كشفت حوارات ولقاءات غير معلنة أجراها في عمان السفيران البريطانيان لدى السعودية جون جنكينز، ولدى الأردن بيتر ميليت، عن أن دولة
الإمارات العربية هي أكثر المتحمسين لإجراء
المراجعات التي تقوم بها
بريطانيا لفكر وأنشطة جماعة
الإخوان المسلمين، فيما أكدت مصادر لـ"عربي21" أن نتائج المراجعة ستعلن على الأغلب في منتصف تموز/ يوليو المقبل.
وعلمت "عربي21" أن جنكينز وصل للأردن مطلع الشهر الماضي، في إطار جولة له في المنطقة بتكليف من حكومة بلاده للقاء قيادات من جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، ومنشقين عنها أو مفصولين منها، عوضا عن سياسيين وكتاب صحفيين وخبراء بشؤون الجماعات الإسلامية.
ولم يخف السفير جنكينز خلال لقاءات اطلعت "عربي21" على تفاصيل ما دار في أغلبها وعقدها السفيران ومسؤولون من سفارة لندن بعمان، وجود علاقة للإمارات بهذه الإجراءات، نافيا في ذات الوقت تعرض بلاده لضغوط من قبل المملكة العربية السعودية بهذا الشأن.
وقال السفير إن دولة الإمارات تحمست لفكرة المراجعة لأنشطة الإخوان المسلمين ودعمت إجراءها.
وذهب في أحد اللقاءات حد القول إن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد هو أكثر المتحمسين ضد الإخوان. وبحسب مصدر حضر لقاء عقد في عمان مطلع الشهر الماضي، فإن جنكينز وصف محمد بن زايد بأنه "أكثر شخص في العالم يقف ضد الجماعة"، لافتا إلى تحمسه للبحث في فكر الإخوان وأهدافهم وصلاتهم بالعنف ومصادر تمويل جماعتهم.
وذهب السفير إلى التفصيل أكثر في علاقة الإمارات بالمراجعات، عبر القول إن "محمد بن زايد قال إنه اكتشف أنه كان إخوانيا دون أن يعلم"، في تعليق على النظام التعليمي للإمارات ودول الخليج. ونقل السفير عن بن زايد تأكيده أن ذلك النظام وضع من قبل قيادات من جماعة الإخوان المسلمين منذ خمسينيات القرن الماضي.
السفير البريطاني في السعودية شدد على أن بلاده لا تجري هذه المراجعة تحت أي ضغوط، مؤكدا حاجة بلاده لمراجعة أنشطة الإخوان المسلمين، وأنها لا تحمل أي مواقف مسبقة من الجماعة، وأن هدفها هو الوصول لتقييم متوازن عن الجماعة، نافيا أن تكون هناك قرارات جاهزة.
وقال إن حكومة بلاده حريصة على الاستماع لكل وجهات النظر وخاصة من قيادات الإخوان المسلمين، مؤكدا أنه التقى قيادات في الجماعة بعمان، وأنه سيصل لتونس قريبا للقاء رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وقيادات من الجماعة في لندن، لم يحددهم، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك.
كما أنه أكد في لقاءاته على أن المراجعة ستشمل أنشطة الإخوان في فترات تعود للاحتلال البريطاني لمصر، حيث قال في أحد لقاءاته إن المراجعة ستشمل دور التنظيم السري للجماعة في أربعينيات القرن الماضي، والذي أنشأه مؤسس الجماعة حسن البنا، وكان هدفه مقاومة الاحتلال البريطاني، لكنه اتهم وقتها بالضلوع في تنفيذ اغتيالات سياسية في
مصر.
وبحسب أكثر من سياسي وباحث شملته جلسات الدبلوماسيين البريطانيين في عمان، فإن أكثر ما ركز عليه السفير في كل نقاشاته هو التعرف على علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالعنف، وإن كان ذلك العنف يستخدم من قبلها في فترات تاريخية متباعدة، وإن كان يتبع لتكتيكات وطبيعة الظروف على الأرض.
وشملت لقاءات جينكينز في عمان أمين عام جبهة العمل الإسلامي، الشيخ حمزة منصور، وزكي بني ارشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين. وشملت اللقاءات رئيس مجلس النواب الأسبق والقيادي بالجماعة عبد اللطيف عربيات، إضافة للقياديين السابقين في الجماعة محمد الحاج وبسام العموش، كما أنه التقى قيادات أخرى من جماعة الإخوان المسلمين، إضافة لقادة ما يعرف بـ "المبادرة الأردنية للبناء" المعروفة بـ "زمزم"، والتي قررت محكمة إخوانية قبل أسابيع فصل ثلاثة من أبرز قادة الإخوان المؤسسين لها.
من جهته أكد بني ارشيد لـ"عربي21"، أن السفير البريطاني في السعودية أبلغه والشيخ حمزة منصور أن الإخوان يواجهون تهما حقيقية بالإرهاب.
وأضاف: "أخبرنا جنكينز أننا نواجه اتهامات حقيقية بالإرهاب، وأنه يريد الاستماع إلى وجهة نظرنا، ونحن بدورنا رفضنا تقديم أية بيانات، لأن الاتهامات الموجهة تدعو إلى السخرية والضحك، واعتبرنا أن المراجعة البريطانية على هذا النحو سببها ضغوطات خليجية وإماراتية تحديدا، وأن دولة عظمى مثل بريطانيا يجب أن لا تنجر إلى مثل هذا المستوى".
ورفض بني ارشيد الكشف عن فحوى ما دار في اللقاء، لكن مسؤولا بالجماعة أكد أن السفير البريطاني ردد أمام القياديين الإخوانيين تهما مطولة للإخوان في مصر بممارسة الارهاب، وأنهما ردا على هذه الاتهامات، وطالبا بريطانيا بالتوقف عن هذه المراجعة التي أكدا له أنها تأتي "استجابة لضغوط من أطراف عربية بالذات".
وكان لافتا أن الغالبية العظمى من السياسيين، سواء من الإخوان المسلمين أم من المنشقين عنهم أم من خصومهم الذين التقاهم السفير البريطاني في السعودية، نفوا بشدة تهم ضلوع الإخوان المسلمين بالارهاب، على الرغم من النقد اللاذع الذي نالته الجماعة من قيادات سابقة فيها أمام السفير البريطاني.. ولم تستثن القيادات الحالية للجماعة في الأردن، كما أنها طالت الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي وجماعة الإخوان التي تقبع قياداتها في السجون المصرية.