تمرد مرتزقة
فاغنر في روسيا، فتح دفاتر
المليشيات
الخارجة عن مؤسسات الدول والأنظمة، ومدى خطورتها على الأنظمة بعد الذي شاهده وتابعه
العالم كله في روسيا، حيث الصراع الدامي بين الدولة الروسية ومليشيات فاغنر، والصراع
في السودان الذي لا يزال محتدماً بين الحكومة السودانية ومليشيات التدخل السريع
بزعامة حميدتي.
وكانت
سوريا في ظل حافظ
الأسد من أولى الدول العربية
وربما العالم التي شرعنت هذا النوع من المليشيات الخارجة عن سلطة القانون وأطر
النظام الحاكم، حين سمحت بتأسيس سرايا الدفاع برئاسة رفعت الأسد، شقيق رأس النظام
يومها حافظ الأسد، لتتمدد الظاهرة لاحقاً بالسماح لابن أخيه عدنان الأسد بتأسيس
مليشيات سرايا الصراع.
لعل ما يجري من قيامها بمهام قذرة عسكرية وتصفية معارضين وثوار، ومهام أقذر اليوم بتوليها مهام الاتجار بالمخدرات والكبتاغون وفقاً لتحقيقات صحفية وتصريحات أممية وديبلوماسية، يؤكد من جديد الطابع المليشياوي للفرقة الرابعة، التي لا تختلف في بنيتها وجوهرها عن فاغنر وغيرها من المليشيات الخارجة عن سلطة الدولة ورقابتها
لعبت القوتان المليشياويتان خلال انتفاضة الثمانينات
دوراً إجرامياً بحق السوريين، حين تولّتا الدفاع عن النظام بطريقة إجرامية ووحشية،
فاقتحمتا المدن واعتقلتا وعذبتا وأجرمتا، لتُتوجا أفعالهما بمجازر تدمر التي قتلت
وأعدمت على مدى سنوات أكثر من ٣٥ ألف معتقل، وفي حماة وصل عدد ضحاياهما أكثر من ٤٠
ألف مدني. وغيرها من المجازر المتواصلة حتى عام ١٩٨٤، حين صحا العالم على حميدتي
الأسدي المؤسس، ينقلب على شقيقه الذي كان يرقد في المشفى مريضاً، فكان بذلك يستعد
لخلافته في الحكم، وحين استفاق حافظ الأسد من غيبوبته، وشفي من مرضه، سارع
إلى المليشيات ودمجها بالفرقة الرابعة،
والحرس الجمهوري، وكلّف نجله ماهر الأسد بها، وعلى الرغم من الدمج الظاهري لها
بالجيش ومؤسسات الدولة، لكن ظلت في حقيقتها وجوهرها بعيدة عنه، ومتميزة على غيرها
من الفرق والألوية العسكرية.
ولعل ما يجري من قيامها بمهام قذرة عسكرية وتصفية
معارضين وثوار، ومهام أقذر اليوم بتوليها مهام الاتجار بالمخدرات والكبتاغون وفقاً
لتحقيقات صحفية وتصريحات أممية وديبلوماسية، يؤكد من جديد الطابع المليشياوي
للفرقة الرابعة، التي لا تختلف في بنيتها وجوهرها عن فاغنر وغيرها من المليشيات
الخارجة عن سلطة الدولة ورقابتها.
وكما شكلت فاغنر الدولة الروسية العميقة، تقوم مليشيات
الفرقة الرابعة بالدور ذاته، وتعتبر نفسها حامية النظام، ولا شك في أن غيابها عن الساحة
يهدد النظام ورموزه، وهي حقيقة تدركها تماماً هي والنظام الذي تحميه. وهو نفس
السلوك والقناعة التي تتملك مليشيات السودان وفاغنر وغيرهما.
فاغنرات سوريا وعلى الرغم من أن جرائمها قد تعدّت الحيّز السوري، فقتلت وعذّبت اللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين، ولا تزال تحتجز الكثير منهم، فضلاً عن اتجارها بالمخدرات المهددة للعالم كله، لكنها لا تزال على رأس عملها، مما يعني وجود حصانة دولية تُعفيها من كل ما ارتكبته وترتكبه وسترتكبه في المستقبل
قد تجد بعض الدول السهولة في تأسيس مليشيات تدافع
عنها، وتُعفيها من مسؤوليات قانونية وأخلاقية حين تقوم بأعمال وحشية خارجة عن القانون،
بخلاف لو قامت بالفعل ذاته مؤسسة الجيش، لكن سريعاً ما تكتشف هذه الدول أن الثمن
الذي ستدفعه لاحقاً أفدح مما لو قامت به مؤسسات الجيش ذاتها، طبعاً هذا إن كان
النظام الذي يتلاعب ويستخدم المليشيات حريصاً على الدولة ومؤسساتها، وعلى نفسه
ورموزه، ولو كان ذلك على حساب تهديده للدولة وبنيتها.
اللافت أن فاغنرات سوريا وعلى الرغم من أن جرائمها قد
تعدّت الحيّز السوري، فقتلت وعذّبت اللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين، ولا تزال تحتجز
الكثير منهم، فضلاً عن اتجارها بالمخدرات المهددة للعالم كله، لكنها لا تزال على
رأس عملها، مما يعني وجود حصانة دولية تُعفيها من كل ما ارتكبته وترتكبه وسترتكبه
في المستقبل.