هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن طموح إيران المتعلق بإنشاء قاعدة بحرية خاصة بها على سواحل البحر الأبيض المتوسط، ورؤيتها في الموانئ السورية الخيار الأنسب لتحقيق هذا الحلم.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إيران استأجرت ميناء اللاذقية ابتداء من غرة تشرين الأول/ أكتوبر، لأغراضها الخاصة. وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قد وقع هذه الاتفاقية مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، خلال زيارته إلى طهران في شباط/ فبراير.
وأضافت الصحيفة أن الأسد نجح في الخروج بسلاسة من تحت النفوذ والتأثير الروسي، حيث لم يعد يتشاور كالسابق مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أو يطلب مساعدة عسكرية. ويعزى ذلك إلى شعوره في الآونة الأخيرة بثقل سياسي، لا سيما أنه استطاع التشبث بمنصبه، ولم تتمكن القوات المتحالفة ضده من الإطاحة به. على صعيد آخر، يعتبر من المهم بالنسبة لسوريا في الوقت الراهن، استعادة علاقاتها مع جيرانها وخاصة العراق ولبنان والأردن وتركيا.
وأوضحت الصحيفة أن سوريا لا تجمعها خلافات مع الأردن أو العراق، على عكس تركيا التي تجمعها مع سوريا صراعات إقليمية، فضلا عن اختلافات في المواقف بشأن حزب العمال الكردستاني، وعواقب الحرب الأهلية الحالية في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، تجمع سوريا علاقات سيئة مع إسرائيل، وذلك بسبب تنفيذ الطيران الإسرائيلي غارات جوية على الأراضي السورية، مستهدفا الميليشيات الإيرانية والمواقع التابعة لها الموجودة في سوريا. وعلى الرغم من أن الحرب من أجل الجولان متوقفة منذ 40 سنة، إلا أن دمشق تعتبر هذه الأراضي ملكا لها ومحتلة من قبل إسرائيل بشكل غير قانوني.
اقرأ أيضا: ما مستقبل المليشيات المدعومة إيرانيا بسوريا؟.. سيناريوهات
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من عدم وجود حدود برية مشتركة بين إيران وسوريا، إلا أن طهران تُعتبر الحليف الرئيسي لدمشق في الشرق الأوسط، حيث يشارك حوالي 12 ألف عنصر من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في القتال إلى جانب القوات الحكومية. من هذا المنطلق، بات من الواضح أن الأسد يجري اتصالات مع إيران في العديد من المسائل، بما في ذلك توفير قاعدة بحرية على أراضي بلاده، لا سيما وأنه بإمكان الدفاعات الجوية الإيرانية، التي سيتم وضعها في اللاذقية لتغطية المنشآت العسكرية، إسقاط الطائرات الإسرائيلية.
وبدورها، زودت روسيا جيش النظام السوري بأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز "أس-300"، ودربت طاقما سوريا على كيفية استخدام هذه الأسلحة، وكان من المفترض أن تغير هذه المنظومة استراتيجية الدفاع الجوي لدمشق. وفي الوقت الحالي، يوجد ثلاثة أقسام من أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز "أس-300" على الأراضي السورية، وهو ما يعتبر عددا كافيا لتأمين الدفاع الجوي حول دمشق وعدد من المطارات المجاورة، وليس لصد الغارات الجوية واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا تعمل على إنشاء دفاع جوي كلاسيكي كامل في سوريا، سيشمل نظاما لإطلاق قذائف بعيدة وقصيرة المدى، فضلا عن غطاء نظام الدفاع الجوي وحقل راداري. في الواقع، تعتبر قوات الدفاع الجوي الروسية التي تغطي القواعد في طرطوس وحميميم مسؤولة عن أمن منشآتها العسكرية من الهجوم الجوي فقط. ومن المحتمل أن يُمنع الجيش السوري من فرصة إسقاط الطائرات الإسرائيلية، باستخدام المجمعات الروسية، وذلك من أجل تجنب دخول روسيا في صراع هي في غنى عنه.
اقرأ أيضا: هكذا يسيطر الروس على مفاصل نظام الأسد.. تفاصيل
وبينت الصحيفة أن دمشق غير راضية عن الموقف الروسي، لذلك تستعد لجذب طهران، التي لن تقف مكتوفة الأيادي تجاه الغارات الإسرائيلية، لا سيما أن الجيش الإيراني يمتلك منظومة "أس-300" الروسية، وسوف يستخدمها لتغطية المنشآت العسكرية. كما سيؤثر تعزيز النفوذ الإيراني في سوريا سلبا على سمعة روسيا دوليا، وعلى العلاقات الروسية الإسرائيلية، حيث تعتبر تل أبيب أن كل هجوم نفذ من طرف الجيش الإيراني في سوريا، تم الاتفاق عليه مسبقا مع موسكو.
وأفادت الصحيفة أن وجود قاعدة بحرية إيرانية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من طرطوس، حيث تقع القاعدة الروسية، وقاعدة حميميم، حيث تتمركز القوات الجوية الروسية، يمكن أن يجعل من القوات الروسية عرضة لهجمات الولايات المتحدة وإسرائيل، الأمر الذي سوف تستغله روسيا لمنع إيران وسوريا من إتمام الصفقة، وبالتالي، إعاقة إمكانية نشر قاعدة بحرية إيرانية في اللاذقية.
في المقابل، يمكن أن تسمح روسيا بإنشاء قاعدة بحرية إيرانية في سوريا، من أجل استئناف خطط إنشاء سكك حديدية تربط بين إيران والعراق وسوريا، حيث تم إطلاق هذا المشروع الاستراتيجي قبل بداية الأزمة السورية سنة 2011، وتم تعليقه بسبب الظروف التي شهدتها المنطقة.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن إنشاء هذا الخط من السكك الحديدية يعطي لروسيا فرصة الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر سوريا، وإلى بحر قزوين عبر المحطات البحرية الإيرانية.