طالب المرشح الرئاسي الجمهوري، الرئيس الأمريكي
السابق دونالد
ترامب، بسن قانون يقضي بسجن من "يدنس العلم" الأمريكي
بإحراقه، لمدة عام على الأقل، وقال إنه سيطلب ذلك من الكونغرس تعديل الدستور من أجل ذلك، إذا وصل إلى البيت
الأبيض.
ما المهم في الأمر؟
لطالما كان تدنيس العلم مثار جدل في
الولايات المتحدة بين من يرى أنه حق من حقوق التعبير، ومن يرى أنه جريمة يجب أن يعاقب
عليها القانون، ويستدعي ترامب بهذا الطلب حقبة زمنية قديمة ونقاشا محسوما سلفا.
ماذا قالوا؟
◼ قال ترامب: "سوف نعلم أطفالنا أن
يحبوا بلدنا وأن نحترم دائمًا علمنا العظيم، ولا أعترف بعدم دستورية سن قانون يجرم
حرق العلم".
◼ قالت المحكمة الأمريكية العليا عام 1989 إن حرق
العلم الأمريكي هو شكل من أشكال
حرية التعبير المحمية دستوريا.
◼ قال الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الأب، إن حرق العلم خطأ ويجب معاقبة فاعله، ودعا إلى تعديل دستوري بعد حكم المحكمة العليا في 1989.
◼ المستشار
القانون والمحامي روبرت كورن، قال إن سن قانون بتجريم
حرق العلم من شأنه أن يبدأ تحديات قانونية جديدة وعدم يقين، وستقدم المحاكم
تفسيرات متضاربة للتعديل وتطبق القانون بشكل غير متساو.
◼ تابع كورن: سيؤدي سن قانون إلى استهداف
أفراد أو مجموعات معينة بناء على آرائهم السياسية وطبيعة احتجاجهم.
◼ قال رئيس هيئة الأركان السابق، كولن باول: "إن التعديل الأول موجود لضمان أن حرية التعبير والرأي لا تنطبق فقط على ما نتفق عليه أو نختلف عليه، بل وأيضاً على ما نعتبره صادماً. ولن أعدل هذا الدرع العظيم للديمقراطية لمعاقبة بعض الأشرار. فالعلم سوف يظل يرفرف بفخر لفترة طويلة بعد أن يختفوا".
◼ قال مساعد وزير الدفاع السابق لورانس جيه كورب: "إذا عدلنا دستورنا، فإن أسلوب الحياة هذا سوف يتضاءل. وسوف تصبح أمريكا أقل حرية وأكثر شبهاً بالاتحاد السوفييتي السابق، والصين الحالية، والعراق في عهد صدام حسين، أو أفغانستان في عهد طالبان".
ما هو
التعديل الأول للدستور؟
أدخل على الدستور الأمريكي الذي يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، عدة تعديلات لاحقا، يعد "التعديل
الأول" أهمها على الصعيد الوطني، لأنه يتعلق بالحريات العامة في البلاد.
وينص
التعديل على أنه "لا يصدر الكونغرس أي قانون خاص
بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته، أو يحد من حرية التعبير أو الصحافة،
أو من حق الناس في الاجتماع سلمياً، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف".
هل
يعني أن كل شيء مباح في أمريكا؟
بالطبع
لا، فالتعديل الأول ليس مطلقا، إذ إن هنالك بعض
القيود على ما جاء فيه، مثلا، لا يجوز ختان الإناث في الولايات المتحدة على اعتبار أنه "ممارسة دينية"، لأنه يتعارض مع قوانين أخرى تجرم "العنف القائم على
الجنس".
اظهار أخبار متعلقة
كما
أنه من غير القانوني القيام بتهديدات أو التحريض
على العنف المباشر أو اقتراح الإطاحة بالحكومة بالقوة. ويمكن للحكومة أن تطلب
تصاريح للتجمع وأن تضع للتجمعات الكبيرة حدودا للزمان والمكان؛ وذلك لإدارة حركة
المرور وتجنب الفوضى العامة. وهناك أيضا بعض القيود المتعلقة بالإباحية.
يؤدي أحيانا تفسير التعديل الأول
للحقوق إلى منازعات يجب تسويتها في المحاكم القانونية.
تاريخ
تجريم تدنيس للعلم
في عام
1897 تم اعتماد قانون تدنيس العلم الأمريكي، وسوء الاستخدام التجاري والسياسي، على
مستوى الولايات لكن لم يتم تشريع قانون فيدرالي بهذا الخصوص.
وفي
عام 1907 قالت المحكمة العليا إن العلم وإن كان رمزا فيدراليا، إلا أن الولايات
لديها سلطة لإصدار قوانين تدنيس العلم بموجب سلطتها لحماية السلامة العامة.
لكن
النزاعات في ذلك الوقت كانت في الغالب لها علاقة بالاستخدام التجاري، وليس معارضة
الحكومة وذلك حتى عام 1931 حيث كفلت المحكمة العليا الأمريكية الحق في استخدام العلم
كعلامة على معارضة الحكومة، بما يتماشى مع التعديل الأول للدستور.
وفي
عام 1942 أقر الرئيس الراحل روزفلت قانون العلم الفيدرالي، وأحكاما
"إرشادية" لعرضه واحترامه لكن دون أي عقوبات على عدم الامتثال على اعتبار
أنها مجرد إرشادات للامتثال الطوعي.
اظهار أخبار متعلقة
بعد
ذلك بعام، قالت المحكمة العليا للفصل في أحد النزاعات بشأن تحية العلم في ولاية
فيرجينيا الغربية، بأنه لا يمكن إجبار أطفال المدارس العامة على أداء تحية العلم
الأمريكية.
وغيرت
حرب فيتنام بعض الأمور المتعلقة بالعلم، حيث اعتمد
الكونغرس الأمريكي في عام 1968 أول
قانون فيدرالي لتدنيس العلم بعد حادثة حرقه في سنترال بارك احتجاجا على الحرب في
فيتنام، وعليه فقد التف معارضو الحرب على القانون و"شتموا" العلم على أساس
أن القانون يحظر فقط "حرقه والدوس عليه وتشويهه".
وبقيت
القضايا تثور في المحاكم في السبعينيات والثمانينيات بخصوص ازدراء المواطنين للعلم
كتعبير عن معارضتهم للحكومة، وبدأت عدد من الولايات بتقليص قوانينها المتعلقة بتدنيس
العلم.
وفي
عام 1989 عدل الكونغرس قانون تدنيس العلم لعام 1968، لكنه ظل منتقدا وألغت المحكمة العليا
عددا من الإدانات بحرق العلم.
وفي
1990 تم رفض تعديل دستوري في الكونغرس ينص على أن "الكونغرس والولايات لديهم
سلطة لحظر تدنيس العلم".
الخلاصة
حتى إشعار آخر، يمكن لأي محتج أن يحرق العلم الأمريكي دون أدنى مساءلة قانونية، وليس من السهل على ترامب إذا وصل إلى
سدة الحكم تجريم "تدنيس العلم" لأن التعديل الأول للدستور يمنع الكونغرس
من إصدار قانون يتعارض مع حرية التعبير، وهو ما أقرته المحكمة الأمريكية العليا
سابقا.