يضخ النظام الانقلابي في مصر،
مياه البحر، عبر أنبوب يمتد بالتوازي داخل قناة مع طول الحدود بين مصر وقطاع غزة، يتفرع عنه عدة أنابيب تخترق باطن الأرض، الأمر الذي يرى خبراء ومراقبون أنه سيؤدي إلى "تدمير وقتل" كل مظاهر الحياة في تلك المنطقة، ليمتد مع مرور الوقت إلى كامل القطاع.
وقال الخبير المائي زياد أبو هين، إن إغراق حدود
قطاع غزة بمياه البحر شديدة الملوحة عبر
القناة المائية التي يعكف النظام المصري بزعامة عبدالفتاح
السيسي على إتمام إنجازها؛ سيؤدي إلى "تدمير
الخزان الجوفي على المدى الطويل، وهو ما لا يمكن علاجه في عشرات السنين".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "تداخل المياه المالحة يحصل سريعا في الخزان الجوفي الهش، المكون من حجر رملي مفكك نوعا ما، وهو ما يجعله قابلا للانهيار في أي وقت"، واصفا ذلك بأنه "قتل لأهل غزة؛ لأن المصدر الوحيد لمياه الشرب في غالب مناطق القطاع هو المياه الجوفية".
وأشار إلى أن اتجاه سريان المياه من الحدود الفلسطينية المصرية بالنسبة للخزان الجوفي؛ هو من "الشرق نحو الشمال، ومن الجنوب الشرقي نحو الغرب، وهذا يعني أن سريان المياه من تلك المنطقة يشمل كل الخزان الجوفي في قطاع غزة".
مياه عادمة ومدمرة
ونوه أبو هين إلى أن قطاع غزة يعاني في الأصل من ملوحة المياه، حيث "أثبتت الدراسات أن أكثر من 95 بالمئة من مياه الخزان الجوفي؛ لا تصلح للشرب، بحسب المقاييس العالمية"، كاشفا أنه زار المنطقة الحدودية، وحلّل عينة أخذها بعد سكب
الجيش المصري لمياه البحر، فتبين له أن درجة الملوحة ارتفعت من متوسط 1500 جزء في المليون، إلى 22 ألف جزء في المليون، "وهذا بدوره سيدمر التربة أيضا"، على حد قوله.
وخلص إلى أن مشروع الجيش المصري القاضي بإغراق المنطقة الحدودية بمياه البحر؛ سيقتل كل مناحي الحياة البيئية فيها، "فالأشجار لا تنمو في المياه المالحة أبدا، والخضروات التي توجد في هذه المنطقة لا تتحمل المياه المالحة"، مؤكدا أن "حياه الإنسان والنبات والبيئة، بمركباتها المختلفة؛ باتت مهددة".
وحول إمكانية معالجة هذه المشكلة من الناحية العلمية؛ قال أبو هين إنه "ليس هناك حلول، فالمياه المالحة إذا دخلت إلى الخزان الجوفي فإنها تستحيل معالجتها، وبالذات في منطقة رفح التي تعرف بقلة كمية الأمطار فيها؛ لأنها جغرافيا تتبع صحراء سيناء"، مؤكدا أن "كمية الأمطار في تلك المنطقة لا تستطيع أن ترجع للخزان الجوفي عافيته".
أضرار للأبنية والتربة
من جهته؛ لم يستبعد أستاذ الإنشاءات في كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية في غزة، ساري أبو شرار، حدوث انهيارات خلال الفترة القادمة، في منازل المواطنين المقامة بالقرب من الحدود.
وقال لـ"
عربي21" إن "زيادة تركيز الأملاح في المياه؛ يُحدث تفاعلات كيميائية، ومهاجمة للأساسات المكونة من الخرسانة (المادة اللاحمة)، وبالتالي يؤدي إلى تحليل مكوناتها الرئيسة وتآكلها".
وأوضح أن "التأثير السلبي الكبير لزيادة تركيز الأملاح، يمتد ليصل إلى أسياخ الحديد؛ الأمر الذي يؤدي إلى تأكسدها، ومن ثم تآكلها، وهو ما يعمل على تكوين طبقة من الصدأ تتسبب في تشقق الخرسانة"، مشيرا إلى أن منطقة الحدود تتكون من الطين، "ويؤدي تشبع الطين بالمياه إلى انتفاخه، وحدوث تزحلق للتربة، وانهيارات أرضية بالمنطقة"، وهو بالفعل ما حصل، بحسب شهادات العديد من المواطنين لـ"
عربي21".
وكشفت الزيارة الميدانية التي قام بها مراسل "
عربي21" للمنطقة الحدودية، الأسبوع الماضي، استمرار العمل المكثف من قبل الجيش المصري لإنجاز مشروع القناة المائية على طول الحدود بين الطرفين، بهدف إغراق هدم
الأنفاق على الحدود، بالرغم من النداءات والمناشدات المختلفة التي طالبت بوقف هذا المشروع، الذي يتسبب بضرر كبير على الطرفين الفلسطيني والمصري، بحسب خبراء ومختصين.
وبدأ الجيش المصري في 18 أيلول/ سبتمبر الماضي، بضخ كميات كبيرة من مياه البحر في المنطقة الحدودية، ما أدى إلى إغراق الأنفاق على الحدود، وتسرب مياه البحر إلى أراضي المواطنين في مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية.