواتها.
وأضاف عمر: "من هنا جاء تحركها الدبلوماسي خلال
الأيام الماضية لنزع فتيل أية أزمة يمكن أن تحدث، خاصة إذا تورطت الخرطوم فيها لما
تمثله الأخيرة من أهمية لإثيوبيا خلال المرحلة الراهنة، إضافة إلى أن إثيوبيا في
حالة عداء مستمر مع إريتريا، وبالتالي فوجود تعاون مصري إرتيري يمثل تهديدا لأديس
أبابا".
كشف النوايا
ولفت عمر النظر إلى أن إثيوبيا لم تعلن عن زيارة رئيس
وزرائها للقاهرة إلا بعد زيارة وزير خارجيتها للخرطوم وإعلانه دعم السودان نظرا
للمصالح المشتركة بين الطرفين، ولعلها الرسالة التي تلقتها القاهرة وبالتالي أعلن
الطرفان عن ترتيبات زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للقاهرة.
وأوضح أن سد النهضة دخل مراحله النهائية من حيث البناء،
والقضية الآن حول التخزين والإدارة وهو ما يمكن أن يكون الملف الأول والأساسي في
المفاوضات المتوقعة، بعدما أعلنت كل من مصر وإثيوبيا نواياها للأخرى والمدى الذي
يمكن أن يصل إليه أي صدام بينهما سواء مباشر أو غير مباشر.
وتابع عمر قوله: "هناك بعد آخر للتحرك الإثيوبي في
التوتر الأخير خاصة وأن طرفي الخلاف فيه دولتان عربيتان كبيرتان في أفريقيا، وتدخل
إثيوبيا لنزع فتيل التوتر هو اعتراف مصري بقوة أديس أبابا في حل النزاعات بين دول
القارة وهو الدور الذي كانت تحتكره كل من جنوب إفريقيا ونيجيريا وفي بعض الأوقات
مصر والجزائر".
احتياجات مشتركة
وهو ما يتفق معه أيضا معاوية يوسف المستشار بوزارة
الخارجية السودانية الذي أكد لـ"عربي21" أن التحركات الإثيوبية لديها
أكثر من هدف أهمها بالطبع الانتهاء من مشروع سد النهضة، وتفويت الفرصة على أي طرف
لإعاقته، لما يمثله لها هذا المشروع من أهمية، ويضاف لذلك أن كلا من الخرطوم وأديس
أبابا لديهم قناعة بقوة كل طرف لصالح الآخر، وهو ما جعل هناك توافقا في الموقفين
السوداني والإثيوبي في موضوع السد، بينما تقف مصر في طرف مواجه لوحدها.
وحول الدعم الإثيوبي للسودان أكد "يوسف" أن
أديس أبابا تعلم جيدا أن أي تعاون عسكري مشترك بين القاهرة وإريتريا هو موجه لها،
خاصة وأن أسمرة تحتضن المعارضة الإثيوبية، وهو ما تحاول القاهرة استغلاله للتأثير
على إثيوبيا في المفاوضات الجارية حول السد، وبالتالي فإن توثيق علاقاتها بالخرطوم
مهم لضمان استقرار حدودهما في حالة حددوث أية توترات.
واستكمل قائلا: "في المقابل فإن إثيوبيا تمثل أهمية
للسودان بعد تخليها عن دعم الحركات المسلحة في الجنوب وفي دارفور وكردفان، مما
يجعل الخرطوم وأديس أبابا في حرص دائم لحماية مصالحهما المشتركة".