حققت سلسلة
مدارس دار الوحي الشريف في الشمال السوري المحرر، تحت إدارة حكومة الإنقاذ، نجاحاً ملحوظاً ولافتاً خلال الفترة الماضية، بعد أن حرص الأهالي وتحديداً قادة الفصائل المختلفة على الدفع بأبنائهم إلى هذه المدارس لتميزها في
تعليم الأطفال، فدمجت بين علمي الدين والدنيا، مما وفّر على الطالب التوجه إلى التعلم بالمساجد بعد نهاية الدوام في المدرسة، فيتخرج الطالب في الصف الخامس وقد أتم حفظ القرآن الكريم، وتلقى جرعة إسلامية معتدلة قوية.
الفكرة مستوحاة من غزة في فلسطين، حيث نقلها أبو الزبير الفلسطيني بعد انتقاله للشام. وتقف على إدارة المدارس نخب فكرية ودينية معروفة، من أبرزهم أبو جابر الشيخ، قائد أحرار الشام سابقاً. وبلغ عدد مدارس الوحي الشريف في الشمال المحرر حتى الآن 42 مدرسة، وتحتضن 13500 طالب وطالبة، وكان آخر المدارس المفتتحة في تفتناز، حيث افتتحها رئيس وزراء حكومة الإنقاذ المهندس علي كده، ومعه وزراء ووجهاء من البلدة. وقد تلقى أهالي البلدة هذا الصرح الجديد بالسعادة والسرور، إذ سيدفع بالعملية التعليمية إلى الأمام، وسيعزز مكانة العلم لا سيما الشرعي منه في الشمال المحرر، ويوحده بعيداً عن فوضوية العلم الشرعي.
تلقى أهالي البلدة هذا الصرح الجديد بالسعادة والسرور، إذ سيدفع بالعملية التعليمية إلى الأمام، وسيعزز مكانة العلم لا سيما الشرعي منه في الشمال المحرر، ويوحده بعيداً عن فوضوية العلم الشرعي
تقف على دعم هذه المدارس ميزانية باب الهوى، وهو المعبر الرئيسي للشمال المحرر مع تركيا، حيث يساهم في دفع رواتب المعلمين والمعلمات والموظفين، بالإضافة إلى ترميم المدارس التي دمرها مغول العصر. كما يساهم أهل الخير من التجار والموسرين بدعم هذه المدارس لقناعتهم بأنها تمثل روح المحرر، وروح ثورته، وتشكل صمام أمان للثورة ولروحها حاضراً ومستقبلاً، بينما يساهم الطالب أو الطالبة بمبلغ رمزي يبلغ 50 ليرة تركية، لإبداء الجدية من قبله في الانتساب لهذه المدارس.
في الفترة الأخيرة لوحظت حملة معادية لهذه المدارس من قبل البعض، بحجة أن ثمة خصخصة وأدلجة للتعليم في الشمال السوري المحرر، لكن من السُخف الحديث عن خصخصة ونحن نتحدث عن 50 ليرة تركية للطالب الواحد في الفصل الواحد، ومن السخف أكثر أن نتحدث عن الأدلجة، والبلاد خرجت من أدلجة البعث للمدارس والتعليم، بدايتها بالطلائع للصف الابتدائي إلى الشبيبة وما بعدها. ومن العجب ألاّ يُنظر إلى المدارس الدينية المؤدلجة في تركيا والتي لم تقض عليها حتى العلمانية المتوحشة أيام أتاتورك وما بعده، ولا ينظر كذلك إلى المدارس الدينية في باكستان وأفغانستان والهند، في ظل هجمة متوحشة في الهند. وحتى أن المدارس الدينية ليست حكراً على مناطق وبلاد المسلمين، فالكل يعلم عن المدارس الدينية المنتشرة في الغرب، ونسمع عنها القصص الرهيبة من قتل واغتصاب ممنهج على مدى عقود كما رأينا وقرأنا أخيراً في كندا، ووثق ذلك وثائقي خطير في قناة البي بي سي المعروفة، بالإضافة إلى مدارس دينية مؤدلجة لدى اليهود والهندوس والبوذيين ولدى كل ملل الأرض، ليخرج علينا من أبناء جلدتنا من يتباكون على التعليم المؤدلج في الشمال السوري المحرر.
ليس هناك حضارة ولا أمة من الأمم لا تحمل هوية دينية مؤدلجة، ونحن نتابع أخيراً ما يقوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سجالاته مع الغرب بشأن أوكرانيا حين يحدثهم عن شهادة جنوده، أما هم حسب قوله فلن يكون لديهم وقت للتوبة عن ذنوبهم. فهل هناك دولة اليوم لا ترتكن لخلفية دينية؟
ليس هناك حضارة ولا أمة من الأمم لا تحمل هوية دينية مؤدلجة، ونحن نتابع أخيراً ما يقوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سجالاته مع الغرب بشأن أوكرانيا حين يحدثهم عن شهادة جنوده، أما هم حسب قوله فلن يكون لديهم وقت للتوبة عن ذنوبهم. فهل هناك دولة اليوم لا ترتكن لخلفية دينية؟ ألم نقرأ عن تسمية الهند لقنبلتها النووية "ابتسم بوذا"؟ وألم نقرأ كتابة عبارات دينية محضة على صواريخ قصف بها بوش العراق، وكذلك على صواريخ قصف بها بوتين أهل الشام؟
تشعر بالشفقة على انسياق البعض من أبناء المسلمين خلف دعايات البعض الخطيرة في وصم المحرر بالأدلجة، ونحوه، وكأنه يعطي الروس وغيرهم ذخيرة لقنابلهم، وصواريخهم لدك المحرر ودك مدارسه بحجة أنها محاضن للأدلجة، أما توحشهم وقصفهم وبلطجيتهم، ومدارسهم التي خرّجت كل هذا الإرهاب العالمي المتوحش الذي قتل مليون مسلم في
سوريا وشرد 14 مليون شخص ودمر 70 في المائة من سوريا؛ فهي مدارس غير مؤدلجة، ومدارس عصرية متناغمة مع روح التمدن والعصرنة والعلمانية الناعمة! ما لكم كيف تحكمون، وصدق العلي العظيم القائل: وفيكم سمّاعون لهم.