هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عندما أعلنت منظمة التحرير اعترافها الصريح والواضح بالكيان الصهيوني في عام 1988، كان ذلك يمثل نهاية مسار من الترويض والاختراق، وسقوط الحمايات وضرب جهاز المناعة الوطني، وسقطت بذلك الاعتراف الرسمي الـ"لا" الفلسطينية الكبيرة، فلم تعد الصهيونية بذلك الاعتراف عدوة شعبنا، ولم يعد كيانها الذي شيد على خرابنا كيانا مغتصبا قامت به حركة استعمارية لصوصية، ولم تعد أرضنا المحتلة عام 1948 بهذا الاعتراف أرضا فلسطينية، بل غدت بفضل اعترافنا "إسرائيلية"، وأصبحنا نفرّق ما بين جنين ونابلس والخليل المحتلة، وما بين حيفا وبيسان وبئر السبع "الإسرائيليات" غير المحتلة!! وأصبحنا نفرق ما بين القدس الشرقية "الفلسطينية"، وبين القدس الغربية والعيسوية وأبو ديس كقرى فلسطينية، في حين أن نظيراتها في القدس الغربية كعين كارم ولفتا ودير ياسين والقسطل "إسرائيلية" غير محتلة. والأشد سريالية، هو تلك القرى المشطورة نصفين على طرفي الخط الأخضر، كبيت صفافا والمالحة أو كباقة الشرقية، وأختها باقة الغربية، وأريد لنا أن نميز تلك التي أصبحت فلسطينية وتلك التي غدت "إسرائيلية"!!
وعندما جاء الانهيار الكامل في أوسلو 1993، كان لا بد من التعرّي الكامل والاستسلام النموذجي كاستحقاق أولي وبدهي لأخذ العضوية في قطار التسوية، فتم نعت الكفاح المسلح بالإرهاب الواجب نبذه والتطهر منه، وأصبح عشرات آلاف الشهداء الذين حلموا بتحرير فلسطين مخطئين، وأفعالهم منكرة ومجرّمة! ولم يُكتف باعتبار الميثاق الوطني "مزمنا"، بل تم تمزيقه وإلغاؤه، وحتى "منظمة التحرير" التي طالما وُصفت قبل أوسلو بأنها "الوطن المعنوي للفلسطينيين"؛ أصبحت أثرا بعد عين، وخلقت وقائع جديدة انبنت على الاعتراف الفلسطيني بالكيان الصهيوني؛ أصبحت فيها الأحلام الصغيرة مثل إقامة "دويلة في أراضي 1967" أيضا أثرا بعد عين.
تفكير قُطري
إن مشكلة التفكير الوطني "القطروي" الذي يمجد الخصوصية المحلية التجزيئية؛ أنه بالتعريف تفكير "صغير"، ويسير في سكة تنتقل بأصحابها من الأوسع إلى الأضيق، فهؤلاء الذين رأوا في "فلسطينهم" مجرد دمية قُطرية يتلهون بها، يريد دعاتها أن يكون لهم مجرد هوية وجواز سفر ورموز دولتية أخرى، لتشبع ظمأهم إلى ما يتمتع به غالب خلق الله في هذا العالم؛ إنما يعكسون في الحقيقة قصورا في الرؤية وانغلاقا على رؤية ما تمثله قضية فلسطين في العالم، ولدى العرب والمسلمين، من مغزى ومعنى وأساس ومنطق.
إن السكة القُطرية التي رسم تجلياتها برنامج النقاط العشر عام 1974؛ الذي كان أهم نقاطه: "إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية على أي جزء يتم تحريره من الوطن"، والتي كانت أوسلو محطة من محطاتها، ها هي توصلنا اليوم إلى "صفقة القرن" ولحظة التصفية. ومن غرائب دعاة هذه السكة أنهم يدينون بالفضل لما تعتبره أجيال الفلسطينيين ومؤرخو نكبتهم (من العرب واليهود أيضا) خيانة عظمى؛ حدثت عام 1948 عندما عقد زعيم عربي مجاور لفلسطين صفقة مع الحركة الصهيونية بعد صدور التقسيم في تشرين الثاني 1947 تقضي بتقاسم فلسطين معه، وإن دعاة الوطنية القطرية الفلسطينية اتخذوا من تلك الخيانة التي احتفظت بـ22 في المئة من أرض فلسطين الانتدابية (الضفة الغربية)؛ قاعدة انطلاق لتشييد حل الدولتين!!
فهؤلاء الذي صغّروا فلسطين إلى هذا الحد وبشروا بجغرافيا وتاريخ هجينين، وجدنا منطقهم يصغر ويصغر كلما مضوا وساروا على تلك السكة البائسة الخاربة. فعندما أرادوا أن يمسخوا فلسطين بحدودها الانتدابية (التي هي هجينة بالأساس عندما فصلها الاستعمار البريطاني عن فضائها الشامي الذي ساد طيلة تاريخها)، لتستحيل لهم تلك الفلسطين المشوهة التي حدودها الجنوبية رفح والشمالية جنين، لم يقف الأمر عند ذلك، بل غدا هذا الكيان الهجين، مع أوسلو، مقسما إلى ثلاث مناطق (أ، ب، ج) لكل منها صفتها القانونية والسياسية المختلفة. وتاه هنا، لدى هؤلاء القُطرويين، تعريف الوطنية الفلسطينية، بعدما تم إسقاط 78 في المئة من الوطن التاريخي من الحساب، ثم بسبب أن "الوطن" نفسه غير معرف، حيث تاه ما بين مناطق (أ) و(ب) و(ج). وكان المفاوض الفلسطيني قد أفهمنا أنه علينا تبادل أراضي مع "الجار الاسرائيلي"، وأصبحنا غير متأكدين من مساحة وطبيعة تلك الأراضي التي لن تصبح جزءا من "إيرتس يسرائيل"!!
لا.. ولكن
وحتى لا نطيل الشرح، نرى أن الـ"لا" الجديدة التي يسهدها أبو مازن هي من نوع الـ"لا" التي سبق وأشهرها ياسر عرفات في كامب ديفد الثانية في تموز/ يوليو 2000، نراها "لا" صغيرة (رغم أنها كلفت ياسر عرفات حياته السياسية والبيولوجية) وقد صغرت مع كل ما صغر، وأصغرت من شأن القضية الفلسطينية، رغم الحمية والحمى الخطابية والميكروفونية، والتي تأخذ صيغة التحدي والتهكم، وحتى التطاول اللساني على مقام الرئيس الأمريكي وإدارته... ونرى هذه الـ"لا" (على أهميتها) صغيرة للأسباب التالية:
1- أن "لا" أبو مازن، ومن قبله ياسر عرفات، لم يكن المقصود منها الانسحاب من مسار سكة الـ 1974، ومنه سحب الاعتراف الفلسطيني التاريخي الذي صكه عرفات باسم الفلسطينيين يوم 9 أيلول/ سبتمبر 1993، والعودة بالتالي إلى تلك الـ"لا" الكبيرة التي بموجبها يعود الفلسطينيون أصحاب الأرض والحق الشرعي فيها؛ إلى اعتبار الصهيونية والكيان الذي بنته كعدو استعماري عنصري قام باغتصاب وسرقة وطنهم، ينبغي محاربته بشتى الطرق والوسائل.. لا أبدا، إن أبا مازن لا يمل من تكرار أنه لا يسعى إلى نزع شرعية "إسرائيل" ولا حتى مقاطعتها، وهو يؤكد مرارا وتكرارا ذلك الاعتراف التاريخي ولا يسعى لإلغائه أو سحبه، وفي هذا المجال فإن الـ"لا" التي تشهرها منظمة "BDS" (التي غدت تحرج الكيان الصهيوني في كل مكان) هي أعلى قيمة سياسية وقانونية وتصارعية من تلك الـ"لا" التي يصدرها أبو مازن، ونجد دوائر الاحتلال تحسب حسابها أضعاف مضاعفة ما تحسبه لأبي مازن وسلطته.
2- إن هذه الـ"لا" تساومية، ولا تتمتع بالصلابة المتوقعة من طرف يدّعي إشهارها والإصرار عليها. نتذكر هنا تلك العريضة التي رفعها قادة وكوادر من حركة فتح إلى ياسر عرفات في ربيع 2002، عندما اجتاح الاحتلال مدن الضفة الغربية (مناطق "أ") وطالبوه فيها بسحب اعترافه بإسرائيل وإنهاء اتفاق أوسلو، لكنه لم يفعل. أما أبو مازن، فهناك قرارات من مجالسه الوطنية والمركزية.. طالبته وطالبت سلطته بقطع التنسيق الأمني، وباعتبار أوسلو خطأ وأنه أصبح بحكم المنتهي، وحتى بتعبير أبو مازن نفسه "سلطة بلا سلطة واحتلال بلا كلفة"، لكنه يرفض وبصلافة، ويحرج أنصاره ومشايعيه عندما يصر على تقديس العلاقة الأمنية بالاحتلال، وعلى حربه الشعواء على كل مظاهر مقاومة الاحتلال.
3- إن أبا مازن الذي يدعي أنه قطع خطوطه مع الإدارة الأمريكية، وأنه يشترط على ترامب شروطا لقبوله وقبول إداراته كوسيط في عملية السلام؛ نجد هذا الادعاء يتهاوى عندما نعلم أن هناك مبعوثين من طرفه يمثلونه ويتبادلون الرأي والنقاش مع مستشاري ترامب اليهود (كوشنر، غرينبلات، فريدمان..). حدث ذلك قبل شهور عندما زار ماجد فرج (رئيس جهاز المخابرات المركزية) وحسين الشيخ (وزير الشؤون المدنية وعضو لجنة فتح المركزية) واشنطن للحوار والتفاوض، كما نشرت أكثر من وكالة أنباء وجود اجتماعات بين مستشاري ترامب والباحثين الفلسطينيين حسين جعفر آغا وأحمد سامح الخالدي (المقيمان في لندن، ويمثلان أبو مازن، ولها مشاركات وقراءات عديدة منشورة في صياغة استراتيجيات فلسطينية في مرحلة ما بعد أوسلو)، فضلا عن أن التعاون والتنسيق الأمني مع الأمريكان، كما هو مع الصهاينة، لم يتوقف طيلة الوقت، ويعلن أبو مازن ويجاهر به في كل مناسبة ولا يخجل منه. ثم إن أبا مازن تركه الباب مواربا عندما غير موقفه الأولي برفض أي وساطة تقوم بها الولايات المتحدة؛ إلى قبوله بأن تكون أمريكا أحد الوسطاء، وليس الوسيط الوحيد.
4- يقوم أبو مازن بتصعيد خطاب "الدعاية السوداء" التي تفتقد إلى المنطق والعقلانية وأبجديات العمل الوطني السليم، وفي نوع من المزايدة المبالغ فيها، برمي خصمه اللدود حركة حماس بشتى المعايب واتهامها بالتآمر والتواطؤ في دخولها في ترتيبات صفقة القرن، مع أن هذه الحركة تعلن "اللا" الفلسطينية والعربية والإسلامية الكبيرة، ودفعت نتيجة موقفها المبدئي جزءا كبيرا من الصف الأول من قياداتها، وخاضت ثلاث حروب مشهورة، كان عنوان العدوان فيها هو استلال موافقة حماس على شروط الرباعية (أي ما يجعلها تتساوى مع حركة فتح وجماعة التسوية). ومع ذلك، هذه الحركة عند مواقفها، بل ابتدعت أشكالا جديدة من المقاومة، خاصة تلك التي كان يتمناها أبو مازن عليها (المقاومة السلمية)، وها هي مسيرا ت العودة تمثل عمليا أهم مظهر من مظاهر مواجهة صفقة القرن، وقد شهد يوم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الصدام الأعنف، وكان التعبير الأوضح في رفع صوت الفلسطينيين عاليا في مواجهة صفقة القرن، فضلا عن ذلك يصرح ممثلو هذه الحركة (حماس) ليل نهار أنهم يأخذون على عاتقهم مهمة إسقاط صفقة القرن، وأنها لن تمر حتى لو كلف ذلك حروبا، مع ذلك نجد أبو مازن يشكك بكل هذه المواقف ويطعن في صدقيتها.
تناقضات
والسؤال: ما مصلحته في ذلك غير مسألة المزايدة "الكبيرة"؟ ما مصلحة رئيس يدعي أنه يشهر "لا" في وجه أمريكا، وفي وصم حركة فلسطينية كبيرة كحماس؛ يقول خطابها وممارساتها بكل صورهما أنها ضد صفقة القرن؟ هل يريد أبو مازن حقا ويرغب أن تكون هناك حركة فلسطينية كبيرة كحماس مع صفقة القرن؟ ما مصلحته في ذلك؟ ولماذا يصر على تكذيبها، وهو الغارق لأذنيه في علاقات تاريخية مشبوهة مع الأمريكان ومع الصهاينة ومع غيرهم؟!
5- ألفنا في الممارسة السياسية الفلسطينية المواقف المزدوجة التي تجيز أساليب اللغة العربية نحتها كتعبيرات" "لعم – نعم/لا" أو "متشائل – متشائم/متفائل" ومثلها يمكن ابتداع: "صاذب- صادق/كاذب" أو "شجبان- شجاع/ جبان". فمثلا، وجدنا ياسر عرفات بعد توقيعه اتفاق أوسلو بأيام، وفي زيارته لدولة جنوب افريقيا، يدعو في أحد مساجدها إلى تحرير القدس، ووجدنا "تفهما" صهيونيا ورد في أكثر من كتاب مذكرات كتبها المفاوضون الصهاينة. والمفارقة هنا أن "لا" أبو مازن الصريحة والجريئة "مايكروفونيا" تتزامن مع عقده جلسات منتظمة مع رئيس جهاز الأمن الصهيوني؛ الذي أعلن أنه يلتقي معه بنسبة 99 في المئة، وهذا ما يجعل السؤال محيرا عن قيمة تلك الـ"لا"؟
6- لم يعد أحد يناقش منذ سنوات في حقيقة فشل اتفاق أوسلو، وربما كان أولهم أبو مازن وحاشيته ومجالسه على أنواعها، والذي صرح مرارا أنه لن يشهد في حدود عمره قيام دولة فلسطينية، وأنه لا يمكن صنع سلام مع اليمين الحاكم في "إسرائيل".. إذا كان الأمر كذلك، فالسؤال المحير: لماذا الاستمرار في هذه الشرنقة الصغيرة وأن يعلق فيها والإصرار على عدم مغادرتها؟ لماذا لا تتسع الـ"لا" الصغيرة وتنفض الغبار عن مسار سكة الـ1974، وتتم العودة إلى الـ"لا" الكبيرة؟!
7- لا تغرننا تصريحات ومواقف وزراء ومواقف وزراء وحكومة "دولة الكيان الصهيوني". فلا يعني رفض اليمين الصهيوني لشخص، حتى بمواصفات أبو مازن المريحة له، أن مواقفه (أبو مازن) أصبحت وطنية. ذات يوم أقام الاحتلال انتخابات بلديات عام 1976، وفازت يومها شخصيات حسبت على خط منظمة التحرير، وسعت حكومة بيغن اليمينية إلى استمالة رؤساء البلديات على أن يصنعوا منهم قيادة محلية تقوم بتمرير مخططاتهم وسياساتهم، وعندما لم يقم رؤساء البلديات بمطاوعة حكومة اليمين آنذاك، حاولت تلك الحكومة تفخيخ سيارات البعض أو نفي البعض الآخر، ثم تم حل تلك البلديات وتعيين ضباط إسرائيليين لإدارة شؤون تلك البلديات. ومع أن بعض رؤساء البلديات آنذاك كانوا "متعاونين" مع الحكم العسكري الصهيوني. فأحد الذين تم نفيهم مثلا، كان يدرّس اللغة العربية للحاكم العسكري في الضفة الغربية في "بيت إيل". فهل رفض اليمين الصهيوني، حتى للمتعاونين معه، يُكسب هؤلاء الآخرين شرعية وطنية لمجرد ذلك؟ وأبو مازن هذا الذي لا يمل اعلان نفسه كمتعاون ونموذجي مع البرامج الأمنية للاحتلال، هل يمكن أن تغطي على ذلك التعاون تلك الـ"لا" الصغيرة التي يشهرها. وأبو مازن رغم تعاونه أصبح إلى تلك الدرجة، غير مؤات لتوجهات وبرامج اليمين الصهيوني، فلا تغرننا تلك الدعاية المغشوشة التي تستدعي شرعية وطنية؛ لمجرد أن أجندة اليمين الصهيوني وأولياته غدت تخرجه من حساباتها، أو ربما تعتبره عائقا أمام ابتلاع بقية الضفة الغربية.
8- عندما اعتنق برنامج النقاط العشر انشقت الساحة الفلسطينية إلى معسكرين: معسكر الرفض (نعتوا بالرفضويين) وجماعة القبول (أنصار التسوية). ولطالما جادلت فتح طويلا مخالفيها الرفضويين، وعابت عليهم معارضتهم السلبية، وكانت دائما تلاحقهم وتلح في طرح سؤال: ما البديل؟ والمفارقة أن أبا مازن على وجه التحديد كان أهم المنافحين عن خط التسوية، وعمل على دحض، بل و"تسخيف" حجج الرفضويين، وها هو اليوم يلبس اللبوس الرفضوي، ولكن من دون أن يتزحزح عن أرضية التسوية، فهو لا يزال مصرا على أننا كعرب وفلسطينيين أقل شانا من مقاتلة "إسرائيل"، وهو يبشر بحماس غريب بالمبادرة العربية للسلام التي جرّت حالات من التطبيع والتعايش الذي يتخطى حل القضية الفلسطينية. والمشكلة أن "رفضوية" أبي مازن المدّعاة تخلو من تقديم أي بديل، رغم إعلانات الفشل الأوسلوية منه ومن مؤسساته على مدى سنين، فهو لا يزال متمسكا وبشكل متعنت واعتباطي بأحادية الخيارات، وهذا يزيد لاءه صغرا على صغر.
9- رغم كل ذلك، هل هناك قيمة للـ"لا" الصغيرة التي أشهرها أبو مازن؟ بالتأكيد هناك قيمة، وهي عدم الوصول إلى التنازل المطلق، من هنا جاء تكراره لمقولة "لن أنهي حياتي بخيانة". وكان أشار في مناسبات عدة إلى ضغوط يتعرض لها، ويبدو أنه طلب منه تقديم التنازلات بصورة مطلقة ودون أن يناقش أو يختار. صحيح أن أبا عمار وأبا مازن قدما تنازلات فادحة وكارثية ومهولة تستحق المحاسبة والمراجعة تاريخيا ووطنيا وسياسيا وأخلاقيا، وثبت أن شعبنا العنفواني كان مؤدبا جدا معهما!! ولكن هناك فرق بين التنازل حتى لو بلغ 80 أو 90 في المئة وبين التنازل المطلق. نقول ذلك لأن هناك مع الأسف من يبدي استعدادا للتنازل المطلق، فقد نقل عن قائد فتحاوي يشار إليه بالبنان في السجون الصهيونية قوله: "إن عرفات جبان، وأبو مازن جبان أيضا، أما أنا فشجاع ولدي القدرة على التوقيع!!"
وفي ظل هذه الاستعدادات، ستصبح "لا" أبي مازن الصغيرة علامة فارقة مقارنة بمن حوله من قيادات مهزومة ومعطوبة ومختوم على وعيها.