هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز"
تقريرا أعده سايمون كير من مدينة رام الله أشار فيه إلى الطريقة التي قام فيها
الشباب الفلسطيني بإدارة حرب على منصات التواصل الاجتماعي لتوثيق الكفاح ضد الاحتلال
الإسرائيلي.
وقال إن مقاومة الاحتلال برزت في سياق حركة
العدالة الدولية بما فيها حركة "حياة السود مهمة"، ففي الوقت الذي راقب
فيه مهند، 30 عاما، لقطات الفيديو عن المستوطنين اليهود وهم يهاجمون
الفلسطينيين علم أن عليه الانضمام لحركة الاحتجاج التي غمرت الضفة الغربية.
ومتسلحا بغضبه وإدراكه بقوة منصات التواصل الاجتماعي،
حمل هاتفه وانضم للمتظاهرين في قرية كفر عين، حيث صور المواجهات مع الجنود
الإسرائيليين ووضعها على تيك توك. وقال: "لو لم تخرج وتتحدى تحرش المستوطن والاضطهاد
فإن العنف سيأتي إليك وستهاجم على أي حال". وأضاف: "كل واحد كان ينشر ما
يحدث" مضيفا أن هواتفهم هي "الأداة الوحيدة التي نملك وهي خيارنا
الأخير".
وكان مهند من بين آلاف الشباب الفلسطيني الذين خرجوا في تظاهرات بالضفة الغربية في الأسبوعين الماضيين مما فتح جبهة جديدة على
الدولة التي كانت تخوض حربا في غزة. ويعتبر العنف الأسوأ في الضفة الغربية منذ
سنوات، دفع بجيل جديد من الفلسطينيين العارف بكيفية استخدام التكنولوجيا الجديدة
إلى المقدمة. فقد ولد هذا الجيل في ظل الاحتلال الإسرائيلي وشعر بالغضب على
المعاملة التي تلقاها على يد قوات الأمن والمستوطنين اليهود بالإضافة لخيبة أمل من
القيادة الفلسطينية، ومن هنا كان انفجار غضبهم واسعا.
وأشعل الشبان النار بعجلات السيارات وحولوا
حاويات النفايات إلى حواجز مؤقتة، لرمي الحجارة على الجنود الذين ردوا بالغاز
المسيل للدموع والقنابل المطاطية وأحيانا الرصاص الحي. وقوضت الاحتجاجات كل
المفاهيم عن استمرارية الاحتلال واستمرار الوضع الراهن ونهاية العملية السلمية
وإخضاع الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وقالت الأمم المتحدة إن إسرائيل قتلت على مدار
الأسبوعين الماضيين 30 فلسطينيا في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وجرح حوالي
700 بسبب الرصاص الحي وإصابة أكثر من 6.000 شخص. وتقول إسرائيل إن قوات الأمن
تعرضت لإطلاق النار والهجوم من الفلسطينيين وأُطلِق النار على جنديين أصيبا برجليهما
وهو الأول من نوعه الذي يتم رصده في الضفة الغربية منذ سنين.
وأدى القصف على غزة إلى مقتل 240 شخصا
نصفهم من الأطفال والنساء، وظلت القيادة الفلسطينية في رام الله صامتة طوال
العملية الإسرائيلية في غزة. وقال السياسي الفلسطيني البارز مصطفى البرغوثي إن
قرار رئيس السلطة الوطنية محمود عباس إلغاء الانتخابات المقررة هذا الشهر وإن حركة
الشباب غير المتجانسة التي ظهرت هذا الشهر ستستمر رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي
أعلن عنه الأسبوع الماضي وأنهى الحرب بين إسرائيل وحماس. وقال البرغوثي: "اليوم، استيقظ الوعي الفلسطيني. وهو يرفض نفس المفاوضات التي لا تنتهي حيث تم
استبدال عملية السلام بالسلام نفسه وأصبحت المفاوضات بديلا عن الحلول".
و"خرج الشباب إلى الشوارع وهم يحققون القيادة على المستوى الشعبي".
اقرأ أيضا: التضييق يتواصل بالشيخ جراح.. وتهديدات إخلاء بسلوان (فيديو)
ويقول كير إن مستوى وسعة الاحتجاجات في
الضفة الغربية المحتلة منذ 1967 فاجأت المؤسسة الإسرائيلية. وظلت الضفة هادئة عام
2018 عندما نقل دونالد ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة واعترف بسيادة
إسرائيل عليها رغم الوضع القانوني الدولي الذي لا يعترف بهذا. كما وظلت ساكنة بعد
اعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وصمتت الضفة الغربية
عندما قتلت إسرائيل أعدادا من المحتجين في غزة قبل 3 أعوام. وإذا كان رد الضفة
الغربية شبابيا فإن الجمرة التي أشعلت احتجاجات هذا الشهر قديمة، وهي خطط الطرد
الإسرائيلية لسكان الشيخ جراح في القدس المحتلة، بالإضافة إلى القيود التي فرضت
على المصلين لدخول الحرم القدسي في شهر رمضان.
وفاقم غضب المحتجين الذي صور على
الهواء مباشرة انتشارها على إنستغرام تيك توك، حيث سارع الفلسطينيون من كل الطبقات
والمستويات إلى دعم سكان الشيخ جراح. وسافرت الصور ولقطات الفيديو أبعد من المناطق
المحتلة. وانضم للمحتجين في الضفة والقدس العرب في إسرائيل، وشاركوا جميعا في
إضراب عام في مظهر من مظاهر الوحدة النادرة.
وتقول مريم البرغوثي، الكاتبة والباحثة
إن المقاومة الفلسطينية ظهرت في سياق الحركة العالمية المطالبة بالعدالة بما فيها
حركة حياة السود مهمة والحركات المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ. وقالت: "صوتنا ردد صدى الكفاح الآخر" و"لا تستطيع إسرائيل البقاء بنفسها
ولكن عبر النظام العنصري والدعم الأمريكي".
وقال أستاذ الإعلام الرقمي بجامعة
بيرزيت محمد أبو الرب إن إعلام التواصل الاجتماعي أثبت أنه مهم في دفع القضية أمام
الجمهور العالمي و"لم نر هذا التضامن الدولي مع غزة من قبل". وقال بشار
مراد، 28 عاما من حي الشيخ جراح "لأول مرة شعر الفلسطينيون أن لديهم سلاحا وهو
هواتفهم". وبالتأكيد كانت منصات التواصل الاجتماعي فعالة لدرجة أن عددا من
الفلسطينيين اشتكوا من محاولات شركات التكنولوجيا الكبرى إسكاتهم.
واشتكى المستخدمون من القيود على حساباتهم أو
أغلقت لأنها خرقت "إرشادات المجتمع"، لمجرد أنهم استخدموا عبارات
"مقاومة"، "استعمار" "شهادة" و"فصل
عنصري"، وحاول البعض أن يخطئ بتهجئة الكلمات أو وضع صور قطط للتحايل على
المنع. عقد نيك كليغ، نائب رئيس فيسبوك للشؤون الدولية لقاءات مع المسؤولين
الفلسطينيين بشأن خطاب الكراهية والتضليل. وقالت المنصة الاجتماعية إنها مصممة لكي
"تمنح كل شخص صوتا ومنحهم الأمان على تطبيقنا".
وكشفت حركة الشباب عن الكثير من المفاهيم
الخاطئة التي حاولت خطة سلام دونالد ترامب ترسيخها وهي تحسين الحياة الاقتصادية
والتنمية. وتم انتقاد الخطة بسبب ميولها الكبير لإسرائيل وتهميش الفلسطينيين. وقال
مصطفى برغوثي: "هؤلاء الناس وطنيون أكثر من آبائهم وأمهاتهم لتعرضهم للاضطهاد
والمعاملة السيئة".