دعا مستشار الأمن القومي السابق في عهد كلينتون، صمويل بيرغر، حكومة باراك
أوباما لتغيير الظروف لتحقيق النجاح في مؤتمر السلام.
وأضاف بيرغر في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست"، الأحد، أنه لا يمكن إجبار النظام السوري لبشار
الأسد بدون إجباره على تغيير حساباته.
وتتضمن توصيات بيرغر دعم المعارضة المعتدلة كطريقة لإقناعها للوقوف أمام قوة
القاعدة وجماعاتها المتزايدة في شمال سورية.
وتوفير المال للمعارضة كي تكون قادرة على دعم الحكم المحلي ومؤسساته، ودفع الرواتب، ومن أجل حرف المقاتلين عن اللاعبين السيئين ممن يتلقون دعما من المانحين الأثرياء في دول الخليج. ويدعو بيرغر لفرض عقوبات منتقاه على المصارف التي تمول شحنات الأسلحة للنظام السوري وعلى ممولي القاعدة.
ومضى بيرغر قائلا إن "عدم استعداد النظام السوري للانخراط بشكل جدي في مؤتمر جنيف يؤكد بوضوح أهمية اتخاذ جهد مواز لتغيير حسابات النظام ويسمح للولايات المتحدة والمعارضة المعتدلة بالعودة لطاولة المفاوضات في وضع أحسن. وهذا هو الطريق الوحيد الذي سيؤدي لوقف هذه الحرب الوحشية".
ويضيف أنه "كما تلخص أحداث حمص فساد استراتيجية البؤس التي يمارسها نظام بشار الأسد، إلا أن النزاع أخذ جانبا أمنيا مخيفا بالنسبة للولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة. فقد كثف الأسد من هجماته بما في ذلك القصف المتواصل للعناصر المعتدلة في المعارضة السورية مما خلق فراغا ملأته الجماعات الجهادية".
وأشار بيرغر في مقاله إلى ما قاله مدير الأمن القومي جيمس أر كلابر، أمام الكونغرس الشهر الماضي، "لقد أصبح شرق
سوريا ملجأ آمنا للجماعات المرتبطة بالقاعدة مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام وأن بعض أفرادها يرغب بتوجيه ضربات لأرض الوطن – أمريكا".
وقدم كلابر في شهادته أن هناك 7000 مقاتل أجنبي يقاتلون في سورية، حيث سيعود الكثير منهم لأوطانهم في أوروبا أو أي مكان آخر مدربين ومحاربين أشداء.
ويواصل بيرغر بالقول "لأنه لا حل سياسي للأزمة في المنظور العاجل فنحن بحاجة إلى تغير في المسار. ففي الوقت الذي يجب أن تستمر فيه العملية السلمية في جنيف لأننا من خلالها سننهي الحرب، على الولايات المتحدة في الوقت نفسه البحث عن سلسلة من التحركات القوية التي تتصدي للتهديد المباشر الذي تمثله القاعدة في سورية وتعطي مؤتمر جنيف فرصة للنجاح".
ويعتقد بيرغر أن الولايات المتحدة لن تكون وحدها قادرة على هزيمة القاعدة في سورية، وعليها والحالة هذه تقوية العناصر المعتدلة في داخل المعارضة، "فهذه العناصر هي وحدها التي تتحدث وتقاتل نيابة عن غالبية السكان وتشارك الشعب السوري رغبته بالتخلص من الأسد والمقاتلين الأجانب وهي بهذه المثابة قادرة على السيطرة على الأرض التي احتلها الجهاديون".
ولا يستبعد بيرغر وجود جماعات إسلامية في المعارضة المعتدلة لكنها تظل مختلفة عن الجهاديين "فهذه القوى الإسلامية هي التي وقفت في الأسابيع القليلة الماضية ضد القاعدة في بعض أجزاء سورية، وإذا لم نساعدهم فسنجد أنفسنا نرد على هجمات إرهابية بدأت من شرق سورية بحسب شروطها وتوقيتها".
ويطرح الكاتب هنا إطارين للمساعدة الأمريكية، "أولا: على الولايات المتحدة أن تقوم بتقديم الدعم للمعارضة المعتدلة المعادية لقوات الأسد والقاعدة وتقديم ما تحتاجه لجذب الناس وحرفهم عن المتطرفين، ولتعزيز مناطقها المحررة وتصد هجمات النظام بحيث تكون قادرة على بعد ذلك للتركيز على القاعدة".
و"من أفضل الطرق لتحقيق هذا هو تقديم المال والرواتب للمناطق المحررة. ودعم مؤسسات الحكم المحلي ومجالسها بالمال كي تدفع رواتب الأساتذة وعمال الصحة وعمال الخدمة المدنية ورجال الشرطة. وبهذه الطريقة نساعدهم في تحقيق الشرعية وفرض النظام العام، وخلق بديل دائم أفضل من نظام الأسد والمتطرفين".
وهناك مسار آخر يمكن أن نسلكه كي نعزز الكتائب التي تحارب القاعدة. فالسلاح مهم وتحتاجه الكتائب ولكن نقل السلاح هو عملية لوجيستية معقدة ويأخذ وقتا طويلا.
وفي الوقت نفسه يحتاج المقاتلون المساعدة لإطعام أنفسهم وعائلاتهم، ولأن الجماعات المتطرفة التي يتدفق عليها المال من داعميها في دول الخليج قادرة على الدفع بكرم ومصداقية أكثر.
ومن هنا "فالبديل عن عدم دعمنا للمعارضة المعتدلة هو استمرار تهديد اللاعبين السيئين وحصولهم على المساعدة والسلاح الذي يصل لمناطق المعارضة، أما المعتدلون فلا يحصلون على شيء".
أما الأمر الثاني فيجب على الولايات المتحدة العمل على تعزيز المعتدلين من خلال تحديد تدفق السلاح والمال لنظام الأسد وللجماعات المتطرفة. وأحسن طريقة هي القيام بفرض عقوبات حذرة تستهدف البنوك التي تقوم بتمويل شحنات السلاح للنظام وممولي القاعدة. فمن خلال استهداف هذه المؤسسات فإننا سنقوم بخلق معوقات أمام جهود تزويد النظام مما يضع ضغوطا على نظام الأسد وداعميه الدوليين، ويساعدنا على تحقيق حل دبلوماسي.
وأخيرأ يقول بيرغر "إذا أردنا الحصول على دعم المعارضة في القتال ضد القاعدة، فعلينا أن نكون مستعدين لحماية المدنيين من جرائم الأسد ومن حملات القصف بالبراميل المتفجرة. وبمنع الأسد استخدام المقاتلات والمروحيات لقتل المدنيين فسيساعد المعارضة على تخصيص جهودها لقتال المتطرفين ويحرر المناطق التابعة لها من الخوف الدائم".
ويمضي للقول "هناك الكثير من الطرق التي تساعدنا على تحقيق هذا الهدف بالعمل مع شركائنا وحلفائنا إما بالعمل بالوكالة معهم أو الهجمات الجوية، أي عمليات ذات هدف محدد ولا تقتضي إرسال القوات الامريكية. وعندما ننظر لسورية، علينا أن لا نتعامل مع السنوات الأخيرة على أنها فرص ضائعة، فما هو على المحك هو جوهر المصالح الأمريكية.
وما يهم هو عدم استمرار الوضع الحالي كما هو. فمع أن هناك مخاطر للخطوات البديلة إلا أن البديل هو أسوأ، القاعدة التي استطاعت التعافي من ضربات الولايات المتحدة لها ولديها منطقة قوية وأسد يواصل مذابحه. ومن هنا علينا تحوير الظروف من أجل حماية أنفسنا والعودة لطاولة المفاوضات لتحقيق النصر".