قالت مصادر دبلوماسية اليوم الجمعة إن المفتشين الدوليين عثروا على آثار لغاز
السارين وغاز الأعصاب (في.إكس) في موقع للأبحاث العسكرية في
سوريا، لم يتم إبلاغ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بها من قبل.
وقالت المصادر لرويترز بشرط عدم الكشف عن أسمائها، نظرا لسرية المعلومات، إن نتائج فحص عينات أخذها خبراء من المنظمة في كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، جاءت إيجابية فيما يخص مواد أولية كيماوية لازمة لصنع العناصر السامة.
وقال مصدر دبلوماسي: "هذا دليل قوي جدا على أنهم كانوا يكذبون بشأن ما فعلوه بغاز السارين... حتى الآن لم يقدموا تفسيرا مرضيا بشأن هذا الكشف".
وكانت الولايات المتحدة قد هددت في العام 2013 بالتدخل العسكري ضد النظام السوري، بعدما قتل في هجمات بغاز السارين في آب/ أغسطس من ذلك العام، مئات السكان في منطقة غوطة دمشق التي يسيطر عليها الثوار.
لكن النظام السوري تفادى الضربة الأمريكية بقبوله باتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا، انضم بموجبه إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وأقر بامتلاك برنامج للأسلحة
الكيماوية وتعهد بتفكيكه.
وسلم نظام بشار الأسد العام الماضي 1300 طن من الأسلحة الكيميائية إلى بعثة مشتركة بين الأمم المتحدة والمنظمة لتدميرها. لكن الأسد نفى استخدام غاز السارين أو أي أسلحة كيميائية أخرى في الصراع.
وقالت المصادر الدبلوماسية إن عينات السارين وغاز الأعصاب (في.إكس) أخذت من مركز الدراسات والبحوث العلمية، وهو هيئة حكومية تقول أجهزة مخابرات غربية إن النظام السوري طور بها أسلحة بيولوجية وكيميائية.
وقال المتحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بيتر ساوكزاك، ردا على سؤال بشأن رواية الدبلوماسيين: "نعمل على توضيح الإعلان السوري. لا يمكنني مناقشة أي تفاصيل لهذه العملية...لكن فريق التقييم سيصدر تقريرا في الوقت المناسب".
وقالت المصادر الدبلوماسية، إن بعثة لتقصي الحقائق تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تحقق في مزاعم بوقوع عشرات الهجمات بغاز الكلور في الآونة الأخيرة في قرى سوريا، لكن حكومة الأسد ترفض دخول البعثة إلى المواقع.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن اكتشاف غازي "في.إكس" و"السارين"، يدعم تأكيدات حكومات غربية بأن الأسد احتفظ ببعض مخزوناته، أو لم يكشف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن كامل نطاق القدرات أو الترسانة الكيماوية السورية.
وقال الدبلوماسيون إن مفتشي المنظمة ذهبوا إلى سوريا ثماني مرات للتحقق من صحة تفاصيل برنامج الأسلحة الكيميائية التي وردت في تقرير أولي، لكنهم كانوا يعودون دوما بتساؤلات أكثر من الإجابات.
وبموجب الاتفاق مع واشنطن وموسكو، قَبِل النظامُ السوري بتدمير دائم وكامل لبرنامج أسلحته الكيميائية، وعدم استخدام الغاز السام في المعارك.
لكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، غير المخولة بتوجيه الاتهام إلى طرف، قالت إن غاز الكلور استخدم "بشكل منهجي ومتكرر" كسلاح في سوريا.
وتم البدء بتدمير نحو عشرة مواقع لإنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية في سوريا، لكن النظام السوري أضاف العام الماضي أيضا عدة منشآت جديدة، لم يبلغ عنها منظمةَ حظر الأسلحة الكيميائية في البداية.
وتريد الولايات المتحدة أن يقرر فريق من المحققين التابعين للأمم المتحدة من المسؤول عن الهجمات بغاز الكلور في الآونة الأخيرة، في مسعى لتمهيد الطريق أمام تحرك من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد المسؤولين.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور، للصحفيين الجمعة: "نعتقد، ومن الواضح أن كثيرا من أعضاء المجلس يوافقون على ذلك، أننا يجب أن نمتلك وسائل لمعرفة من ينفذ هجمات الكلور تلك".
وأضافت: "نأمل أن نتمكن من تحقيق تقدم بشأن قرار يضمن وجود آلية لا تؤدي فحسب إلى إثبات استخدام الكلور، وإنما تثبت أيضا من استخدمه". وقالت باور إن واشنطن تعتقد أن الحقائق تشير إلى أن النظام السوري هو المسؤول عن ذلك.
وقال هاميش دي بريتون جوردون، وهو خبير بريطاني في الأسلحة البيولوجية والكيميائية، إن قوات النظام السوري هي على ما يبدو الطرف الوحيد الذي يمكن أن ينفذ الهجمات بغاز السارين في غوطة دمشق في 2013، لأنها نفذت على نطاق واسع وتمت بشكل احترافي.
وقال: "هذا يثبت بشكل لا لبس فيه أن غاز السارين كان موجودا في سوريا. إذا كانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تمتلك هذا الدليل... فهو بالتأكيد مسمار آخر في هذا النعش".