أيقظت الإجراءات الاقتصادية لحكومة رئيس الوزراء الأردني
عبد الله النسور، حراكا شعبيا من سبات قارب على سنته الرابعة؛ بعد أن انطلق عام 2011 ودخل في حالة الركود في عام 2013، بسبب عوامل داخلية وإقليمية أبرزها توقف عجلة الربيع العربي، والأحداث في سوريا.
وعادت مطالب إسقاط الحكومة ومحاربة الفاسدين للواجهة من جديد بعد رفع أسعار أسطوانة الغاز المنزلي المستخدم في التدفئة والطبخ، مع دخول فصل الشتاء ورفع رسوم ترخيص المركبات.
ورفع مشاركون خلال وقفات احتجاجية في مناطق مختلفة في الأردن، شعارات تطالب بإسقاط الحكومة وتطهير الأردن من الفاسدين.
الناشط الحراكي محمد السنيد أكد لـ"
عربي21" أن الأيام القادمة "ستشهد حراكا أسبوعيا للمطالبة برحيل الحكومة بسبب فشل سياساتها الاقتصادية، ولجوئها لسد عجز الموازنة من خلال جيب المواطن بعيدا عن معالجة أسباب العجز الحقيقية المتمثلة بالفساد ونهب وبيع مؤسسات الوطن".
ويعاني الاقتصاد الأردني من وضع صعب، إذ إنه يقدر إجمالي الدين العام بـ 31 مليار دولار في نهاية الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بحسب بيانات وزارة المالية، التي بينت أن مجموع الدين العام أصبح يشكل 81.4% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام الحالي.
ودعا السنيد لتغيير النهج الاقتصادي الشامل، مؤكدا وجود "غضب شعبي واضح واجهته الحكومة في فترات سابقة بفزاعات كتخويف المواطنين من فقدان الأمن والأمان".
تحالف نيابي لإسقاط الحكومة
نيابيا، وقع 71 نائبا أردنيا على مذكرة تطالب بحجب الثقة عن الحكومة في الوقت الذي يحتاج فيه نجاح التصويت إلى الأكثرية المطلقة (76 عضوا) من مجموع عدد أعضاء مجلس البرلمان، بحسب الدستور الأردني.
وتساءلت النائب رولى الحروب في دعوتها النواب إلى طرح الثقة بالحكومة: "إلى متى الصمت؟ ومم الخوف؟ لم يعد في جسدنا مكان إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح، آن لهذا المجلس أن يطرح الثقة في هذه الحكومة التي تتغذى من ضعفنا".
بينما أكد النائب عساف الشوبكي لـ"
عربي21" أن "دور النواب أصبح هامشيا بعد أن تغولت السلطة التنفيذية على التشريعية، وأصبح هدف الحكومة جيب المواطن".
وقدرت الحكومة الأردنية حجم القروض التي تسعى للحصول عليها عام 2016 المقبل من المصارف المحلية والمؤسسات الخارجية بنحو 6.974 مليارات دينار، أي 9.831 مليار دولار، بزيادة مقدارها نحو 909 ملايين دينار، أي 1.281 مليار دولار، عن حجم الاقتراض في عام 2015 الجاري.
وتابع الشوبكي بأن الحكومة التي جاءت على أساس محاربة
الفساد، لم تقدم رأسا واحدا لمكافحة الفساد، ولم تقدم مشروعا إصلاحيا واحدا، وكل ما قامت به هو سن قوانين هزيلة مررها غالبية النواب الذين تحركهم الحكومة.
وحول عودة
الحراك الشعبي الاحتجاجي أكد العساف أن الحكومة استغلت الحالة الأمنية و"حس المواطن وحرصه على أمن الوطن كون المحيط ملتهبا، وأمعنت بظلم المواطن ورفعت الأسعار، الأمر الذي خلف مشاكل اجتماعية وانتشار الجريمة".
ماض أليم
ولم يقتصر الحراك المناهض لحكومة النسور على الأرض؛ فقد غصت شبكات التواصل الاجتماعي بحملات وتصريحات تطالب بإسقاط الحكومة، وشن نواب ومسؤولون سابقون إلى جانب المواطنين هجوما على الحكومة، كان أبرزها هجوم مساعد مدير الأمن العام السابق اللواء عباس الدبوبي على حكومة النسور بعد رفعها رسوم ترخيص المركبات.
وشن رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، هجوما عنيفا على النسور بتغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قال فيها: "معدلات الضريبة مرتفعة جدا. الطريقة الصحيحة لرفع الإيرادات على المدى الطويل هي خفض معدلات الضرائب".
وأطلق مغردون وسما على موقع "تويتر" تحت عنوان "
#اقترح_للنسور_ضريبه_جديده" نشروا عليه الماضي الأليم للنسور في اقتراح الضرائب، حيث إنه اقترح حين كان وزيرا في الثمانينيات "ضريبة شرف الالتحاق بالجامعة"، وتهافت مغردون ساخرون باقتراح أسماء ضرائب منها: "ضريبة لكل أردني يشاهد المسلسل الهندي كوشي"، و"ضريبة على الأوكسجين"، و"ضريبة على كل تغريدة في تويتر".
الحكومة تبرر
من جهته، برر الناطق باسم الحكومة وزير الإعلام محمد المومني، في حديثه الأسبوعي لبرنامج "اسأل الحكومة" الذي يبثه راديو البلد المحلي فرض الحكومة للضرائب بقوله: "من أين ستصرف الحكومة إذا لم تفرض ضرائب ورسوم؟ جميع الحكومات في العالم إيراداتها من الضرائب"، مضيفا أن "الحكومة لا تسعر المحروقات في غرف مغلقة، وتقوم بذلك بشفافية بحسب السعر العالمي مستشهدا بأن سعر أسطوانة الغاز كان عشرة دنانير، ثم خفضتها الحكومة بحسب السعر العالمي، وما زالت أغلى من تكلفتها بالأسواق العالمية".
وقال في معرض رده على اتصالات مواطنين: "نحن حكومة من أبناء البلد نتخذ قراراتنا انطلاقا من الصالح العام لا نرهب أحدا".
وارتبط اسم رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، برفع السلع والخدمات منذ توليه لمهامه عام 2012، ويطلق أردنيون عليه اسم "أبي رافع" ورفعت حكومة النسور سعار الكهرباء والمحروقات وتحديدا أسطوانة الغاز التي ارتفع سعرها من 6.5 دينار إلى 10 دنانير بنسبة وصلت إلى 35% للغاز المنزلي، بينما ارتفع سعر البنزين بنسبة 20%.
وخلال عام 2014، رفعت الحكومة أسعار الكهرباء على القطاع الصناعي والتجاري بنسبة وصلت إلى 15%، بينما رفعته على القطاع المنزلي لمن يزيد استهلاكه على 600 واط، وصولا إلى رفع الدعم عن الكهرباء كليا لجميع القطاعات، بما فيها المنزلي مع نهاية عام 2017. كما أنها رفعت رسوم السجائر والملابس المستوردة والمياه وأجور النقل وأسعار الطحين ورسوم جوزات السفر، وغيرها من السلع والخدمات.