أثار استعراض قوات كردية لعشرات الجثث من مقاتلين ينتمون للثوار، كانوا قد قضوا في كمين في ريف
حلب الشمالي؛ موجات غضب عارمة وردود فعل متعددة، ما دعا الوحدات الكردية لإصدار بيان تقول فيه إن الاستعراض كان عملا "فرديا".
وكان عشرات من عناصر
الجيش الحر، وخصوصا من جيش السنة، قد قتلوا في كمين نصبته الوحدات الكردية قرب مدينة
عفرين في ريف حلب، ثم قامت الوحدات بوضع الجثث على ظهر شاحنة معدة لحمل الدبابات، ثم جابت شوارع مدينة عفرين بين المدنيين الخميس الماضي.
لكن هذه الحادثة طرحت تساؤلات بشأن الأسباب الحقيقية التي دفعت بمقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي إلى ارتكاب فعل وصف بأنه "تجاوز فاضح لأبسط الحقوق الإنسان".
ويرى الإعلامي السوري حارث عبد الحق أن بيان الوحدات الكردية لم يدن ما جرى صراحة، ولم يأت إلا في إطار الرسائل الكثيرة التي أرادت الأخيرة إيصالها.
ويوضح لـ"
عربي21": "المقاتلون
الأكراد خططوا عبر استعراض الجثث هذا إلى منع فصائل المعارضة من القيام بعمل عسكري ضدهم في المستقبل، وإلى أهداف أخرى كثيرة، ومن ثم كان هذا البيان للظهور بمظهر الطرف العسكري الأكثر إنسانية على الساحة السورية"، وفق تقديره.
وفي الوقت الذي استبعد فيه عبد الحق أن يكون هذا الاستعراض عملا فرديا وفق ما جاء في بيان الوحدات الكردية، ربط الناشط الكردي وعضو اتحاد الديمقراطيين السوريين، عبد الباري عثمان، بين توقيت الحادثة وفشل مساعي النظام الرامية إلى اشعال نار الفتنة في مدينة القامشلي، معتبرا أن ما جرى "خدمة لصالح النظام".
وقال عثمان لـ"
عربي21": "هذه التصرفات لا تمثل أخلاق الشعب الكردي، ولا نقبل بهذه التصرفات. وأضاف: "لقد تحدثت إلى عمر علوشو، القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وأكد لي أن هذا التصرف ليس محل ترحيب من الحزب".
وبينما رأى الناشط الكردي في هذا خسارة بكل المقاييس للوحدات الكردية، ذهب القاضي حسين حمادة؛ إلى اعتبار أن ما جرى "مفيد للمقاتلين الأكراد"، فبرأيه أن الحادثة تدلل على استحالة التعايش، وتقوي من حضور فكرة التقسيم وفق مشروع الشرق الأوسط، وفق تقديره.
وقال حمادة، العضو السابق في هيئة قوى الثورة في مدينة حلب، لـ"
عربي21"؛ إن الولايات المتحدة هي المحرك الرئيسي لسياسات العالم، وسياستها تقوم على مبدأ "الفوضى الخلاقة"، وصولا إلى تقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى كيانات على أساس ديني وعرقي، وهذا لن يتحقق إلا بزيادة الشرخ بين الشعوب المحلية.
وعليه، يقارب القاضي المنشق عن النظام السوري؛ بين السياسة الأمريكية التي تحدث عنها، وبين دعمها التحريضي لفرقاء متحاربين في
سوريا، موضحا أن "الولايات المتحدة تدعم الوحدات الكردية، وتدعم بعض فصائل المعارضة في آن واحد".
في غضون ذلك، ألمح قائد عسكري في "جبهة تركمان سوريا"، طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن تصوير الأكراد لجثث مقاتلين ينتمون لفصائل متحالفة مع تركيا، "ما هو إلا تحد للأخيرة". وتابع، في حديث لـ"
عربي21": "الوحدات تعتبر أن تحركات هذه الفصائل بأوامر تركية، وأبعد من ذلك هم يعتبرونهم بمثابة الجنود الأتراك".
وفي خطوة وصفت بـ"المتأخرة"، أدان المجلس الوطني الكردي، في بيان تسلمت "
عربي21" نسخة منه الجمعة، استعراض الوحدات الكردية لجثث الثوار، واصفاً ذلك بـ"العمل البربري الوحشي".