هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استعبد محللون ومختصون بالشأن الفلسطيني نجاح رئيس السلطة محمود عباس في تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد قراره تأجيل الانتخابات العامة، مؤكدين أن مثل هذه الدعوة غير جدية ومصيرها الفشل، لأنها جاءت للتغطية على "ذبح الديمقراطية الفلسطينية".
ومساء أمس الخميس، قرر عباس تأجيل إجراء الانتخابات، منوها إلى أنه سيتم العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالقرارات الدولية، إلى جانب تعزيز منظمة التحرير.
دعوة غير جدية
وعن رؤيته لواقعية حديث رئيس السلطة عباس، عن التوجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد قراره تأجيل الانتخابات، أكد الباحث السياسي البارز ورئيس مركز "مسارات" لأبحاث السياسات في رام الله، هاني المصري، أن "هذه دعوة غير جدية، وتأتي من أجل التغطية على ذبح الديمقراطية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "المعني بهذه الحكومة، كان من المفترض أن يجري حوارا وطنيا واسعا، وليس حسب الصيغة السابقة، وكان من الممكن توسيع الحوار ليضم الكتل التي خاضت الانتخابات وأخذت شخصية قانونية سياسية بعد إقرارها من لجنة الانتخابات، من أجل البحث فيما يجب عمله، ومن ضمن ذلك؛ إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية".
وقال المصري: "من يريد تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يأخذ قرارا بتأجيل الانتخابات بدون مشاركة الآخرين، وهذا قرار خطير جدا، وكان من الممكن أن يطرح كيفية مناقشة موضوع الانتخابات في القدس، وفي حال عدم التوافق، يمكن وقتها أن نبحث عن صيغ للتأجيل".
اقرأ أيضا: "عربي21" تقرأ تداعيات تأجيل الانتخابات الفلسطينية
وأكد أن "النية واضحة، هناك استفراد في القرار وتغول في السلطة".
وعن قبول الفصائل بالمشاركة في هذه الحكومة، قال: "نحن في النهاية ليس لنا إلا بعض، ولكن هذا القرار ستكون له تداعيات سيئة، نأمل أن نحاصرها وأن لا تصل إلى مدياتها الكبرى".
وذكر الباحث، أن "إسرائيل هي من تمنع الانتخابات في القدس، وهي التي يجب أن تعاقب لا أن نعاقب أنفسنا، وكان بالإمكان أن يتخذ قرارا يتعلق بالموقف الإسرائيلي من القدس من مثل؛ وقف الالتزامات والاتفاقيات، لأن إسرائيل غير ملتزمة بها".
وعن الواقع خلال الأيام القادمة، أكد المصري، أنها "ستكون صعبة، ونأمل أن نحاصر التداعيات، نحن لا نريد أن ننسى أن هناك احتلال ضدنا جميعا"، مستبعدا مشاركة حركة "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" أو حتى الجبهة الشعبية في مثل هذه الحكومة بـ"هذه الصيغة".
خيار فاشل
وعن تقديره لمصير توجه عباس لتشكيل حكومة وحدة، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أن هذا توجه "فاشل وغير عملي".
واستبعد في حديثه لـ"عربي21"، "التوصل إلى اتفاق حول حكومة وحدة لسببين؛ أولا؛ لأن فكرة حكومة وحدة جاءت بعد إلغاء الانتخابات وعدم توفر الثقة بين فتح وحماس، ثانيا؛ حكومة تقبل بقرارات الشرعية الدولية وشروط الرباعية؛ الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والاتفاقيات السابقة، حماس من الصعب أن تقبل بها".
ورأى أبو سعدة، أن "ذهاب عباس نحو حكومة وحدة وطنية يعتمد على موافقة حماس، وما هو الثمن الذي يمكن أن يدفعه عباس وتقبل به حماس؟"، لافتا أن "حماس والفصائل والمستقلين، يرفضون تأجيل الانتخابات، لأنهم يدركون أن التأجيل بسبب القدس، فكرة لا تنطلي على أحد، وهي خطوة لها علاقة بحسابات شخصية عند أبو مازن وخاصة عند حركة فتح".
وذكر أنه مطلوب من تلك الحكومة التي من الصعب الاتفاق حولها، "دمج الموظفين، السيطرة الأمنية على غزة، ومعالجة كافة القضايا التي تم تأجيلها لما بعد إجراء الانتخابات".
من جهته رأى الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، أنه "يمكن تحقيق الوحدة الفلسطينية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية بدلا من الانتخابات، علما بأن هذه الحكومة بحاجة إلى موافقة دولية".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أنه "بدون موافقة وضوء أخضر دولي وإقليمي لهذه الحكومة، لن تكون، ولن يكتب لها النجاح، لأنها تعيد إنتاج الحكومة العاشرة".
وأعتبر أبو كريم، أن "فرص نجاح تشكيل مثل هذه الحكومة ضعيفة جدا، لأن الفصائل بعد قرار تأجيل الانتخابات، شعرت بأن طرح فكرة تشكيل مثل هذه الحكومة، جاء فقط لإرضاء الشارع الفلسطيني وامتصاص الغضب السياسي".
ونبه إلى أن مثل هذه الحكومة "تتطلب مشاركة حماس والعديد من فصائل العمل الوطني، وهذا يتطلب التزامها بالاتفاقيات الموقعة وشروط الرباعية، وهو ما ترفضه حماس، وتسبب سابقا بحصار حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد أحداث 2007".
اقرأ أيضا: عباس يقرر تأجيل الانتخابات الفلسطينية ويتحدث عن حكومة وحدة
من جانبه، أكد المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن "فكرة إجراء الانتخابات سقطت"، منوها إلى أن "كل التجارب السابقة؛ من فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية في 2014 فشلت، واتفاق المصالحة في 2017 فشل أيضا، إضافة إلى الاتفاق الأخير بين الفصائل حول إجراء الانتخابات".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية، لا فرصة أمامها للنجاح، خاصة أن الرئيس عباس أقدم على الخطوة دون العودة إلى الشركاء في الاتفاق في قرار تأجيل الانتخابات، وسينظر إليها من قبل الفصائل وخاصة حماس، على أنها ترضية وتهدئة للخواطر، ومن ثم سيقوم عباس بالانقلاب عليها وحلها مجددا، وهذا ما يدور في ذهن كل من مر بالتجارب السابقة".
ورأى أبو عامر، أن "قرار تشكيل حكومة وحدة بعد قرار تأجيل الانتخابات لا معنى له، خاصة بعد تفاقم الشكوك بين الفصائل الرافضة للتأجيل من جهة وبين عباس وحركة فتح في الجهة الأخرى"، مضيفا: "لو كان هناك تشكيل لحكومة وحدة قبل التوجه للانتخابات، لكانت فكرة مقبولة ومجدية".