هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبعد مراقبون أن تلجأ الجماعة الإسلامية في مصر، والتي تم إدراجها رسميا منذ أيام ماضية على قوائم الإرهاب، إلى التصعيد أو أن تدخل في مواجهة مفتوحة بينها وبين نظام رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، مؤكدين أن الجماعة وحزبها (البناء والتنمية) سيواصلان سياسة التهدئة والتراجع.
وأدرجت السلطات المصرية، الأحد قبل الماضي، الجماعة الإسلامية، وعدد من قادتها على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، حسب ما نشرت الجريدة الرسمية.
وذكرت جريدة الوقائع المصرية أنه تم إدراج 164 من قيادات الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهابيين لذات المدة أيضا، لتأسس الجماعة "على خلاف أحكام القانون، بغرض الدعوة لتعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية والعامة للمواطنين والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية"، وفقا لنص قرار محكمة جنايات القاهرة.
ولفت الباحث بشؤون الحركات الجهادية، أحمد فريد مولانا، أن "قرار وصم الجماعة الإسلامية بالإرهاب يأتي في إطار سياسة القمع الذي يمارسه نظام السيسي، والذي يستهدف كافة القوى المجتمعية عموما".
خيار المواجهة
وأكد – في تصريح خاص لـ"عربي21"- أن "الجماعة الإسلامية لم تعد تتبنى خيار المواجهة مع النظام، بل ويقدم قادتها خطابات تلطيفية يقابلها النظام ببطش"، مشدّدا على أن "الجماعة ستواصل التهدئة حتى أن حزبها أعلن اليوم تجميد عضوية من أدرجوا في قوائم الإرهاب من عناصره".
ورأى "مولانا"، وهو عضو بالمكتب السياسي للجبهة السلفية، أن "الجماعة الإسلامية ستواصل سياسة التهدئة، لأنها خاضت تحارب سابقة من المواجهة كانت تداعياتها أليمة على أعضائها، ولم تعد أعمار عناصرها ولا توجهاتهم بعد المبادرة تدفعهم للدخول في صدام مع النظام، لذا نمط التهدئة والوساطة هو الأقرب لهم".
اقرأ أيضا: الزمر يتحدث لـ"عربي21" عن التصعيد ضد الجماعة الإسلامية بمصر
من جهته، أكد عضو المجلس الثوري، أحمد عبدالجواد، أن "وضع قيادات وكوادر الجماعة الإسلامية بقوائم الإرهاب مرفوض قطعا، ويأتي في إطار ما يقوم به النظام الانقلابي بمعاداة ومحاكمة ثورة يناير الرمز والحدث".
واعتبر – في تصريح لـ"عربي21"- قرار حزب البناء والتنمية بتجميد عضوية الأسماء الواردة بقوائم الإرهاب الأخيرة "دليل واضح تماما على أنه لم ولن يدخل في أي مواجهة مع النظام على الأقل في الوقت الراهن أو المستقبل القريب"، مؤكدا أن قرار تجميد العضوية يأتي في إطار ما وصفه بالضرورة القهرية حتى لا يتم تجميد الحزب.
وتابع:" أختلف كليا مع من يراهن على أن الجماعة الاسلامية وحزب البناء والتنمية سيتخذون مواقفا أكثر تشددا مع النظام أو حتى تصعيد المواجهة، وذلك لأن مواقف الجماعة والحزب شأنهم شأن كل الأحزاب والجماعات والحركات السياسية لا توجد لديهم أي نية أو توجه أو خطط لمواجهة الانقلاب بالأفعال وليس الأقوال".
أوراق ضغط وابتزاز
ولفت إلى أن النظام يمتلك ما وصفه بأوراق ضغط وإرهاب وابتزاز ضد الجماعة الإسلامية، ومنها "حل حزبها البناء والتنمية، والذي وضعه تم مقصلة الحل منذ أشهر ماضية، فضلا عن احتمالية شن حملات اعتقال واسعة ضد أبناء الجماعة، ومصادرة أموالهم، وهو ما يعزز خيار استبعاد المواجهة بين الجماعة الإسلامية والنظام".
يذكر أن دائرة شؤون الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا حجزت الدعوى المقامة من لجنة الأحزاب السياسية، بحل حزب البناء والتنمية، وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي يؤول إليها، للحكم بجلسة 16 شباط / فبراير المقبل.
اقرأ أيضا : حزب إسلامي مصري يجمّد عضوية من يدرج اسمه بقوائم الإرهاب
ورجّح "عبدالجواد" أن "ثمة تفاهما حول ما حدث بين حزب البناء والتنمية والنظام الانقلابي خاصة بعد رحيل الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية، عمر عبد الرحمن، فقد تراجعت الجماعة عشرات الخطوات للوراء، وكذلك فعلت أحزاب وجماعات أخرى طالها من بطش السيسي أكثر مما نال الجماعة الإسلامية".
واستطرد قائلا: "للأسف الشديد أعتقد وبكل حسرة ومرارة أن خطوات تبريد الثورة تمضي منذ وقت ليس بالقليل على قدم وساق، وفي كل الأحوال أقول إن مناهضي ومعارضي الانقلاب لم يحسنوا صنعا في إعادة طرح القضية المصرية على المجتمع الدولي بشكل ينتشلها من حالة الشلل الحالية خاصة بعد كل هذا التفاعل الدولي مع قضية اغتيال خاشقجي. ولم تستفد من هذا الحدث الجلل كما حدث في اليمن وليبيا".
المراجعات الفكرية
وقال الباحث في شؤون الجماعات الاسلامية، مصطفى زهران، إن الجماعة الإسلامية من الكيانات التي تمثل ثورة يناير نقطة تحولها الحقيقي، ومبادرة وقف العنف والمراجعات الفكرية التي أقدمت عليها قبل ذلك بسنوات من الأهمية بمكان".
ورأى – في تصريح لـ"عربي21"- أن "تحولات الجماعة الإسلامية بعد الثورة كانت كشافا أساسيا في التحول الحقيقي والجاد داخلها نحو العمل السياسي في تمظهرات عكست حالة النضج التي أضحت عليها بعد مرور سنوات من المواجهة الراديكالية مع السلطة والمجتمع، وذلك يعتبر منجزا حقيقيا للثورة وللجماعة في آن معا" .
وأردف: "لدى بعض رموز الجماعة الإسلامية إشكال حقيقي ومعارض مع السلطة السياسية في مصر، ولكن كان من الأجدر أن تتجه إلى هؤلاء فقط مباشرة هذه الإجراءات القانونية دون تعميمها على التجربة ككل جماعة وحزبا، خاصة وأن الحزب لا يزال يمارس بعضا من نشاطاته في الداخل المصري، إذ إن سياسة الاحتواء تعد الأفضل والأجدر لمحاصرة الأفكار المتشددة وتنظيماتها المتكاثرة".