ينسج الرئيس الأمريكي باراك أوباما خيوط تحالف دولي لتوسيع نطاق حملته على "تنظيم الدولة" لتشمل
سوريا إلى جانب العراق لكن النجاح قد يكون في أيدي المقاتلين من أمثال عمار الواوي.
ويقول الواوي إن النجاح ممكن إذا أتيحت له الفرصة لذلك.
فهو يخشى أن تكون المهمة مستحيلة بفعل قيود على نوع الأسلحة التي سيحصل عليها والتدريب الذي سيتلقاه بمقتضى اقتراح البيت الأبيض تخصيص 500 مليون دولار لتسليح مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة.
الواوي قائد في الجيش السوري الحر الذي هو ائتلاف فضفاض يضم مقاتلين معتدلين يقاتلون "تنظيم الدولة" وقوات الحكومة السورية في نفس الوقت. ويقول "الحقيقة أننا لا نحتاج إلى مزيد من التدريب. ولدينا الجنود بعدد كاف. ما نحتاج إليه هو أسلحة نوعية."
يضيف "نحتاج أسلحة مضادة للطائرات. نحتاج أسلحة مضادة للدبابات. إذا لم نحصل عليها (الأسلحة) لا يمكن أن نكسب مهما يكن ما تفعله الولايات المتحدة."
من واقع تشريع حالي في الكونجرس لا يرجح أن يحصل الواوي على ما يريده وهو أمر يبرز المعضلة التي تواجه أوباما بعد ان أمر في الأسبوع الماضي بشن هجمات جوية لأول مرة في سوريا وزيادة الضربات الجوية في العراق في تصعيد كبير ضد مقاتلو "تنظيم الدولة" الذي يسيطر على ثلث مساحة سوريا والعراق.
جزء مهم من خطة أوباما معلق على موافقة الكونجرس على 500 مليون دولار من أجل ما قال أوباما يوم الأربعاء إنه تدريب وتسليح الجيش السوري الحر لتقوية المعارضة كأفضل وسيلة في مواجهة المتشددين ولتجنيب القوات الأمريكية الانجرار إلى حرب برية جديدة.
لكن الإدارة الأمريكية اعترضت على تقديم أسلحة قوية طلبها مقاتلو المعارضة مثل صواريخ سطح / جو بسبب المخاوف من استيلاء أطراف أخرى عليها أو استخدامها ضد أمريكا وحلفائها. وزادت تلك المخاوف بعد إسقاط طائرة الركاب الماليزية فوق شرق أوكرانيا الملتهب والواقع تحت سيطرة المتمردين في يوليو تموز.
أعلنت الولايات المتحدة عن خطة الخمسمئة مليون دولار في يونيو/ حزيران بعد أن قال أوباما إنه سيعمل مع الكونجرس لزيادة الدعم للمعارضة السورية المعتدلة.
وكان هدف الخطة في البدء قاصرا على تدريب قوة من نحو ثلاثة آلاف رجل خلال فترة 18 شهرا ثم زيادة هذا العدد ببطء.
وأبرزت الخطة أولويات رئيس لا يريد أن ينغمس في صراع مسلح جديد في الشرق الأوسط. كان المقصود البناء على جهد غير معلن تقوده وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كان قائما في الأساس على الانطلاق من الأردن على أن تديره وزارة الدفاع.
ولابد من موافقة المسؤولين الأمريكيين على كل مقاتل بعد فحص دقيق من أجل استبعاد الإسلاميين وهي عملية تستهلك الوقت وتحد كثيرا من عدد المقاتلين الذين يمكن أن ينضموا للتدريب.
يقول مسؤولون ومسؤولون سابقون اطلعوا على الاقتراح الأصلي إن الهدف لم يكن تمكين المقاتلين من الانتصار في حربهم على جبهتين مع قوات الرئيس السوري بشار
الأسد من جهة ومقاتلي التنظيم من جهة أخرى. كان الهدف احتفاظهم بالأرض التي استولوا عليها من قبل.
قال الواوي: "من واقع ما نعرفه كان الأمر كله يتعلق باستمرار الحرب بإعطائنا ما يكفي فقط لاستمرار القتال لكن ليس ما يكفي لنكسب".
في واشنطن يقول البعض إن الأمر ليس مسألة سلاح فحسب.
يقولون إن مقاتلي المعارضة يمكن أن يقدموا معلومات مهمة لأي هجوم جوي أمريكي لكنهم ليسوا قوة منظمة بما يكفي للتعامل معهم بجدية كونهم جيشا مكونا من ميليشيات لا تربطها صلات تضم متشددين مسؤولين عن كثير جدا من المناطق السكنية.
ويقول البعض إنه قد يكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل تحويل الجيش السوري الحر الوليد إلى قوة برية تتمتع بالمصداقية.
قال ريتشارد هاس المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية الذي قام بدور في التجهيز للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 "ببساطة لا أعتقد أن فيه ما يكفي من المادة الخام".
وقال هاس الذي يرأس مجلس الشؤون الخارجية حاليا "إنه مقسم. وضعيف. أي جهد لبنائه سيستغرق سنوات ولا أعتقد أننا سننجز الكثير."
* توسيع تدريب المتمردين
مع ذلك يفترض أن برنامج "التدريب والتسليح" سيغير ذلك.
وقال مسؤول أمريكي مرافق لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الموضوع أثير مع وزراء خارجية دول الخليج العربية في اجتماع في جدة العاصمة الصيفية للسعودية يوم 11 سبتمبر/ أيلول رغم أنه لم يكن "محور الحديث".
وقال المسؤول طالبا ألا ينشر اسمه "كان أيضا موضوع مناقشات مستمرة بين المسؤولين الأمريكيين ونظرائهم في دول عدة في المنطقة لفترة أسابيع وربما شهور." وأضاف مستخدما الاسم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية "نحن نرى هذا كواجهة.. كمكون في الحملة الشاملة الكلية المناوئة للدولة الإسلامية في العراق والشام."
ويقول مسؤولون أمريكيون إن السعودية عرضت استضافة منشأة تدريب تديرها الولايات المتحدة. وقال مسؤول أمريكي للصحفيين في واشنطن إن ليزا موناكو مستشارة أوباما في البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب عقدت الاتفاق خلال زيارة للمملكة الأسبوع الماضي. ووصف المسؤول الاتفاق بأنه مكون حاسم في الاستراتيجية الجديدة للرئيس.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن من المتوقع أن تسع المنشأة تدريب أكثر من عشرة آلاف مقاتل. لكن التفاصيل جار العمل بشأنها بما في ذلك كم من الوقت سيستغرق فحص هذا العدد الكبير من المقاتلين وكم سيتكلف الأمر. وبحسب وزارة الدفاع الأمريكية يتوقع أن يتدرب خمسة آلاف مقاتل في السعودية في العام الأول.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية إن دولا أخرى عرضت استضافة التدريب لكنه رفض تحديد أي دولة منها.
ويعتبر الأردن اختيارا له الأولوية بسبب علاقاته الأمنية الوثيقة مع الولايات المتحدة وجواره لسوريا ووجود أكثر من 600 ألف لاجيء سوري على أرضه. لكن الأردن مثل دول عربية خليجية عبر عن مخاوف من أن يكون عرضة لاننقام عنيف إذا استخدمت أراضيه في تدريب علني.
* البراميل المتفجرة
يقول الواوي الذي كان ضابط مخابرات في الجيش السوري قبل أن ينضم لمقاتلي المعارضة في أغسطس آب 2012 إنه يعتقد أن الحكومة السورية تدعم مقاتلي الدولة الإسلامية ضمنيا أو أنها تستغلهم على الأقل لتقويض أو تمزيق المعارضة.
وقال "عندما نقاتل
داعش يشن النظام السوري غارات جوية علينا. ويلقون علينا البراميل المتفجرة."
كان فريد هوف مسؤولا في وزارة الخارجية شارك في وضع السياسة الخاصة بسوريا قبل ان ينضم إلى معهد الأبحاث أتلانتيك كاونسيل في 2012 وهو يقول إن وجود تنظيم الدولة الإسلامية "تم الترويج له عمدا تقريبا من جانب الأسد في الوقت الذي سعى فيه خلال السنوات الثلاث الماضية إلى محاولة تغيير طبيعة المعارضة لنظامه."
وقال دبلوماسيون إن الأسد ساعد في نشوء تنظيم الدولة الإسلامية من خلال إطلاق سراح أخطر قادتها من سجونه. وهؤلاء القادة أقاموا صلات مع القادة المتشددين الآخرين في العراق وشنوا حملة عسكرية شرسة على جماعات معارضة أخرى.
وقالوا إن استراتيجية الأسد قامت على تعزيز فكرة أن حكمه يواجه إرهابا من نوع إرهاب القاعدة.
في أحاديث خاصة عبر مسؤولون عسكريون أمريكيون عن رفضهم تسليح المتمردين بصواريخ سطح / جو خشية أن تقع هذه الأسلحة في أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية فتفقد الولايات المتحدة الميزة التي تتمتع بها وهي العمل الجوي.
مع ذلك قالوا إن هناك تأييدا داخل وزارة الدفاع لإمداد المتمردين بأسلحة تتجاوز الأسلحة الصغيرة والذخائر وتشمل مدافع ميدان وصواريخ مضادة للدبابات ومدافع مورتر.
مع ذلك ليس واضحا ما إذا كان المزيد من التسليح والتدريب الأمريكي يمكن أن يحدث تحولا في ميدان القتال لمصلحة مقاتلي المعارضة الذين تساندهم واشنطن ويقلون كثيرا في التسليح عن مقاتلي الدولة الإسلامية وغيرهم من المتشددين وعن قوات الأسد.
ويبدي الواوي تشاؤما إزاء التدريب الأمريكي. فقد تلقى تدريبا أمريكيا -كما يقول- في قطر لمدة 15 يوما في يوليو تموز العام الماضي. وقال "علموني فقط كيف أستعمل الأسلحة الروسية مثل البندقية كلاشنكوف." وأضاف "لم أجده مفيدا جدا."
هذا يمكن أن يتغير.
قال ديفيد شنكر الذي كان مستشارا في وزارة الدفاع الأمريكية في حكومة الرئيس جورج دبليو بوش إن الولايات المتحدة يمكن أن تقرر تقديم أسلحة مضادة للدبابات. وهذه الأسلحة تحتاج إلى تدريب أكثر تقدما.
مع ذلك يقول هوف وآخرون إنه من غير الواضح إن كانت 500 مليون دولار كافية لمثل هذا التدريب الواسع.
وقال هوف "هذه الخمسمئة مليون دولار حتى إن اعتمدت غدا أو بعد غد ليست في المخطط الأكير مبلغا كبيرا من المال. وشهية دافعي الضرائب الأمريكيين وشهية الكونجرس لهذا بمقاييس الالتزامات المالية.. هذه الشهية تحت السيطرة."
وأضاف "وهنا يأتي دور بعص شركائنا الذين لديهم موارد متاحة وجاهزة -السعوديون والقطريون والكويتيون والإماراتيون- هذا جزئيا مدخلهم."
ويبدو الواوي (37 عاما) الذي بدأ الصلع يغزو رأسه أكبر من سنه بعشر سنوات. وقد انضم للمتمردين بعد أن رأى الحملات الوحشية الحكومية على المحتجين خلال عام 2011 بما في ذلك الحملات على المحتجين في بلدته جبل الزاوية.
وللواوي حضور منتظم في موقع يوتيوب وفي محطات التلفزيون العربية. وقال إنه جاء إلى السعودية ساعيا لمحادثات مع المسؤولين فيها. ويقدم نفسه بوصفه الأمين العام للجيش السوري الحر رغم أن موقعه في الجيش السوري الحر غير واضح.
وتحدث إلى رويترز خلال عشاء بجدة وقال إن أكبر خطر على المعارضة هو البراميل المتفجرة التي تلقيها الطائرات السورية على المناطق المزدحمة بالسكان تحديا لقرار مجلس الأمن الدولي الذي يمنع إلقاء المتفجرات العشوائية والقاتلة على المدنيين.
وقال "أكبر عدو لنا الآن هو القوات الجوية التي تقتل المدنيين وتلقي البراميل المتفجرة. نحن نحتاج إلى وقف هذا. نحن نحتاج إلى سلاح استراتيجي يمكنه إنقاذنا منها."