لا يعدو
مؤتمر مصر الاقتصادي بشرم الشيخ سوى محاولة من القوى الإقليمية والغربية لـ"ترميم" نظام عبدالفتاح
السيسي الذي تراجعت الأوضاع المعيشية في عهده، بالرغم من تقديم الدول
الخليجية مساعدات له بقيمة 40 مليار دولار خلال عام ونصف، بحسب مراقبين.
ورأى أمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب
الحرية والعدالة، محمد سودان، أن المؤتمر "
سياسي بامتياز، وليس حدثاً اقتصادياً كما روّج نظام السيسي في الداخل والخارج".
مؤتمر مانحين
وقال لـ"عربي 21" إن المؤتمر "خلا من الحديث عن أي مشاريع جادة أو حقيقية"، مشيراً إلى أن "كل ما تم الإعلان عنه؛ كان عبارة عن ودائع ومنح وهبات خليجية فقط، فهو أقرب إلى وصفه بمؤتمر المانحين لدعم بقاء النظام".
وتساءل عن آلية "صرف، أو استثمار، أو إيداع، أو إدارة" الأموال الممنوحة للنظام المصري، واصفاً إياها بأنها "محاولة لتحسين سمعة الانقلاب، سوف يخبو وميضها مع مرور الأيام، وتعود إلى قتامتها مجدداً".
وذهب إلى أن استمرار دعم الاقتصاد المصري بمليارات الدولارات "لن يجدي معه نفعاً؛ لأنه جسد مريض لا يستجيب"، مضيفاً أن "كل من حضر المؤتمر جاء بضغوط أمريكية صهيونية".
وتابع: "السيسي وضع قوانين لحماية المستثمرين فعلاً، ولكنها لحمايتهم من المساءلة والحساب والعقاب".
وأعلنت كل من السعودية والإمارات والكويت، في اليوم الأول من المؤتمر أمس الجمعة، عن تقديم حزمة جديدة من المساعدات لمصر بقيمة 12 مليار دولار، بعضها في صورة ودائع، والبعض الآخر استثمارات.
فساد وتربح
وأعرب نائب وزير الخارجية الأسبق، مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، عن اعتقاده بأن هذا المؤتمر "لن يأتي بالفائدة المرجوة منه".
وقال لـ"عربي 21" إن هذا المؤتمر لـ"الفاسدين الذين يرغبون في التربح على حساب مصر"، مضيفاً: "رأس المال جبان، والمستثمر الجاد لا يستثمر أمواله ولا إمكاناته في دولة غير مستقرة سياسياً، ويحكمها انقلاب عسكري".
وتابع: "المستثمرون الذين يأتون في ظل هذا الوضع؛ هم الذين يرغبون في الاستيلاء على ثروة مصر، ويهربون بالمليارات، ولا يلتزمون بتعهداتهم، والبعض الآخر من المحسنين، وهذا لا يبني اقتصاد دولة".
المؤتمرات السابقة
ويقول سياسيون إن السلطات في مصر سعت لجعل مؤتمر شرم الشيخ حدثاً دولياً، لتثبت للعالم أنها عادت إلى الساحة الدولية بقوة، وأنها قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار، ومستعدة لاستقبال المستثمرين.
ويرى خبراء اقتصاديون أن المؤتمر الاقتصادي تتهدده عدة عوامل حاكمة، في مقدمتها الاستقرار السياسي والأمني، والكفاءة الإدارية الغائبة، وقانون الاستثمار الجديد الذي يمنح المستثمر حصانة مالية وقانونية، وهي عوامل طاردة للاستثمارات، على حد قولهم.
وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، إن الاقتصاد المصري يعاني من تراجع كبير في الاستثمارات الأجنبية "بسبب غياب الاستقرار السياسي والأمني، وهما حجر عثرة أمام استقرار البلاد".
وأضاف لـ"عربي 21": "لقد شهدت مصر مؤتمرات كثيرة منذ الانقلاب العسكري قبل عام ونصف، لمستثمرين خليجيين وغربيين، ولم تسفر جميعها عن شيء جاد وحقيقي، ولم تترجم الوعود إلى مشاريع ملموسة على الأرض حتى الآن".
خطوة في الألف ميل
على الجانب الآخر؛ يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، محمد النجار، أنه لا يعيب المؤتمر أن يحمل دلالات سياسية، موضحاً أن "السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، ومصر بحاجة إلى تحسين صورتها أمام العالم".
وقال لـ"عربي21": "البديل الآخر هو لا مؤتمر، ولا فائدة من ذلك، وسيقال إن مصر مضطربة أمنياً وسياسياً، وغير قادرة على تنظيم مؤتمرها الخاص، ولكن الدولة نجحت في إظهار عكس ذلك".
وأعرب عن تخوفه من قيام الإعلام بتصوير المؤتمر على أنه المنقذ للبلاد، وأن بمقدوره تغيير كل شيء في يوم وليلة بمجرد انعقاده وانصراف المؤتمرين.
وأضاف: "من الأفضل أن يقال إن المؤتمر هو الخطوة الأولى في الألف ميل، ولكنها صحيحة وجيدة".