هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور أحمد الريسوني، أن علاقة المغرب الرسمي مع العدو الصهيوني الآن تنغمس تماما في العشق الحرام، وتفتح له كافة الأبواب: اتفاقيات شاملة، وزيارات متلاحقة، وغزوات صهيونية لا تبقي ولا تذر..
ورأى الريسوني في تدوينة نشرها اليوم في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن علاقة المغرب الرسمي مع الكيان الصهيوني لم تعد ـ كما قيل لنا قبل سنة ـ مجرد اعتراف بدولة الاغتصاب، مقابل اعتراف الرئاسة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه.. ولم تعد ـ كما قيل أيضا ـ مجرد استئناف للعلاقات الدبلوماسية".
وأضاف: "دائما في مثل هذه الحالات فإن القوي يفترس الضعيف، ويجعله في قبضته وفي خدمته، مقابل كسب موهوم وفتات مسموم.. وفي مثل هذه الحالة أيضا يكتشف الناس لاحقا أن ما خفي أعظمُ وأسوأ مما يظهر الآن".
وتساءل الريسوني عن السبب الذي دفع المغرب إلى التطبيع المغربي مع الاحتلال، وقال: "هل كان المغرب في حالة اختناق وجفاف تضربه على جميع الأصعدة (في التعليم والأمن والجيش والتسلح والمخابرات والاقتصاد والسياحة والسياسة الخارجية…)، وتضطره إلى سلوك هذا المسار الذليل الخطير، تحت الرعاية والوصاية الصهيونية المباشرة؟ هل كان المغرب على حافة الإفلاس؟ هل كان بحاجة إلى من يسعفه وينقذه من السكتة القلبية، ولم يجد غير النجدة الصهيونية، وعلى حساب القدس وفلسطين؟".
وأجاب قائلا: "من الناحية العسكرية: المغرب مسيطر سيطرة تامة على صحرائه منذ ستة وأربعين عاما. وعاما بعد عام يزداد رسوخه وتحكمه في الوضع. ولا تمر سنة أو بضعة أشهر إلا والانفصاليون يلوحون ويهددون بالعودة إلى الحرب، ثم لا يستطيعون شيئا فيلوذون بالصمت.. ونحن نسمع ونردد من عشرات السنين: المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها".
وأضاف: "كذلك أصبحت المخابرات المغربية رائدة وضاربة.. وأصبحت ـ كما يقال ـ هي التي تقدم المساعدات والخدمات الاستباقية للأوروبيين وغيرهم.. وأما التسلح فكل دول العالم تعرض لنا ولغيرنا منتجاتها المتطورة ليل نهار.. فالمغرب لا يعاني من حظر التسلح عليه، ولا من نقص في أصدقائه وحلفائه".
وتابع: "العدو الصهيوني لن يضيف للمغرب، سوى الاختراق والتوريط والخبال وشراء الذمم وصناعة العملاء".
على صعيد آخر انتقد الريسوني طريقة التعامل الرسمية مع ملف الصحراء، واعتبر أن إنكار ملف الصحراء وتدبيره في الخفاء والظلام وعدم إشراك الشعب المغربي بأي شكل من الأشكال في المعركة خطأ استراتيجي.
وقال: "نعم كان الاستثناء الوحيد، وهو النجاح الأكبر في هذا الملف، هو إنجاز المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء. لقد دُعي الشعب فأجاب عن بكرة أبيه، وتمت المسيرة الخضراء، ملكيةً شعبية مظفرة.. وبذلك اضطرت إسبانيا للانسحاب فورا، وتركت الصحراء لأهلها".
وأضاف: "لكن بعد ذلك دخل تدبير الملف في السرية البعيدة عن الشعب ومشاركته، ودخل تدبير القضية في نهج احتكاري لا نرى إلا نتائجه البئيسة وكلفته الباهظة".
وذكر الريسوني أن وزير الأوقاف المغربي السابق الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري، رحمه الله، قام في تسعينيات القرن الماضي بمحاولة جريئة لحشد مشاركة شعبية فعالة لخدمة قضية الوحدة المغربية، وتعزيز التلاحم الديني والاجتماعي بين شمالها وجنوبها. فاتصل بأهم الجمعيات الإسلامية بمختلف أنحاء المغرب، وطلب منها ترشيح أسماء لعدد من خيرة العلماء والدعاة والخطباء والوعاظ، لإرسال أفواجهم تباعا إلى الصحراء، تحت إشراف وزارته.. ولقي طلب الوزير استجابة حماسية، فورية تامة. وبدأ الدعاة يستعدون للذهاب.. وفجأة توقف المشروع وأُلغي".
وأضاف: "كان التفسير الراجح يومئذ لهذا التوقيف، هو اعتراض (فيتو) وزير الداخلية إدريس البصري ـ عفا الله عنه ـ الذي ظل يمسك وينفرد بملف الصحراء أمدا طويلا، بعيدا عن أي مشاركة شعبية، بل بعيدا عن أي معرفة شعبية بما يجري".
وأشار إلى أن النهج السري في التعامل مع ملف الصحراء ما زال هو المسيطر إلى اليوم، وقال: "اليوم، وبدل الإقلاع عن هذه السياسة الظلامية اللاشعبية في تدبير معركتنا الكبرى، وبدل العودة بها إلى المشاورات الموسعة، وإلى المشاركات والمسيرات الشعبية، إذا بنا نُفاجأ بسياسة جديدة غريبة، هي أشد توغلا وإمعانا في إبعاد الإرادة الشعبية والمشاركة الشعبية، سياسة مضادة وصادمة ومستفزة للشعب وعقيدته وقيمه ومبادئه ومكانته التاريخية؛ إنها سياسة الاستنجاد بدولة العدو، دولة الاحتلال والعدوان والإجرام.. وداوني بالتي كانت هي الداء".
وأضاف: "يا حسرة على العباد، وعلى مغرب الأمجاد؛ لقد أصبح يتقزم ويقتفي أثر البحرين والإمارات وبرهان السودان!!"، على حد تعبيره.
إقرأ أيضا: تدريبات عسكرية "إسرائيلية" مغربية بمشاركة أمريكية