هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يمثل راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة، الثلاثاء، أمام القضاء على ذمة القضية المعروفة بجمعية "نماء تونس" التنموية.
وقررت دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس إرجاع ملف القضية إلى قاضي التحقيق، واستنطاق رئيس حركة النهضة المشمول بالأبحاث في هذا الملف يوم 19 تموز/ يوليو الجاري، على ذمة قضية جمعية "نماء تونس".
و"نماء" جمعية تنموية غير ربحية، تأسست منذ 15 آذار/ مارس 2011 في تونس، وتعمل على "استقطاب المستثمرين والخبراء من الداخل والخارج".
وتهدف الجمعية إلى "بعث المشاريع الاقتصادية المحدثة لمواطن الشغل، خاصة في المناطق ذات الأولوية، ومساعدة العاطلين من أصحاب الشهادات الجامعية العليا على بعث مشاريع اقتصادية وربط العلاقات والصلات مع الجمعيات والهياكل والمنظمات ذات الصلة، والمساهمة في تقديم خدمات استشارية تساعد على تفعيل المبادرات الاقتصادية وبعث المشاريع الصغرى"، بحسب ما هو منشور في وثيقة تأسيسها بموقعها الإلكتروني.
وفي إطار ما يعرف بقضية "نماء"، وُجهت اتهامات من قبل القطب القضائي لمكافحة الإرهاب إلى الجمعية بشأن "شبهات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".
ومن بين المتهمين في القضية، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، ونجله معاذ، وابنته سمية، وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي الذي اعتقل أخيراً لمدة 4 أيام، قبل أن يفرج عنه مع إبقائه على ذمة التحقيقات، بالإضافة إلى أفراد من عائلته.
وقرّر القضاء في وقت سابق تجميد أموال وأرصدة الغنوشي والجبالي وعبد السلام، وبقية المتهمين المشار إليهم في لائحة تضم 10 أشخاص، وفرض منع السفر عليهم.
وفي تصريح سابق لـ"عربي21"، نفى سمير ديلو، محامي راشد الغنوشي، أي صلة بين موكله وجمعية "نماء تونس"، قائلا: "ليست للغنوشي أي علاقة بهذه الجمعية، فهو ليس مؤسسا، ولا عضوا، وملا متبرعا".
وعن فرضية إصدار بطاقة إيداع في السجن بحق الغنوشي، اعتبر سمير ديلو أنه "بناء على المعطيات المتوفرة في ملف القضية، لا يوجد أي مبرر لذلك، وكذلك الغنوشي هو متهم، والمتهم يتمتع بقرينة البراءة".
وقالت حركة الغنوشي في بيان إن قضية رئيسها الغنوشي، "تهدف لتصفية الخصوم السياسيين وتخويف الناس من مغبة فشل الاستفتاء على دستور جديد دعا إليه (الرئيس التونسي) قيس سعيّد".
واستنكرت الحركة "إصرار سلطة الانقلاب على الزج باسم رئيسها راشد الغنوشي في قضية ليس له علاقات مالية بأي من الأشخاص المذكورين فيها".
وأدانت ما قالت إنها "محاولة تطويع القضاء لتصفية الخصوم السياسيين في سياق حسابات انتخابية ضيقة لا تخفى على أحد".
وأضافت: "الغنوشي قام بالتصريح بممتلكاته، ومعاملاته البنكية قانونية، ولم يتلق أي أموال من أي جهة خارجية كانت أو داخلية بما فيها جمعية (نماء) محل التحقيق القضائي، ولم يقم بأي تحويلات مالية لصالح أي جمعية".
بدورها، نفت جمعية "نماء تونس"، التي تخضع للملاحقة القضائية، كل التهم الموجهة لها بخصوص "تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".
وقالت هيئة الدفاع عن الجمعية خلال ندوة صحفية إن "نماء" لم تخالف القانون، مشيرة إلى أن الوشاية ضدها جاءت لأهداف سياسية من قبل السلطة.
وقال عضو هيئة الدفاع عن جمعية نماء تونس، مختار الجماعي، إن قضية الجمعية تزامنت مع الظرف السياسي الذي تعيشه البلاد منذ 25 تموز/ يوليو 2021، للتغطية على ما وصفه بالفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للسلطة، مضيفا أن للقضية دوافع سياسية، إذ إن هناك إرادة سياسية لضرب طرف سياسي معين.
وأكد عضو هيئة الدفاع عن "نماء تونس" أن الجمعية تعمل في المجال التنموي وليس في المجال الخيري كما يتم الترويج له، مشيرا إلى أن الجمعية تعمل في إطار من الشفافية الكاملة، إذ إنها تقدم بشكل دوري تقارير مالية عن نشاطها.
وأضاف أن إثارة الدعوى كان يفترض أن تتم من قبل الحكومة وليس من قبل أشخاص غير مخولين بذلك، متهما بعض الأطراف القضائية بخرق واجب التحفظ في هذه القضية.
وفي سياق آخر، أعلنت 41 جمعية ومنظمة حقوقية في تونس تأسيس "الائتلاف المدني من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة" الرافض للإجراءات الاستثنائية ولاسيما الاستفتاء المرتقب على مسودة مشروع دستور جديد.
جاء ذلك في بيان مشترك للجمعيات والمنظمات بمبادرة من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
وحمل البيان عنوان "لا تراجع عن الحريات والحقوق الإنسانية.. لا استفتاء على مدنية الدولة ورفضا لسياسة الأمر الواقع".
وبموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس قيس سعيد، فإن من المقرر إجراء استفتاء شعبي على مسودة مشروع دستور جديد للبلاد في 25 تموز/ يوليو الجاري.
واعتبرت الجمعيات أن "ما يجري مصادرة لحقّ الأجيال القادمة في الديمقراطية، ونسفًا لكل المكتسبات المتعلقة بالدولة المدنية وضربًا لكل مكتسبات الثورة التونسية ونضالات المجتمع المدني"، داعية إلى "رفع قضية ضدّ هيئة الانتخابات والعدول عن الاستفتاء، وفتح حوار شامل"، وفق البيان.
وطالبت الجمعيات الرئيس سعيّد الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، بـ"إيقاف النزيف ووضع حدٍّ لهذه الأجواء المتأجّجة والعدول عن هذا الاستفتاء".
اقرأ أيضا: هل تؤثر مقاطعة الاستفتاء بتونس على مسار قيس سعيّد؟
وطالبته بـ"عدم شيطنة كل من خالفه الرأي والإصغاء للقوى المدنية المتشبثة بالنظام الجمهوري الديمقراطي وتعزيز حرية التعبير والرقي بكل فئات الشعب وتشريكها في بناء القرار وتطوير الاستثمار".
وانتقدت ما قالت إنه "التمشي الانفرادي والأحادي لرئيس الجمهورية طوال فترة الاستثناء التي لجأ فيها إلى حل المؤسسات والهيئات الدستورية واعتماد سياسة التمكين على أساس الولاء".
وتابعت بأن الرئيس اتجه إلى "إفراغ معنى الحوار التشاركي والفعلي وتعويضه بحوار شكلي استشاري ترك نتائجه جانبا واعتمد نصا دستوريا خاصا به"، وأن "الاستفتاء على صاحب المشروع (الرئيس) وليس على الدّستور".
واعتبرت أن "الاستفتاء نتائجه معلومة مسبقًا ولا شرعية له، لغياب آليات ضامنة لمساءلة الهيئة العليا للانتخابات مجروحة الاستقلالية".